الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا

                                                                                                                                                                                                                                        (37 ) يقول تعالى: ولا تمش في الأرض مرحا أي: كبرا وتيها وبطرا متكبرا على الحق ومتعاظما على الخلق. إنك في فعلك ذلك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا في تكبرك بل تكون حقيرا عند الله ومحتقرا عند الخلق، مبغوضا ممقوتا قد اكتسبت شر الأخلاق واكتسيت بأرذلها من غير إدراك لبعض ما تروم.

                                                                                                                                                                                                                                        (38 كل ذلك المذكور الذي نهى الله عنه فيما تقدم من قوله: ولا تجعل مع الله إلها آخر والنهي عن عقوق الوالدين وما عطف على ذلك كان سيئه عند ربك مكروها أي: كل ذلك يسوء العاملين ويضرهم والله تعالى يكرهه ويأباه.

                                                                                                                                                                                                                                        (39 ذلك الذي بيناه ووضحناه من هذه الأحكام الجليلة، مما أوحى إليك ربك من الحكمة فإن الحكمة الأمر بمحاسن الأعمال ومكارم الأخلاق، والنهي عن أراذل الأخلاق وأسوأ الأعمال.

                                                                                                                                                                                                                                        وهذه الأعمال المذكورة في هذه الآيات من الحكمة العالية التي أوحاها رب العالمين لسيد المرسلين في أشرف الكتب ليأمر بها أفضل الأمم، فهي من الحكمة التي من أوتيها فقد أوتي خيرا كثيرا.

                                                                                                                                                                                                                                        ثم ختمها [ ص: 921 ] بالنهي عن عبادة غير الله كما افتتحها بذلك فقال: ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم أي: خالدا مخلدا؛ فإنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار.

                                                                                                                                                                                                                                        ملوما مدحورا أي: قد لحقتك اللائمة واللعنة والذم من الله وملائكته والناس أجمعين.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية