الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          موه

                                                          موه : الماء والماه والماءة : معروف . ابن سيده : وحكى بعضهم اسقني ما ; مقصور ، على أن سيبويه قد نفى أن يكون اسم على حرفين أحدهما التنوين ، وهمزة ماء منقلبة عن هاء بدلالة ضروب تصاريفه ، على ما أذكره الآن من جمعه وتصغيره ، فإن تصغيره مويه ، وجمع الماء أمواه ومياه ، وحكى ابن جني في جمعه أمواء ، قال أنشدني أبو علي :


                                                          وبلدة قالصة أمواؤها تستن في رأد الضحى أفياؤها     كأنما قد رفعت سماؤها

                                                          أي مطرها . وأصل الماء ماه ، والواحدة ماهة وماءة . قال الجوهري : الماء الذي يشرب والهمزة فيه مبدلة من الهاء ، وفي موضع اللام ، وأصله موه ، بالتحريك ; لأنه يجمع على أمواه في القلة ومياه في الكثرة مثل جمل وأجمال وجمال ، والذاهب منه الهاء ، لأن تصغيره مويه ، وإذا أنثته قلت ماءة مثل ماعة . وفي الحديث : كان موسى - عليه السلام - يغتسل عند مويه ; هو تصغير ماء . قال ابن الأثير : أصل الماء موه . وقال الليث : الماء مدته في الأصل زيادة ، وإنما هي خلف من هاء محذوفة ، وبيان ذلك أن تصغيره مويه ، ومن العرب من يقول ماءة كبني تميم يعنون الركية بمائها ; فمنهم من يرويها ممدودة ماءة ، ومنهم من يقول هذه ماة مقصورة ، وماء كثير على قياس شاة وشاء . وقال أبو منصور : أصل الماء ماه بوزن قاه ، فثقلت الهاء مع الساكن قبلها فقلبوا الهاء مدة ، فقالوا ماء كما ترى ، قال : والدليل على أن الأصل فيه الهاء قولهم أماه فلان ركيته ، وقد ماهت الركية ، وهذه مويهة عذبة ، ويجمع مياها . وقال الفراء : يوقف على الممدود بالقصر والمد ; شربت ماء ، قال : وكان يجب أن يكون فيه ثلاث ألفات ، قال : وسمعت هؤلاء يقولون شربت مي يا هذا ، وهذه بي يا هذا ، وهذه ب حسنة ، فشبهوا الممدود بالمقصور والمقصور بالممدود ، وأنشد :


                                                          يا رب هيجا هي خير من دعه

                                                          فقصر ، وهو ممدود ، وشبهه بالمقصور ، وسمى ساعدة بن جؤية الدم ماء اللحم ، فقال يهجو امرأة :


                                                          شروب لماء اللحم في كل شتوة     وإن لم تجد من ينزل الدر تحلب

                                                          وقيل : عنى به المرق تحسوه دون عيالها ، وأراد : وإن لم تجد من يحلب لها حلبت هي ، وحلب النساء عار عند العرب ، والنسب إلى الماء مائي ، وماوي في قول من يقول عطاوي . وفي التهذيب : والنسبة إلى الماء ماهي . الكسائي : وبئر ماهة وميهة أي كثيرة الماء . والماوية : المرآة صفة غالبة ، كأنها منسوبة إلى الماء لصفائها حتى كأن الماء يجري فيها ; منسوبة إلى ذلك ، والجمع ماوي ، قال :


                                                          ترى في سنا الماوي بالعصر والضحى     على غفلات الزين والمتجمل

                                                          والماوية : البقرة لبياضها . وماهت الركية تماه وتموه وتميه موها وميها ومئوها وماهة وميهة ، فهي ميهة وماهة : ظهر ماؤها وكثر ، ولفظة تميه تأتي بعد هذا في الياء هناك من باب باع يبيع ، وهو هنا من باب حسب يحسب كطاح يطيح وتاه يتيه ، في قول الخليل ، وقد أماهتها مادتها وماهتها . وحفر البئر حتى أماه وأموه أي بلغ الماء . وأماه الحافر أي أنبط الماء . وموه الموضع : صار فيه الماء ، قال ذو الرمة :


                                                          تميمية نجدية دار أهلها     إذا موه الصمان من سبل القط

                                                          وقيل : موه الصمان صار مموها بالبقل . ويقال : تموه ثمر النخل والعنب إذا امتلأ ماء وتهيأ للنضج . أبو سعيد : شجر موهي إذا كان [ ص: 154 ] مسقويا ، وشجر جزوي يشرب بعروقه ولا يسقى . وموه فلان حوضه تمويها إذا جعل فيه الماء . وموه السحاب الوقائع . ورجل ماه الفؤاد وماهي الفؤاد : جبان كأن قلبه في ماء ; عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


                                                          إنك يا جهضم ماهي القلب

                                                          قال : كذا ينشده ، والأصل مائه القلب لأنه من مهت . ورجل ماه أي كثير ماء القلب ، كقولك رجل مال ، وقال :


                                                          إنك يا جهضم ماه القلب     ضخم عريض مجرئش الجنب

                                                          ماه القلب : بليد ، والمجرئش : المنتفخ الجنبين . وأماهت الأرض : كثر ماؤها وظهر فيها النز . وماهت السفينة تماه وتموه وأماهت : دخل فيها الماء . ويقال : أماهت السفينة بمعنى ماهت . اللحياني : ويقال امهني اسقني . ومهت الرجل ومهته ، بضم الميم وكسرها : سقيته الماء . وموه القدر : أكثر ماءها . وأماه الرجل والسكين وغيرهما : سقاه الماء ، وذلك حين تسنه به . وأمهت الدواة : صببت فيها الماء . ابن بزرج : موهت السماء أسالت ماء كثيرا . وماهت البئر وأماهت في كثرة مائها ، وهي تماه وتموه إذا كثر ماؤها . ويقولون في حفر البئر : أمهى وأماه ، قال ابن بري : وقول امرئ القيس :


