الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الوضوء ثلاثا ثلاثا

                                                                                                          44 حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي إسحق عن أبي حية عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا قال أبو عيسى وفي الباب عن عثمان وعائشة والربيع وابن عمر وأبي أمامة وأبي رافع وعبد الله بن عمرو ومعاوية وأبي هريرة وجابر وعبد الله بن زيد وأبي بن كعب قال أبو عيسى حديث علي أحسن شيء في هذا الباب وأصح لأنه قد روي من غير وجه عن علي رضوان الله عليه والعمل على هذا عند عامة أهل العلم أن الوضوء يجزئ مرة مرة ومرتين أفضل وأفضله ثلاث وليس بعده شيء وقال ابن المبارك لا آمن إذا زاد في الوضوء على الثلاث أن يأثم وقال أحمد وإسحق لا يزيد على الثلاث إلا رجل مبتلى

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( نا عبد الرحمن بن مهدي ) ابن حسان العنبري مولاهم أبو سعيد البصري ، ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث ، قال ابن المديني : ما رأيت أعلم منه ، مات سنة ثمان وتسعين ومائة بالبصرة عن ثلاثة وستين سنة ( عن سفيان ) هو الثوري ( عن أبي حية ) بفتح الحاء المهملة وتشديد المثناة التحتية ابن قيس الهمداني الوادعي قيل اسمه عمرو بن نصر وقيل اسمه عبد الله وقيل اسمه عامر بن الحارث ، وقال أبو أحمد الحاكم وغيره لا يعرف اسمه ، مقبول ، من الثالثة .

                                                                                                          قوله : ( توضأ ثلاثا ثلاثا ) قد أجمع العلماء على أن الواجب غسل الأعضاء مرة واحدة وأن الثلاث سنة لثبوت الاقتصار من فعله صلى الله عليه وسلم على مرة واحدة ومرتين كما تقدم .

                                                                                                          [ ص: 131 ] قوله : ( وفي الباب عن عثمان والربيع وابن عمر وعائشة وأبي أمامة وأبي رافع وعبد الله بن عمرو ومعاوية وأبي هريرة وجابر وعبد الله بن زيد وأبي ذر ) أما حديث عثمان فأخرجه أحمد ومسلم بلفظ حديث الباب ، وأما حديث الربيع وهي بنت معوذ بن عفراء فأخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجه ، وأما حديث ابن عمر فأخرجه ابن حبان وغيره " أنه توضأ ثلاثا ثلاثا " ورفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما حديث عائشة وأبي هريرة فأخرجه ابن ماجه بسند لا بأس به " أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا " وأما حديث أبي أمامة فأخرجه ثابت بن القاسم السرقسطي في كتاب الدلائل بسند لا بأس به " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا " وأما حديث أبي رافع فأخرجه الطبراني في الأوسط ، وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأما حديث معاوية ففي كتاب المفرد لأبي داود من حديث علي بن أبي جملة عن أبيه عن أمير المؤمنين عبد الملك : حدثني أبو خالد عن معاوية رضي الله عنه رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا . كذا في عمدة القاري ص 748 ج 1 وفي الباب أحاديث كثيرة أخرجها أصحاب الصحاح الستة وغيرهم .

                                                                                                          قوله : ( حديث علي أحسن شيء في هذا الباب وأصح ) وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه .

                                                                                                          قوله : ( وقال ابن المبارك لا آمن إذا زاد في الوضوء على الثلاث أن يأثم ) يدل عليه حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء فأراه ثلاثا ثلاثا ثم قال : هكذا الوضوء فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم . رواه النسائي وابن ماجه ، قال الإمام حافظ الدين النسفي : هذا إذا زاد معتقدا أن السنة هذا ، فأما لو زاد لطمأنينة القلب [ ص: 132 ] عند الشك أو نية وضوء آخر فلا بأس ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام أمر بترك ما يريبه إلى ما لا يريبه . انتهى ، قال القاري : قلت أما قوله : لطمأنينة القلب عند الشك ، ففيه أن الشك بعد التثليث لا وجه له وإن وقع بعده فلا نهاية له وهو الوسوسة ، ولهذا أخذ ابن المبارك بظاهره فقال : لا آمن إذا زاد على الثلاث أن يأثم . انتهى ، قال القاري : وأما قوله : أو بنية وضوء آخر . فيه إن قبل الإتيان بعبادة بعد الوضوء لا يستحب له التجديد مع أنه لا يتصور التجديد إلا بعد تمام الوضوء لا في الأثناء ، وأما قوله : لأنه أمر بترك ما يريبه إلخ . ففيه أن غسل المرة الأخرى مما يريبه فينبغي تركه إلى ما لا يريبه وهو ما عينه الشارع ليتخلص عن الريبة والوسوسة . انتهى كلام القاري .

                                                                                                          قلت : قوله : قبل الإتيان بعبادة بعد الوضوء لا يستحب له التجديد . يخدشه إطلاق حديث : الوضوء على الوضوء نور على نور ، لكن هذا الحديث ضعيف ، قال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء : لم أقف عليه ، وقال الحافظ ابن حجر : هو حديث ضعيف رواه رزين في مسنده .

                                                                                                          ( وقال أحمد وإسحاق لا يزيد على الثلاث إلا رجل مبتلى ) أي بالجنون لمظنة أنه بالزيادة يحتاط لدينه ، قال ابن حجر : ولقد شاهدنا من الموسوسين من يغسل يده بالمئين وهو مع ذلك يعتقد أن حدثه هو اليقين كذا في المرقاة .




                                                                                                          الخدمات العلمية