الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب مثل المؤمن كالزرع ومثل الكافر كشجر الأرز

                                                                                                                2809 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تميله ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز لا تهتز حتى تستحصد حدثنا محمد بن رافع وعبد بن حميد عن عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري بهذا الإسناد غير أن في حديث عبد الرزاق مكان قوله تميله تفيئه [ ص: 288 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 288 ] قوله صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمن مثل الزرع لا تزال الريح تميله ، ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ، ومثل المنافق كمثل شجرة الأرز لا تهتز حتى تستحصد ) وفي رواية : ( مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الريح تصرعها مرة وتعدلها أخرى حتى تهيج ، ومثل الكافر كمثل الأرزة المجذبة على أصلها لا يفيئها شيء حتى يكون انجعافها مرة واحدة ) أما ( الخامة ) فبالخاء المعجمة وتخفيف الميم ، وهي : الطاقة والقصبة اللينة من الزرع ، وألفها منقلبة عن واو ، وأما ( تميلها وتفيئها ) فمعنى واحد ، ومعناه : تقلبها الريح يمينا وشمالا ، ومعنى ( تصرعها ) تخفضها ، و ( تعدلها ) بفتح التاء وكسر الدال ، أي : ترفعها ، ومعنى ( تهيج ) تيبس . وقوله صلى الله عليه وسلم ( تستحصد ) بفتح أوله وكسر الصاد ، وكذا ضبطناه ، وكذا نقله القاضي عن رواية الأكثرين ، وعن بعضهم بضم أوله وفتح الصاد على ما لم يسم فاعله ، والأول أجود ، أي : لا تتغير حتى تنقلع مرة واحدة كالزرع الذي انتهى يبسه . وأما ( الأرزة ) فبفتح الهمزة وراء ساكنة ثم زاي ، هذا هو المشهور في ضبطها ، وهو المعروف في الروايات وكتب الغريب وذكر الجوهري وصاحب نهاية الغريب أنها تقال أيضا بفتح الراء ، قال في النهاية : وقال بعضهم هي ( الآرزة ) بالمد وكسر الراء على وزن ( فاعلة ) وأنكرها أبو عبيد ، وقد قال أهل اللغة : الآرزة بالمد هي الثابتة ، وهذا المعنى صحيح هنا ، فإنكار أبي عبيد محمول على إنكار روايتها كذلك لا إنكار لصحة معناها ، قال أهل اللغة والغريب : شجر معروف يقال له : الأرزن يشبه شجر الصنوبر ، بفتح الصاد يكون بالشام وبلاد الأرمن ، وقيل : هو الصنوبر . وأما ( المجذبة ) فبميم مضمومة ثم جيم ساكنة ثم ذال معجمة مكسورة ، وهي الثابتة المنتصبة ، يقال منه : جذب يجذب وأجذب يجذب . والانجعاف : الانقلاع . قال العلماء : معنى الحديث أن المؤمن كثير الآلام في بدنه أو أهله أو ماله ، وذلك مكفر لسيئاته ، ورافع لدرجاته ، وأما الكافر فقليلها ، وإن وقع به شيء لم يكفر شيئا من سيئاته ، بل يأتي بها يوم القيامة كاملة .




                                                                                                                الخدمات العلمية