                                                          ثم أمهاه على حجره

                                                          هو مقلوب من أماهه ، ووزنه أفعله . والمها : الحجر ، مقلوب أيضا ، وكذلك المها ماء الفحل في رحم الناقة . وأماه الفحل إذا ألقى ماءه في رحم الأنثى . وموه الشيء : طلاه بذهب أو بفضة وما تحت ذلك شبه أو نحاس أو حديد ، ومنه التمويه وهو التلبيس ، ومنه قيل للمخادع : مموه . وقد موه فلان باطله إذا زينه وأراه في صورة الحق . ابن الأعرابي : الميه طلاء السيف وغيره بماء الذهب ، وأنشد في نعت فرس :


                                                          كأنه ميه به ماء الذهب

                                                          الليث : الموهة لون الماء . يقال : ما أحسن موهة وجهه . قال ابن بري : يقال وجه مموه أي مزين بماء الشباب ، قال رؤبة :


                                                          لما رأتني خلق المموه

                                                          والموهة : ترقرق الماء في وجه المرأة الشابة . وموهة الشباب : حسنه وصفاؤه . ويقال : عليه موهة من حسن ومواهة وموهة إذا منحه . وتموه المال للسمن إذا جرى في لحومه الربيع . وتموه العنب إذا جرى فيه الينع وحسن لونه . وكلام عليه موهة أي حسن وحلاوة ، وفلان موهة أهل بيته . ابن سيده : وثوب الماء الغرس الذي يكون على المولود ، قال الراعي :


                                                          تشق الطير ثوب الماء عنه     بعيد حياته ، إلا الوتينا

                                                          وماه الشيء بالشيء موها : خلطه ; عن كراع . وموه عليه الخبر إذا أخبره بخلاف ما سأله عنه . وحكى اللحياني عن الأسدي : آهة وماهة ، قال : الآهة الحصبة ، والماهة الجدري . وماه : موضع ، يذكر ويؤنث . ابن سيده : وماه مدينة لا تنصرف لمكان العجمة . وماه دينار : مدينة أيضا ، وهي من الأسماء المركبة . ابن الأعرابي : الماه قصب البلد ، قال : ومنه ضرب هذا الدينار بماه البصرة وماه فارس ، الأزهري : كأنه معرب . والماهان : الدينور ونهاوند ; أحدهما ماه الكوفة ، والآخر ماه البصرة . وفي حديث الحسن : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشترون السمن المائي ، قال ابن الأثير : هو منسوب إلى مواضع تسمى ماه يعمل بها ، قال : ومنه قولهم ماه البصرة وماه الكوفة ، وهو اسم للأماكن المضافة إلى كل واحدة منهما ، فقلب الهاء في النسب همزة أو ياء ، قال : وليست اللفظة عربية . وماويه : ماء لبني العنبر ببطن فلج ، أنشد ابن الأعرابي :


                                                          وردن على ماويه بالأمس نسوة     وهن على أزواجهن ربوض

                                                          وماوية : اسم امرأة ، قال طرفة :


                                                          لا يكن حبك داء قاتلا     ليس هذا منك ، ماوي ، بحر

                                                          قال : وتصغيرها موية ، قال حاتم طيء يخاطب ماوية ; وهي امرأته :


                                                          فضارته موي ولم تضرني     ولم يعرق موي لها جبيني

                                                          يعني الكلمة العوراء . وماهان : اسم . قال ابن سيده : قال ابن جني : لو كان ماهان عربيا فكان من لفظ هوم أو هيم لكان لعفان ، ولو كان من لفظ الوهم لكان لفعان ، ولو كان من لفظ هما لكان علفان ، ولو وجد في الكلام تركيب وم ه فكان ماهان من لفظه لكان مثاله عفلان ، ولو كان لفظ النهم لكان لاعافا ، ولو كان من لفظ المهيمن لكان عافالا ، ولو كان في الكلام تركيب م ن ه فكان ماهان منه لكان فالاعا ، ولو كان ن م ه لكان عالافا . وماء السماء : لقب عامر بن حارثة الأزدي ، وهو أبو عمرو مزيقيا الذي خرج من اليمن لما أحس بسيل العرم ، فسمي بذلك لأنه كان إذا أجدب قومه مانهم حتى يأتيهم الخصب ، فقالوا : هو ماء السماء لأنه خلف منه ، وقيل لولده : بنو ماء السماء ، وهم ملوك الشأم ، قال بعض الأنصار :


                                                          أنا ابن مزيقيا عمرو     وجدي أبوه عامر ماء السماء

                                                          وماء السماء أيضا : لقب أم المنذر بن امرئ القيس بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نصر اللخمي ، وهي ابنة عوف بن جشم من النمر بن قاسط ، وسميت بذلك لجمالها ، وقيل لولدها بنو ماء السماء ، وهم ملوك العراق ، قال زهير :


                                                          ولازمت الملوك من آل نصر     وبعدهم بني ماء السماء

                                                          وفي حديث أبي هريرة : أمكم هاجر يا بني ماء السماء ; يريد العرب لأنهم كانوا يتبعون قطر السماء فينزلون حيث كان ، وألف الماء منقلبة عن واو . وحكى الكسائي : باتت الشاء ليلتها ماء ماء وماه ماه ، وهو حكاية صوتها .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية