الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 199 ] 822 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عذاب القبر ، هل يسمعه أحد أم لا ؟

5203 - حدثنا أبو غسان مالك بن يحيى ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، قال : أخبرنا الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ، عن زيد بن ثابت ، قال : دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حائطا لبني النجار وهو على بغلة له ، فنفرت به البغلة على أقبر خمس أو ست ، فحادت به البغلة فقال : " أيكم يعرف أصحاب هذه الأقبر ؟ " فقال رجل : أنا يا رسول الله . فقال : " ما هم ؟ " فقال : ماتوا في الإشراك . فقال - صلى الله عليه وسلم - : إن هذه الأمة تفتن في قبورها ، ولولا أن لا تدافنوا ، لدعوت الله - عز وجل - أن يسمعكم عذاب القبر الذي فيه . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : " تعوذوا بالله - عز وجل - من عذاب القبر " ، فقلنا : نعوذ بالله من عذاب القبر . ثم قال : " تعوذوا بالله من عذاب النار - أو : تعوذوا بالله - عز وجل - من النار ، شك الجريري - " ، فقلنا : نعوذ بالله - عز وجل - من عذاب النار ، فقال : " تعوذوا بالله - عز وجل - من الفتن ما ظهر منها وما بطن " قلنا : نعوذ بالله - عز وجل - من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، ثم قال : " تعوذوا بالله - عز وجل - من فتنة الدجال .

[ ص: 200 ]

5204 - حدثنا نصر بن مرزوق ، قال : حدثنا آدم ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : حدثنا ثابت البناني وحميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بغلة شهباء فمر على حائط لبني النجار ، فإذا قبر يعذب صاحبه ، فحاصت ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله [أن] يسمعكم عذاب القبر .

[ ص: 201 ] فقال قائل : ففي حديث أنس هذا ما قد دل أن بني آدم لا يسمعون عذاب القبر ، وأن من سواهم مما ذكر من البهائم في هذين الحديثين يسمعه ، وقد رويتم ما يخالف ذلك فذكر :

5205 - ما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا عثمان بن عمر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه ، عن البراء بن عازب ، عن أبي أيوب : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج حين غابت الشمس فقال : هذه أصوات يهود تعذب في قبورها .

[ ص: 202 ] قال : ففي هذا الحديث أن بني آدم قد كانوا يسمعون أصوات اليهود الذين كانوا يعذبون في قبورهم ، وهذا خلاف ما رويتموه قبله في هذا الباب .

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله - عز وجل وعونه - أنه قد يحتمل أن تكون تلك الأصوات التي سمعوها كان بعد دعاء كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسمعهم إياها ، بعد أن قال لهم ما قال لهم في الحديث الآخر ، وقد يحتمل أن يكون ما أسمعوه من ذلك هو أصوات اليهود ، ولم يسمعوا أصوات المسلمين المعذبين في قبورهم على ما في الحديث الأول ، ونعوذ بالله من ذلك ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية