الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 143 ] 812 - باب بيان مشكل ما روي عن سهل بن سعد الساعدي ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا المعنى

5150 - حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا خالد بن عبد الرحمن الخراساني ، قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، عن الزهري ، عن سهل بن سعد الساعدي : أن عويمرا جاء إلى عاصم بن عدي ، فقال : أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله ، أتقتلونه به ؟ سل يا عاصم رسول الله - صلى الله عليه وسلم . فجاء عاصم ، وكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسألة وعابها . فقال عويمر : والله لآتين النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء وقد أنزل الله - عز وجل - خلاف قول عاصم ، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " وقد أنزل الله - عز وجل - فيكم قرآنا " ، فدعاهما ، فتقدما ، فتلاعنا ، ثم قال : كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها . ففارقها ، وما أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بفراقها ، فجرت سنة في المتلاعنين . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : انظروها ، فإن جاءت به أحمر قصيرا مثل وحرة ، فلا أراه إلا وقد كذب عليها ، وإن جاءت به أسحم أعين ذا أليتين ، فلا أحسبه إلا قد صدق عليها " . [ ص: 144 ] فجاءت به على الأمر المكروه .

5151 - وحدثنا الربيع بن سليمان الجيزي وسليمان بن شعيب الكيساني ، قالا : حدثنا أسد بن موسى ، قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، ثم [ ص: 145 ] ذكر بإسناده مثله سواء .

فكان في هذا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن جاءت به كذا ، ولا أراه إلا وقد صدق عليها ، وإن جاءت به كذا ، ولا أراه إلا وقد كذب عليها ، فكان في ذلك ما قد دل أنه لم يكن منه - صلى الله عليه وسلم - تحقيق لإثبات نسب بسنة ، ولا لنفيه بضده من السنة ، وأن ذلك إنما كان على ما يقع في القلوب في مثل هذا المعنى .

ودل ذلك أن ما تقدم مما قد ذكرناه في الأبواب التي قد ذكرناها فيما تقدم قبل هذا الباب ، مما ذكره رواتها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن جاءت به كذا ، فهو لفلان ، وإن جاءت به كذا ، فهو لفلان ، أن ذلك مما قد عورضوا فيه بما قد رويناه عن سهل فيه ، وكان ما رويناه عن سهل فيه أولى مما رويناه عنهم فيه ، للزيادة التي حفظها سهل ، وقصروا عنها ، وفي ذلك ما قد دل أنه لم يكن في ذلك إثبات نسب ، ولا نفي نسب ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية