الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 111 ] 806 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله : " خياركم من تعلم القرآن وعلمه "

5115 - حدثنا يزيد بن سنان وإبراهيم بن مرزوق ، قالا : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا شعبة ، عن علقمة بن مرثد ، عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : خيركم من علم القرآن وتعلمه .

قال أبو عبد الرحمن : وذلك أقعدني هذا المقعد . قال : وكان يعلم القرآن . [ ص: 112 ]

5116 - وحدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو عامر العقدي ، وأبو الوليد الطيالسي ، قالا : حدثنا شعبة ، ثم ذكر بإسناده مثله .

قال : وكان أبو عبد الرحمن يعلم في حياة عثمان إلى زمن الحجاج ، ويقول : ذلك أقعدني مقعدي هذا . واللفظ لأبي الوليد .

5117 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثناه أبو عاصم وبشر بن عمر ، قالا : حدثنا شعبة ، ثم ذكر بإسناده مثله.

5118 - وحدثنا يزيد ، وصالح بن عبد الرحمن ، وعلي بن شيبة ، وموسى بن النعمان ، قالوا : حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ ، قال : حدثنا شعبة ، عن علقمة بن مرثد ، عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : خيركم من تعلم القرآن وعلمه .

5119 - وحدثنا الحسين بن نصر وسليمان بن شعيب ، قالا : حدثنا عبد الرحمن بن زياد ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أخبرني علقمة بن [ ص: 113 ] مرثد ، قال : سمعت سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال شعبة : قلت أنا له : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن خيركم من علم القرآن وتعلمه .

قال أبو جعفر : هكذا حدث شعبة بهذا الحديث ، وقد خالفه فيه الثوري ، فنقص من إسناده سعد بن عبيدة ، فلم يذكر فيه .

5120 - كما حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن وهب ، قال : سمعت سفيان الثوري ، يحدث عن علقمة بن مرثد ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه .

5121 - وكما حدثنا حسين بن نصر ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : [ ص: 114 ] حدثنا سفيان ، عن علقمة ، ثم ذكر بإسناده مثله.

5122 - وكما حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، قال : حدثنا سفيان ، عن علقمة ، عن أبي عبد الرحمن ، قال : سمعت عثمان - رضي الله عنه - يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - ثم ذكر مثله .

5123 - وكما حدثنا أبو شريح محمد بن زكريا وابن أبي مريم ، قالا : حدثنا الفريابي ، قال : حدثنا الثوري ، عن علقمة ، عن أبي عبد الرحمن ، عن عثمان ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه - أو علم القرآن فعلموا .

قال أبو جعفر : هكذا يحدث الناس جميعا ممن يحدث ، عن الثوري ، بهذا الحديث ، لا يذكرون في إسناده سعد بن عبيدة ، غير يحيى بن سعيد ، فإنه حدث به عن سفيان ، فذكر سعد بن عبيدة .

5124 - كما حدثنا أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا عمرو بن علي [ ص: 115 ] ، قال : حدثنا يحيى - يعني ابن سعيد - قال : حدثنا شعبة وسفيان ، قالا : حدثنا علقمة بن مرثد ، عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن ، عن عثمان ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : خياركم من علم القرآن ، أو تعلمه .

قلت ليحيى : إنهم لا يقولون : عن سفيان ، عن سعد بن عبيدة ، قال : سمعته من سفيان ، ثم حدثنا به سفيان ، فلم أنكره .

[ ص: 116 ]

5125 - حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا أحمد بن إسحاق الحضرمي ويحيى بن إسحاق السيلحيني ، قالا : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد ، قال : سمعت عليا - عليه السلام - يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : خياركم من تعلم القرآن وعلمه .

5126 - وكما حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا عفان بن مسلم ، قال : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، ثم ذكر بإسناده .

[ ص: 117 ]

5127 - وكما حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن شيبة الجدي ، قال : حدثنا شريك ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي عبد الرحمن ، عن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : خياركم من قرأ القرآن وأقرأه .

فتأملنا معنى هذا الحديث لنقف به على المعنى الذي استحق به من تعلم القرآن وعلمه الخيار على من سواه من أمثاله ، فوجدنا أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - خير الأمم ، ووجدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد فضل القرن الذي بعث فيه منها على بقيتها ، ثم فضل القرن الذي يليه على بقيتها بعده بقوله : " خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم ، ثم الذين يلونهم " . وقد ذكرنا ذلك بأسانيده فيما تقدم منا في كتابنا هذا .

وكان في هذا الحديث إعلام رسول الله الناس ما يكونون به خيار [ ص: 118 ] القرن الذين هم منه ، وأنهم الذين تعلموا القرآن وعلموه ، ولما كانوا بذلك خيارا قد فضلوا من سواهم من أهل القرن الذين هم منه ، وكانوا في أنفسهم قد يجوز أن يكونوا متفاضلين ، فيكون بعضهم أفضل من بعض بمعنى زائد على المعنى المذكور في هذا الحديث من العلم بأحكام الله - عز وجل - التي في كتابه ، والتي أجراها على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - ممن ليس بقيتهم فيها كذلك ، فيكون من ذلك فيه أفضل ممن سواه ممن هو من أهل قرنه الذي هو منه ، ثم يكونون كذلك كلما تعالوا بمعنى من هذه المعاني ، وبما سواها من الأشياء التي يحمدون عليها ، حتى يكون من كان كذلك ، يفضل من سواه ممن هو في طبقته ، فيكون من كان كذلك خيار تلك الطبقة ، ويكونون كذلك طبقة بعد طبقة ، حتى يتناهى ذلك إلى من هو أعلاهم في تلك المعاني كلها ، فيكون هو خيرهم ، ويكون ما قد ذكرنا في القرن الأول من أمة نبينا - صلى الله عليه وسلم - في القرن الثاني منها كذلك ، وفيمن سواه من القرون في أمته قرنا فقرنا كذلك أيضا ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية