الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون

                                                                                                                                                                                                لما : ظرف لـ"أهلكنا"، والواو في وجاءتهم : للحال، أي: ظلموا بالتكذيب، وقد جاءتهم رسلهم بالحجج والشواهد على صدقهم وهي المعجزات. وقوله: وما كانوا ليؤمنوا : يجوز أن يكون عطفا على ظلموا، وأن يكون اعتراضا، واللام لتأكيد النفي، يعني: ما كانوا يؤمنون حقا; تأكيدا لنفي إيمانهم، وأن الله قد علم منهم أنهم يصرون على كفرهم، وأن الإيمان مستبعد منهم، والمعنى: أن السبب في إهلاكهم تكذيبهم الرسل، وعلم الله أنه لا فائدة في إمهالهم بعد أن ألزموا الحجة ببعثه الرسل، كذلك : مثل ذلك الجزاء، يعني: الإهلاك، نجزي : كل مجرم، وهو وعيد لأهل مكة على إجرامهم بتكذيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقرئ: "يجزي" بالياء، ثم جعلناكم : الخطاب للذين بعث إليهم محمد -صلى الله عليه وسلم- أي: استخلفناكم في الأرض بعد القرون التي أهلكنا، لننظر : أتعملون خيرا أم شرا فنعاملكم على حسب عملكم، و كيف : في محل النصب بتعلمون لا ينتظر، لأن معنى الاستفهام فيه يحجب أن يتقدم عليه عامله.

                                                                                                                                                                                                فإن قلت: كيف جاز النظر على الله -تعالى- وفيه معنى المقابلة؟

                                                                                                                                                                                                قلت: هو مستعار للعلم المحقق، الذي هو العلم بالشيء موجودا شبه بنظر الناظر، وعيان المعاين في تحققه.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية