الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 132 ] 809 - باب بيان مشكل ما روي عن عبد الله بن عباس ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا المعنى

5140 - حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا ابن جريج ، قال : حدثني يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن ابن عباس : أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ما لي عهد بأهلي منذ عفرنا النخل ، فوجدت مع امرأتي رجلا ، وزوجها مصفر حمش ، سبط الشعر ، والذي رميت به إلى السواد جعد قطط . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اللهم بين " . ثم لاعن بينهما ، فجاءت به يشبه الذي رميت به .

[ ص: 133 ] فكان ما في هذا الحديث كالذي في حديث ابن مسعود الذي ذكرناه في الباب الذي قبل هذا الباب ، ولا دليل فيه على أن اللعان كان بذلك الولد ، أو بالقذف دونه .

5141 - وحدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، قال : حدثني القاسم بن محمد ، عن عبد الله بن عباس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لاعن بين العجلاني وامرأته ، وكانت حبلى ، فقال زوجها : والله ما قربتها منذ عفرنا النخل - والعفر : أن يسقى النخل بعد أن يترك من السقي بعد الإبار بشهرين - . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اللهم بين " . فزعموا أن زوج المرأة كان حمش الذراعين والساقين أصهب الشعرة ، وكان الذي رميت به ابن السحماء ، فجاءت بغلام أسود أجلى ، جعدا قططا ، عبل الذراعين ، خدل الساقين .

قال القاسم : قال ابن شداد بن الهاد ، يا أبا عباس : هل هي المرأة التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : " لو كنت راجما أحدا بغير بينة لرجمتها " ؟ فقال ابن عباس : لا ، ولكن تلك المرأة كانت قد أعلنت في الإسلام
.

[ ص: 134 ]

5142 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو عامر العقدي ، قال : حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن ، عن أبي الزناد ، عن القاسم ، عن ابن عباس ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمعناه .

قال أبو جعفر : فكان هذا الحديث أيضا ليس فيه ذكر ملاعنة بحمل ولا لغيره ، فهو كما ذكرناه قبله .

5143 - حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، [ ص: 135 ] قال : حدثني الليث بن سعد ، قال : حدثني يحيى بن سعيد ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن القاسم بن محمد ، عن ابن عباس ، قال : ذكر التلاعن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال عاصم بن عدي في ذلك قولا ، ثم انصرف ، فأتاه رجل من قومه يشكو إليه أنه وجد مع امرأته رجلا ، فقال عاصم : ما ابتليت بهذا إلا بقولي . فذهب به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بالذي وجد عليه امرأته ، وكان ذلك الرجل مصفرا قليل اللحم ، سبط الشعر ، وكان الذي ادعى عليه أنه وجده عند أهله آدم ، كثير اللحم خدلا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اللهم بين " . فوضعت شبيها بالرجل الذي ذكر زوجها أنه وجده عندها ، فلاعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم بينهما .

فقال رجل لابن عباس في المجلس : هي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : لو رجمت أحدا بغير بينة رجمت هذه .

فقال ابن عباس : لا ، تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام السوء
.

[ ص: 136 ]

5144 - وحدثنا أبو عبد الرحمن الكثيري المديني - وهو محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن كثير بن الصلت الكندي - قال : حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، قال : حدثني سليمان بن بلال ، عن يحيى بن سعيد ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه القاسم ، عن ابن عباس ، أنه قال : ذكر المتلاعنان عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ذكر بقية حديث يوسف حرفا بحرف .

5145 - وحدثنا أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا يحيى بن محمد بن السكن ، قال : حدثنا محمد بن جهضم ، قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن يحيى ، قال : سمعت عبد الرحمن بن القاسم يحدث ، [ ص: 137 ] عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : ذكر التلاعن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ذكر مثل الحديثين اللذين قبله .

فكان في إسناد هذا الحديث إدخال عبد الرحمن بن القاسم بين يحيى بن سعيد وبين القاسم بن محمد وكان في متنه ملاعنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين ذينك الزوجين بعد وضع ذلك الحمل ، فانتفى بذلك أن يكون في هذا الحديث حجة لمن يوجب اللعان بالحمل ، وكان القول في الحمل إذا نفي : أن لا لعان به حتى يوضع ، لما يعلم أنه محمول به حين نفي ، ثم يكون اللعان به بعد ذلك كما قال أبو يوسف ومحمد ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية