الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: وإذا قيل لهم أي الذين عبر عنهم بأكثرهم على سبيل الهداية والإرشاد إلى الحق : تعالوا إلى ما أنزل الله من الكتاب المبين للحلال والحرام والإيمان به وإلى الرسول الذي أنزل عليه ذلك لتقفوا على حقيقة الحال وتميزوا الحرام من الحلال، و قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا في هذا الشأن فلا نلتفت لغيره، بيان لعنادهم واستعصائهم على الهادي إلى الحق وانقيادهم للداعي إلى الضلال و (ما) موصولة اسمية وجوز أن تكون نكرة موصوفة، والوجدان المصادفة وعليه متعلق به أو حال من مفعوله وجوز أن يكون بمعنى العلم و (عليه) عليه في موضع المفعول الثاني أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون

                                                                                                                                                                                                                                      401

                                                                                                                                                                                                                                      - ذهب الراغب إلى أن الواو للعطف، وصرح غير واحد أنه على شرطية أخرى مقدرة قبلها والهمزة للتعجب وهي داخلة على مقدر في الحقيقة أي أيكفيهم ذلك لو لم يكن آباؤهم جهلة ضالين ولو كانوا كذلك وكلتا الجملتين في موقع الحال أي أيكفيهم ما وجدوا عليه آباءهم كائنين على كل حال مفروض، وعلى هذا لا يلزم كون الجملة الاستفهامية الإنشائية حالا ليحتاج توجيه ذلك إلى نظر دقيق، وحذفت الجملة الأولى للدلالة عليها دلالة واضحة وهو حذف مطرد في هذا الباب لذلك كما في قولك : أحسن إلى زيد، ولو أساء إليك فإن الشيء إذا تحقق عند المانع فلأن يتحقق عند عدمه أولى

                                                                                                                                                                                                                                      وجواب لو -كما قال أبو البقاء- محذوف لظهور انفهامه مما سبق وقدره "يتبعونهم". ويجوز أن يقدر حسبهم ذلك أو يقولون وما في لو من معنى الامتناع والاستبعاد إنما هو بالنظر إلى زعمهم لا في نفس الأمر، وفائدة ذلك المبالغة في الإنكار والتعجيب، وقيل : الواو للحال والهمزة لإنكار الفعل على هذه الحال؛ والمراد نفي [ ص: 45 ] صحة الاقتداء بالجاهل الضال، والحال ما يفهم من الجملة أي كائنين على هذا الحال المفروض فما قيل : إنهم جعلوا الواو للحال وليس ما دخلته الواو حالا من جهة المعنى بل ما دخلته لو أي ولو كان الحال أن آباءهم لا يعلمون فيفعلون ما يقتضيه علمهم ولا يهتدون بمن له علم ناشئ من قلة التأمل وذلك غريب من حال ذلك القائل وأغرب من ذلك ما قيل : إن المعنى أنهم هل يكفيهم ما عليه آباؤهم ولو كان آباؤهم جهلة ضالين أي هل يكفيهم الجهل والضلال اللذان كان عليهما آباؤهم؟ ويوشك أن يكون هذا من الجهل والضلال فيما يليق بالتنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      واستدل بالآية على أن الاقتداء إنما يصح بمن علم أنه عالم مهتد وذلك لا يعرف إلا بالحجة فلا يكفي التقليد من غير أن يعلم أن لمن قلده حجة صحيحة على ما قلده فيه حتى قالوا : إن للمقلد دليلا إجماليا وهو دليل من قلده فتدبر

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية