الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب أن أفضل التطوع مثنى مثنى فيه عن ابن عمر وعائشة وأم هانئ وقد سبق .

                                                                                                                                            973 - ( وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { صلاة الليل والنهار مثنى مثنى } رواه الخمسة ، وليس هذا بمناقض لحديثه الذي خص فيه الليل بذلك لأنه وقع جوابا عن سؤال سائل عينه في سؤاله ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث ابن عمر الذي أشار إليه المصنف قد تقدم في باب الوتر بركعة . وحديث عائشة المشار إليه تقدم في باب الوتر بركعة أيضا . وحديث أم هانئ تقدم في باب الضحى . وحديث ابن عمر المذكور في الباب قد تقدم الكلام عليه أيضا في شرح حديثه [ ص: 96 ] المتقدم في باب الوتر بركعة ، وفي الباب عن عمرو بن عبسة عند أحمد بدون ذكر النهار .

                                                                                                                                            وعن ابن عباس عند الطبراني وابن عدي بنحو حديث عمرو بن عبسة . وعن عمار عند الطبراني في الكبير بنحوه ، وفي إسناده الربيع بن بدر وهو ضعيف

                                                                                                                                            والحديث يدل على أن المستحب في صلاة تطوع الليل والنهار أن يكون مثنى مثنى إلا ما خص من ذلك إما في جانب الزيادة كحديث عائشة { صلى أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم صلى أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن } وإما في جانب النقصان كأحاديث الإيتار بركعة . وقد أشار المصنف رحمه اللهإلى الجمع بين حديث ابن عمر هذا وحديثه الذي تقدم الاقتصار فيه على صلاة الليل بأن حديثه المتقدم وقع جوابا لسؤال سائل .

                                                                                                                                            وأيضا حديثه هذا مشتمل على زيادة وقعت غير منافية فيتحتم العمل بها كما تقدم .

                                                                                                                                            974 - ( وعن أبي أيوب { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام يصلي من الليل ، صلى أربع ركعات لا يتكلم ولا يأمر بشيء ، ويسلم بين كل ركعتين } ) .

                                                                                                                                            975 - ( وعن عائشة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرقد ، فإذا استيقظ تسوك ثم توضأ ثم صلى ثمان ركعات يجلس في كل ركعتين ويسلم ، ثم يوتر بخمس ركعات لا يجلس ولا يسلم إلا في الخامسة } ) .

                                                                                                                                            976 - ( وعن المطلب بن ربيعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { الصلاة مثنى مثنى وتشهد وتسلم في كل ركعتين وتبأس وتمسكن وتقنع يديك وتقول : اللهم ، فمن لم يفعل ذلك فهي خداج } . رواهن ثلاثتهن أحمد ) . أما حديث أبي أيوب فأخرجه أيضا الطبراني في الكبير ، وفي إسناده واصل بن السائب وهو ضعيف ، وزاد أحمد في رواية " يستاك من الليل مرتين أو ثلاثا " وأما حديث عائشة فيشهد له ما أخرجه الطبراني في الأوسط عن أنس قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحيي الليل بثماني ركعات ، ركوعهن كقراءتهن ، وسجودهن كقراءتهن ، ويسلم بين كل ركعتين } .

                                                                                                                                            وفي إسناده جنادة بن مروان اتهمه أبو حاتم . وأما الإيتار بخمس متصلة فهو ثابت عند مسلم والترمذي والنسائي من حديثها وقد تقدم وأما حديث المطلب بن ربيعة فأخرجه أيضا أبو داود قال : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا معاذ ، حدثنا شعبة ، حدثني عبد ربه بن سعيد [ ص: 97 ] عن أنس بن أبي أنس عن عبد الله بن نافع عن عبد الله بن الحارث عن المطلب فذكره . وقال المنذري : أخرجه البخاري وابن ماجه وفي حديث ابن ماجه المطلب بن أبي وداعة وهو وهم وقيل : هو عبد المطلب بن ربيعة ، وقيل : الصحيح فيه ربيعة بن الحارث عن الفضل بن عباس ، وأخطأ فيه شعبة في مواضع . وقال البخاري في التاريخ : إنه لا يصح ا هـ

                                                                                                                                            ويشهد لصحته الأحاديث المذكورة في أول الباب قوله : ( وتبأس ) قال ابن رسلان : بفتح المثناة الفوقانية وسكون الباء الموحدة وفتح الهمزة والمعنى : أن تظهر الخضوع ، وفي بعض النسخ تبايس بفتح التاء والباء وبعد الألف ياء تحتانية مفتوحة ومعناهما واحد . قال في القاموس : التباؤس : التفاقر . ويطلق أيضا على التخشع والتضرع قوله : ( وتمسكن ) قال في القاموس : تمسكن صار مسكينا ، والمسكين من لا شيء له والذليل والضعيف قوله : ( وتقنع يديك ) بقاف فنون فعين مهملة : أي ترفعهما . قال ابن رسلان : هو بضم التاء وكسر النون قال : والإقناع رفع اليدين في الدعاء والمسألة . والخداج قد تقدم تفسيره . والحديث الأول والثاني مقيدان بصلاة الليل . والحديث الثالث مطلق وجميعها يدل على مشروعية أن تكون صلاة التطوع مثنى مثنى إلا ما خص كما تقدم ، وفي هذه الأحاديث فوائد . منها مشروعية التسوك عند القيام من النوم وقد تقدم الكلام عليه

                                                                                                                                            ومنها مشروعية التمسكن والتفاقر لأن ذلك من الأسباب للإجابة ومنها مشروعية رفع اليدين عند الدعاء وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم لم يرفع يديه في دعاء قط إلا في أمور مخصوصة . قال النووي في شرح مسلم : إنه وجد منها في الصحيحين ثلاثين موضعا ، هذا معنى كلامه

                                                                                                                                            977 - ( وعن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { في كل ركعتين تسليمة } رواه ابن ماجه ) .

                                                                                                                                            978 - ( وعن علي عليه السلام قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي حين تزيغ الشمس ركعتين وقبل نصف النهار أربع ركعات يجعل التسليم في آخره } . رواه النسائي ) . الحديث الأول في إسناده أبو سفيان السعدي طريف بن شهاب ، وقد ضعفه ابن معين ، ولكن له شواهد قد تقدم ذكرها .

                                                                                                                                            والحديث الثاني أخرجه أيضا الترمذي وابن ماجه بألفاظ مختلفة في بعضها كما ذكر المصنف ، وفي بعضها أربعا قبل الظهر وبعضها ركعتين ، وفي بعضها غير ذلك . وحديث أبي سعيد يدل على ما دلت عليه أحاديث صلاة الليل والنهار [ ص: 98 ] مثنى مثنى ، وقد تقدمت

                                                                                                                                            وحديث علي يدل على جواز صلاة أربع ركعات متصلة في النهار فيكون من جملة المخصصات لأحاديث صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ، وفيه جواز الصلاة عند الزوال وقد تقدم الكلام في ذلك .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية