الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون

                                                                                                                                                                                                سلط الله القحط سبع سنين على أهل مكة حتى كادوا يهلكون، ثم رحمهم بالحيا، فلما رحمهم، طفقوا يطعنون في آيات الله، ويعادون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويكيدونه، و "إذا" الأولى: للشرط، والآخرة: جوابها، وهي للمفاجأة، والمكر: إخفاء الكيد وطيه، من الجارية الممكورة المطوية الخلق، ومعنى مستهم : خالطتهم حتى أحسوا بسوء أثرها فيهم .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت: ما وصفهم بسرعة المكر، فكيف صح قوله: أسرع مكرا ؟

                                                                                                                                                                                                قلت: بلى، دلت على ذلك كلمة المفاجأة، كأنه قال: وإذا رحمناهم من بعد ضراء فاجؤوا وقوع المكر منهم، وسارعوا إليه قبل أن يغسلوا رؤوسهم من مس الضراء، ولم يتلبثوا ريثما يسيغون غصتهم، والمعنى: أن الله -تعالى- دبر عقابكم، وهو موقعه بكم قبل أن تدبروا كيف تعملون في إطفاء نور الإسلام، إن رسلنا يكتبون : إعلام بأن ما تظنونه خافيا مطويا لا يخفي على الله، وهو منتقم منكم. وقرئ: "يمكرون" بالتاء والياء، وقيل: مكرهم قولهم: سقينا بنوء كذا. وعن أبي هريرة : "إن الله ليصبح القوم بالنعمة ويمسيهم بها، فتصبح طائفة منهم بها كافرين يقولون: مطرنا بنوء كذا".

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية