الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة

( صحت الوصية بخدمة عبده وسكنى داره مدة معلومة وأبدا ) ويكون محبوسا على ملك الميت في حق المنفعة [ ص: 692 ] كما في الوقف كما بسط في الدرر ( وبغلتهما ، فإن خرجت الرقبة من الثلث سلمت إليه ) أي إلى الموصى له ( لها ) أي لأجل الوصية ( وإلا ) تخرج من الثلث ( تقسم الدار أثلاثا ) أي في مسألة الوصية بالسكنى ، أما الوصية بالغلة فلا تقسم على الظاهر ( وتهايآ العبد فيخدمهم أثلاثا ) هذا إذا لم يكن له مال غير العبد والدار وإلا فخدمة العبد وقسمة الدار بقدر ثلث جميع المال كما أفاده صدر الشريعة ( وليس للورثة بيع ما في أيديهم من ثلثها ) على الظاهر لثبوت حقه في سكنى كلها بظهور مال آخر أو بخراب ما في يده فحينئذ يزاحمهم في باقيها والبيع ينافيه فمنعوا عنه ، وعن أبي يوسف لهم ذلك .

التالي السابق


باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة

لما فرغ من أحكام الوصايا المتعلقة بالأعيان شرع في أحكام الوصايا المتعلقة بالمنافع لأنها بعد الأعيان وجودا فأخرها عنها وضعا عناية ( قوله صحت الوصية بخدمة عبده وسكنى داره ) أي لمعين . قال المقدسي : ولو أوصى بغلة داره أو عبده في المساكين جاز ، وبالسكنى والخدمة لا يجوز إلا لمعلوم ; لأن الغلة عين مال يتصدق به والخدمة والسكنى لا يتصدق بها بل تعار العين لأجلها والإعارة لا تكون إلا لمعلوم . وقيل ينبغي أن يجوز على قياس من يجيز الوقف وتمام الفرق في البدائع ا هـ سائحاني ( قوله مدة معلومة وأبدا ) وإن أطلق فعلى الأبد ، وإن أوصى [ ص: 692 ] بسنين فعلى ثلاث ، وكذا الوصية بغلة العبد والدار ا هـ مسكين ( قوله كما في الوقف ) فإن الموقوف عليه يستوفي منافع الوقف على حكم ملك الواقف ( قوله وبغلتهما ) أي العبد والدار وسيذكر الشارح معنى الغلة ( قوله فإن خرجت الرقبة من الثلث ) أي رقبة العبد والدار في الوصية بالخدمة والسكنى والغلة ، و قيد بالرقبة لما في الكفاية أنه ينظر إلى الأعيان التي أوصى فيها ، فإن كان رقابها مقدار الثلث جاز ولا تعتبر قيمة الخدمة والثمرة والغلة والسكنى لأن المقصود من الأعيان منافعها ، فإذا صارت المنافع مستحقة وبقيت العين على ملك الوارث صارت بمنزلة العين التي لا منفعة لها فلذا تعتبر قيمة الرقبة كأن الوصية وقعت بها ا هـ .

أقول : ولعل هذا هو المراد من قول الأشباه : إن التبرع بالمنافع نافذ من جميع المال تأمل ( قوله تقسم الدار أثلاثا ) زاد في الغرر أو مهايأة أي من حيث الزمان ، والأول أعدل لإمكان القسمة بالأجزاء للتسوية بينهما زمانا وذاتا ، وفي المهايأة تقديم أحدهما زمانا ا هـ .

قال القهستاني : وهذا إذا كانت الدار تحتمل القسمة وإلا فالمهايأة لا غير كما في الظهيرية ( قوله فلا تقسم ) أي الدار نفسها ، أما الغلة فتقسم .

قال الأتقاني : إذا أوصى بغلة عبده أو داره سنة ولا مال له غيره فله ثلث غلة تلك السنة لأنها عين مال يحتمل القسمة ا هـ . فلو قاسمهم البستان فغل أحد النصيبين فقط اشتركوا فيها لبطلان القسمة سائحاني عن المبسوط ( قوله على الظاهر ) أي ظاهر الرواية إذ حقه في الغلة لا في عين الدار ، وفي رواية عن الثاني تقسم ليستغل ثلثها شرنبلالية عن الكافي ( قوله وتهايآ العبد ) لأنه لا يمكن قسمته بالأجزاء ( قوله فيخدمهم أثلاثا ) أي يخدم الورثة يومين والموصى له يوما أبدا إلا إن كانت مؤقتة بسنة مثلا ، فلو السنة غير معينة فإلى مضي ثلاث سنين ، ولو معينة فإلى مضيها إن مات الموصي قبلها أو فيها ثم تسلم إلى الورثة لأن الموصى له استوفى حقه ، وإن مات الموصي بعدها بطلت الوصية منح ملخصا ( قوله هذا ) أي قسمة الدار ومهايأة العبد أثلاثا ( قوله بقدر ثلث جميع المال ) مثاله إذا كان العبد نصف التركة يخدم الموصى له يومين والورثة يوما لأن ثلثي العبد ثلث التركة فصار الموصى به ثلثي العبد وثلثه للورثة فيقسم كما ذكرناه ، وعلى هذا الاعتبار تخرج بقية مسائله اختيار




الخدمات العلمية