الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          87 - مسألة : ولا يجوز الأمر لغير بالغ ولا لمجنون ولا امرأة ، ولا يجوز أن يكون في الدنيا إلا إمام واحد فقط ، ومن بات ليلة وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ولا يجوز التردد بعد موت الإمام في اختيار الإمام أكثر من ثلاث . برهان ذلك ما حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا ابن السليم ثنا ابن الأعرابي ثنا أبو داود ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا جرير عن عطاء بن السائب عن أبي ظبيان عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يبلغ ، وعن المبتلى حتى يعقل } . [ ص: 67 ] قال علي : الإمام إنما جعل ليقيم الناس الصلاة ويأخذ صدقاتهم ويقيم حدودهم ويمضي أحكامهم ويجاهد عدوهم ، وهذه كلها عقود ، ولا يخاطب بها من لم يبلغ أو من لا يعقل .

                                                                                                                                                                                          حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا قتيبة ثنا الليث هو ابن سعد - عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية ، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة } . وبه إلى مسلم ثنا وهب بن بقية الواسطي ثنا خالد بن عبد الله الواسطي عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما } . وبه إلى مسلم ثنا عبيد الله بن معاذ العنبري ثنا أبي ثنا عاصم هو ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر - عن زيد بن محمد عن نافع عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية } .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 68 ] حدثنا أحمد بن محمد الجسوري ثنا وهب بن مسرة ثنا محمد بن وضاح ثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي داود الطيالسي عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة } . حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا قتيبة ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك } . فصح أن أهل كل عصر لا يجوز أن يخلوا من أن يكون فيهم قائل بالحق ، فإذا صح إجماعهم على شيء فهو حق مقطوع بذلك ، إذا تيقن أنه لا مخالف في ذلك وقطع به وقد صح يقينا أن جميع أهل الإسلام رضوا بقاء الستة - إذ مات عمر رضي الله عن جميعهم - ثلاثة أيام يرتئون في إمام ، فصح هذا وبطل ما زاد عليه ، إذ لم تبحه سنة ولا إجماع . وبالله تعالى التوفيق . ثم تدبرنا هذه القصة فوجدنا عمر رضي الله عنه قد ولى الأمر أحد الستة المعينين أيهم اختاروا لأنفسهم ، فصح يقينا أن عثمان كان الإمام ساعة موت عمر في علم الله تعالى ، بإسناد عمر الأمر إليه بالصفة التي ظهرت فيه من اختيارهم إياه ، فارتفع الإشكال وصح أنهم لم يبقوا ساعة ، فكيف ليلة دون إمام ؟ بل كان لهم إمام معين محدود موصوف معهود إليه بعينه ، وإن لم تعرفه الناس بعينه مدة ثلاثة أيام .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية