الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( والذي يوجب الغسل إيلاج الحشفة في الفرج ، وخروج المني ، والحيض ، والنفاس ، فأما إيلاج الحشفة فإنه يوجب الغسل لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { إذا التقى الختانان وجب الغسل } " والتقاء الختانين يحصل بتغييب الحشفة في الفرج ، وذلك أن ختان الرجل هو الجلد الذي يبقى بعد الختان ، وختان المرأة جلدة كعرف الديك فوق الفرج ، فتقطع منها في الختان ، فإذا غابت الحشفة في الفرج حاذى ختانه ختانها ، وإذا تحاذيا فقد التقيا ، ولهذا يقال : التقى الفارسان إذا تحاذيا وإن لم يتضاما ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) حديث عائشة صحيح رواه مسلم بمعناه ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان وجب الغسل } " هذا لفظ مسلم ، رواه الشافعي وغيره بلفظه في المهذب وإسناده أيضا صحيح ، وفي المسألة أحاديث كثيرة ، سأذكرها إن شاء الله تعالى في فرع مذاهب العلماء ; وأما قول المصنف : والتقاء الختانين يحصل بتغييب الحشفة إلى آخره ، فهو لفظ الشافعي رحمه الله ، وتابعه عليه الأصحاب ، وبين الشيخ أبو حامد فرج المرأة ، والتقاء الختانين بيانا شافيا فقال هو وغيره : ختان الرجل هو الموضع الذي يقطع منه في حال الختان وهو ما دون حزة الحشفة . [ ص: 149 ]

                                      وأما ختان المرأة - فاعلم - أن مدخل الذكر هو مخرج الحيض والولد والمني ، وفوق مدخل الذكر ثقب مثل إحليل الرجل ، هو مخرج البول ، وبين هذا الثقب ومدخل الذكر جلدة رقيقة ، وفوق مخرج البول جلدة رقيقة مثل ورقة بين الشفرين ، والشفران تحيطان بالجميع ، فتلك الجلدة الرقيقة يقطع منها في الختان وهي ختان المرأة ; فحصل أن ختان المرأة مستعل ، وتحته مخرج البول ، وتحت مخرج البول مدخل الذكر . قال البندنيجي وغيره : ومخرج الحيض الذي هو مخرج الولد ومدخل الذكر هو خرق لطيف ، فإذا افتضت البكر اتسع ذلك الخرق فصارت ثيبا . قال أصحابنا : فالتقاء الختانين أن تغيب الحشفة في الفرج ، فإذا غابت فقد حاذى ختانه ختانها ، والمحاذاة هي التقاء الختانين ، وليس المراد بالتقاء الختانين التصاقهما وضم أحدهما إلى الآخر ، فإنه لو وضع موضع ختانه على موضع ختانها ، ولم يدخله في مدخل الذكر لم يجب غسل بإجماع الأمة ، هذا كلام الشيخ أبي حامد وغيره ، زيد بعضهم على بعض . قال صاحب الحاوي : وشبه العلماء الفرج بعقد الأصابع خمسة وثلاثين ، فعقد الثلاثين هو صورة الفرج وعقد الخمسة بعدها في أسفلها هي مدخل الذكر ومخرج المني والحيض والولد ، والله أعلم .

                                      ( أما حكم المسألة ) فالذي يوجب اغتسال الحي أربعة متفق عليها ; وهي إيلاج حشفة الذكر في فرج ، وخروج المني والحيض والنفاس ، وفي خروج الولد والعلقة والمضغة خلاف نذكره إن شاء الله تعالى قريبا ، ولم يذكره المصنف هنا وسنذكره قريبا . وإنما لم يذكره لأنه مندرج عنده في خروج المني ; لأنه مني منعقد . ويجب غسل الميت وله باب معروف ، وقد يجب غسل البدن بعارض بأن يصيبه كله نجاسة ، أو تقع في موضع منه ويخفى مكانها . أما إيلاج الحشفة فيوجب الغسل بلا خلاف عندنا ، والمراد بإيلاجها إدخالها بكمالها في فرج حيوان آدمي أو غيره ، قبله أو دبره ، ذكر أو أنثى ، حي أو ميت ، صغير أو كبير ، فيجب الغسل في كل ذلك ، والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية