الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          806 - مسألة : ويجب على من وجد التمر أن يفطر عليه فإن لم يجد فعلى الماء وإلا فهو عاص لله تعالى إن قامت عليه الحجة فعند ولا يبطل صومه بذلك ; لأن صومه قد تم وصار في غير صيام ; وكذلك لو أفطر على خمر ، أو لحم خنزير ، أو زنى ; فصومه تام وهو عاص لله تعالى . نا عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب أنا قتيبة بن سعيد نا سفيان بن عيينة عن عاصم الأحول عن حفصة بنت سيرين عن الرباب عن عمها سلمان بن عامر يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة ، فإن لم يجد تمرا فالماء فإنه طهور } : نا عبد الله بن ربيع نا محمد بن إسحاق نا ابن الأعرابي نا أبو داود نا أحمد بن حنبل نا عبد الرزاق نا جعفر بن سليمان الضبعي نا ثابت البناني أنه سمع أنس بن مالك يقول : { كان النبي صلى الله عليه وسلم : يفطر على رطبات قبل أن يصلي ، فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات ; فإن لم يكن حسا حسوات من ماء } . وقد قال قوم : ليس هذا فرضا ; لأنه عليه السلام قد أفطر في طريق خيبر على السويق ؟ فقلنا وما دليلكم على أنه لم يكن أفطر بعد على تمر ، أو أنه كان معه تمر ؟ والسويق المجدوح بالماء ، فالماء فيه ظاهر ، فهو فطر على الماء .

                                                                                                                                                                                          وأيضا فالفطر على كل مباح موافق للحالة المعهودة ، والأمر بالفطر على التمر - فإن لم يكن فعلى الماء - أمر وارد يجب فرضا ; وهو رافع للحالة الأولى بلا شك ، وادعى قوم الإجماع على غير هذا - وقد كذب من ادعى الإجماع وهو لا يقدر على أن يحصي في هذا أقوال عشرة من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم ; وذكروا إفطار عمر رضي الله عنه بحضرة الصحابة على اللبن - : قال أبو محمد : إن كان هذا إجماعا أو حجة فقد خالفوه وأوجبوا القضاء بخلاف قول عمر في ذلك ، فقد اعترفوا على أنفسهم خلاف الإجماع ، وأما نحن فليس هذا [ ص: 456 ] عندنا إجماعا ، ولا يكون إجماعا إلا ما لا شك في أن كل مسلم يقول به ; فإن لم يقله فهو كافر : كالصلوات الخمس ، والحج إلى مكة ، وصوم رمضان ; ونحو ذلك - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية