الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا وبدارا مبادرة أعتدنا أعددنا أفعلنا من العتاد

                                                                                                                                                                                                        4299 حدثني إسحاق أخبرنا عبد الله بن نمير حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف أنها نزلت في والي اليتيم إذا كان فقيرا أنه يأكل منه مكان قيامه عليه بمعروف

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : باب ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ساق إلى قوله : ( حسيبا ) .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وبدارا مبادرة ) هو تفسير أول الآية المترجم بها ، وقال أبو عبيدة في قوله تعالى ولا تأكلوها إسرافا وبدارا : الإسراف الإفراط ، وبدارا مبادرة ، وكأنه فسر المصدر بأشهر منه ، يقال بادرت بدارا ومبادرة . وأخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : يعني يأكل مال اليتيم ويبادر إلى أن يبلغ فيحول بينه وبين ماله .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أعتدنا : أعددنا أفعلنا من العتاد ) كذا للأكثر ، وهو تفسير أبي عبيدة ، ولأبي ذر عن الكشميهني اعتددنا : افتعلنا والأول هو الصواب ، والمراد أن أعتدنا وأعددنا بمعنى واحد ، لأن العتيد هو الشيء المعد .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) :

                                                                                                                                                                                                        وقعت هذه الكلمة في هذا الموضع سهوا من بعض نساخ الكتاب ، ومحلها بعد هذا قبل " باب لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : حدثني إسحاق هو ابن راهويه ، وأما أبو نعيم في " المستخرج " فأخرجه من طريق ابن راهويه ثم قال : أخرجه البخاري عن إسحاق بن منصور .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( في مال اليتيم ) في رواية الكشميهني " في والي اليتيم " والمراد بوالي اليتيم المتصرف في ماله بالوصية ونحوها ، والضمير في كان على الرواية الأولى ينصرف إلى مصرف المال بقرينة المقام ، ووقع في البيوع من طريق عثمان بن فرقد عن هشام بن عروة بلفظ " أنزلت في والي اليتيم الذي يقوم عليه ويصلح ماله ، إن كان فقيرا أكل منه [ ص: 90 ] بالمعروف " وفي الباب حديث مرفوع أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن الجارود وابن أبي حاتم من طريق حسين المكتب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن عندي يتيما له مال ، وليس عندي شيء ، أفآكل من ماله ؟ قال : بالمعروف وإسناده قوي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( إذا كان فقيرا ) مصير منه إلى أن الذي يباح له الأجرة من مال اليتيم من اتصف بالفقر ، وقد قدمت البحث في ذلك في كتاب الوصايا ، وذكر الطبري من طريق السدي " أخبرني من سمع ابن عباس يقول في قوله ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف قال : بأطراف أصابعه ، ومن طريق عكرمة " يأكل ولا يكتسي " ومن طريق إبراهيم النخعي " يأكل ما سد الجوعة ووارى العورة " وقد مضى بقية نقل الخلاف فيه في الوصايا . وقال الحسن بن حي : يأكل وصي الأب بالمعروف ، وأما قيم الحاكم فله أجرة فلا يأكل شيئا ، وأغرب ربيعة فقال : المراد خطاب الولي بما يصنع باليتيم إن كان غنيا وسع عليه ، وإن كان فقيرا أنفق عليه بقدره ، وهذا أبعد الأقوال كلها .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) :

                                                                                                                                                                                                        وقع لبعض الشراح ما نصه : قوله : ومن كان غنيا فليستعفف التلاوة ومن كان بالواو انتهى ، وأنا ما رأيته في النسخ التي وقفت عليها إلا بالواو .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية