الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا

                                                                                                                                                                                                                                        (45 ) يخبر تعالى عن عقوبته للمكذبين بالحق الذين ردوه وأعرضوا عنه أنه يحول بينهم وبين الإيمان، فقال:

                                                                                                                                                                                                                                        وإذا قرأت القرآن الذي فيه الوعظ والتذكير والهدى والإيمان والخير والعلم الكثير؛ جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا يسترهم عن فهمه حقيقة وعن التحقق بحقائقه والانقياد إلى ما يدعو إليه من الخير.

                                                                                                                                                                                                                                        (46 وجعلنا على قلوبهم أكنة أي: أغطية وأغشية لا يفقهون معها القرآن بل يسمعونه سماعا تقوم به عليهم الحجة، وفي آذانهم وقرا أي: صمما عن سماعه، وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده داعيا لتوحيده ناهيا عن الشرك به؛ ولوا على أدبارهم نفورا من شدة بغضهم له ومحبتهم لما هم عليه من الباطل، كما قال تعالى: وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون

                                                                                                                                                                                                                                        (47 نحن أعلم بما يستمعون به أي: إنما منعناهم من الانتفاع عند سماع القرآن لأننا نعلم أن مقاصدهم سيئة؛ يريدون أن يعثروا على أقل شيء ليقدحوا به، وليس استماعهم لأجل الاسترشاد وقبول الحق، وإنما هم معتمدون على عدم اتباعه، ومن كان بهذه الحالة لم يفده الاستماع شيئا، ولهذا قال: إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى أي: متناجين إذ يقول الظالمون في مناجاتهم: إن تتبعون إلا رجلا مسحورا فإذا كانت هذه مناجاتهم الظالمة فيما بينهم، وقد بنوها على أنه مسحور؛ فهم جازمون أنهم غير معتبرين لما قال، وأنه يهذي لا يدري ما يقول.

                                                                                                                                                                                                                                        (48 ) قال تعالى: انظر متعجبا كيف ضربوا لك الأمثال التي هي [ ص: 924 ] أضل الأمثال وأبعدها عن الصواب فضلوا في ذلك أو فصارت سببا لضلالهم؛ لأنهم بنوا عليها أمرهم، والمبني على فاسد أفسد منه.

                                                                                                                                                                                                                                        فلا يهتدون سبيلا أي: لا يهتدون أي اهتداء ، فنصيبهم الضلال المحض والظلم الصرف.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية