الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - ( مسألة ) : إذا أجمع على قولين وأحدث [ قول ] ثالث ، منعه الأكثر .

            كوطء البكر ، قيل : بمنع الرد ، وقيل : مع الأرش . فالرد مجانا ثالث .

            [ ص: 590 ] وكالجد مع الأخ ، قيل : المال كله ، وقيل : المقاسمة . فالحرمان ، ثالث .

            وكالنية في الطهارات ، قيل : تعتبر ، وقيل : في البعض . فالتعميم بالنفي ، ثالث .

            وكالفسخ بالعيوب الخمسة ، قيل يفسخ بها ، وقيل : لا . فالفرق ، ثالث .

            وكأم مع زوج أو زوجة وأب ، قيل : الثلث ، وقيل : ثلث ما بقي . فالفرق ، ثالث . والصحيح : التفصيل .

            إن كان الثالث يرفع ما اتفقا عليه فممنوع ، [ كالبكر ، والجد ، والطهارات ] ، وإلا فجائز ، كفسخ النكاح ببعض ، وكالأم ; فإنه يوافق في كل صورة مذهبا .

            التالي السابق


            ش - المسألة الثالثة عشرة : إذا أجمع أهل العصر على قولين مختلفين في مسألة ، واستقر رأي جميعهم فيها على المذهبين هل يجوز لمن بعدهم إحداث قول ثالث أم لا ؟ [ ص: 591 ] منعه الأكثر مطلقا .

            وجوزه بعض الحنفية وبعض الشيعة وبعض الظاهرية مطلقا .

            وذلك كما إذا وطئ المشتري الجارية البكر ثم وجد بها عيبا ، قيل : إن وطء الجارية يمنع ردها . وقيل : يرد الجارية مع أرش البكارة .

            فالقول بردها مجانا ، أي بلا أرش ، قول ثالث .

            وكالجد مع الأخ في الميراث ، قيل : المال كله للجد ، وقيل : المقاسمة ، أي تقسيم المال بينهما مناصفة . فالقول بحرمان الجد قول ثالث .

            وكالنية في الطهارات . قيل تعتبر في جميعها ، أعني الوضوء والغسل والتيمم ، وقيل تعتبر في بعض منها ، وهو التيمم ، فالقول بتعميم النفي - وهو أن لا تعتبر في شيء من الطهارات - قول ثالث .

            وكفسخ النكاح بالعيوب الخمسة التي هي البرص ، والجذام ، والجنون ، والجب ، والعنة في الزوج .

            والثلاثة الأول مع القرن والرتق في الزوجة .

            قيل : يفسخ بها ، أي بالعيوب الخمسة ، وقيل : لا يفسخ بشيء منها . فالقول بالفرق - وهو الفسخ ببعض دون بعض - قول ثالث .

            [ ص: 592 ] وكالأبوين مع زوج أو زوجة في الميراث ، قيل : ثلث جميع المال للأم ، وقيل : ثلث ما بقي بعد نصيب الزوج أو الزوجة للأم ، فالقول بالفرق - وهو أن يكون للأم ثلث المال كله في إحدى الصورتين وثلث الباقي في الصورة الأخرى - قول ثالث .

            ثم قال المصنف : والصحيح في هذه المسألة ، التفصيل ، أي إن كان القول الثالث يرفع ما اتفق القولان عليه ، فهو ممنوع ، كوطء البكر ، فإن القول الثالث - وهو الرد مجانا - يرفع ما اتفقا عليه ; لأنهما اتفقا على امتناع الرد من غير أرش .

            وكالجد مع الأخ ، فإن القول الثالث - وهو حرمان الجد - يرفع ما اتفقا عليه ; فإنهما قد اتفقا على عدم حرمان الجد .

            وكالطهارات ، فإن القول الثالث - وهو نفي التعميم - يرفع ما اتفقا عليه ; فإنهما قد اتفقا على اشتراطهما في البعض .

            وإلا ، أي وإن لم يكن القول الثالث رافعا لما اتفقا عليه ، فهو جائز ، كفسخ النكاح ، فإن القول الثالث - وهو الفسخ ببعض العيوب دون بعض - لم يكن رافعا لما اتفقا عليه ، فإنه يكون موافقا لكل من القولين في صورة .

            وكالأم ، فإن القول الثالث - وهو أن للأم ثلث جميع المال في إحدى الصورتين ، وثلث الباقي في الصورة الأخرى يوافق في كل من الصورتين مذهبا .




            الخدمات العلمية