الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 350 ] قوله تعالى : يا بني آدم الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      - أخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن مجاهد في قوله : يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم قال : كان أناس من العرب يطوفون بالبيت عراة ، فلا يلبس أحدهم ثوبا طاف فيه . وفي قوله : ( ورياشا ) قال : المال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن عكرمة في قوله : قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم قال : نزلت في الحمس من قريش ، ومن كان يأخذ مأخذها من قبائل العرب الأنصار ، الأوس والخزرج ، وخزاعة وثقيف ، وبني عامر بن صعصعة ، وبطون كنانة بن بكر ، كانوا لا يأكلون اللحم ، ولا يأتون البيوت إلا من أدبارها ، ولا يضطربون وبرا ولا شعرا ، إنما يضطربون الأدم ويلبسون صبيانهم الرهاط ، وكانوا يطوفون عراة إلا قريشا ، فإذا قدموا طرحوا ثيابهم التي قدموا فيها ، وقالوا : هذه ثيابنا التي تطهرنا إلى ربنا فيها من الذنوب والخطايا ، ثم قالوا لقريش : من يعيرنا مئزرا ؟ فإن لم يجدوا طافوا عراة ، فإذا فرغوا من طوافهم أخذوا ثيابهم التي كانوا وضعوا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 351 ] وأخرج ابن جرير ، عن عروة بن الزبير في قوله : لباسا يواري سوآتكم قال : الثياب ، ( ورياشا ) قال : المال ولباس التقوى قال : خشية الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن زيد بن علي في قوله : لباسا يواري سوآتكم قال : لباس العامة وريشا قال : لباس الزينة ولباس التقوى قال : الإسلام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ من طرق ، عن ابن عباس في قوله : وريشا قال : المال واللباس والعيش والنعيم ، وفي قوله : ولباس التقوى قال : الإيمان والعمل الصالح ، ذلك خير قال : الإيمان والعمل خير من الريش واللباس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : ( ورياشا ) يقول : مالا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن علي ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لبس ثوبا جديدا قال : الحمد لله الذي كساني من الرياش ما أواري به عورتي ، وأتجمل به في الناس .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 352 ] وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن زيد قال : الرياش : الجمال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطستي ، عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل : وريشا قال : الرياش : المال . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت الشاعر وهو يقول :

                                                                                                                                                                                                                                      [165و]

                                                                                                                                                                                                                                      فرشني بخير طال ما قد بريتني وخير الموالي من يريش ولا يبري



                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن قتادة في قوله : ( لباسا يواري سوآتكم ورياشا ) قال : هو اللباس ، ولباس التقوى قال : هو الإيمان ، وقد أنزل الله اللباس ثم قال : خير اللباس التقوى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن مجاهد ، أنه قرأها وريشا ولباس التقوى بالرفع .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن عاصم أنه قرأ : وريشا بغير ألف، ولباس التقوى بالرفع .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن عثمان : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ : [ ص: 353 ] ( ورياشا ) ولم يقل : وريشا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن زر بن حبيش ، أنه قرأها : ( " ورياشا " ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو عبيد ، وعبد بن حميد ، والحكيم الترمذي ، وابن المنذر ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن معبد الجهني في قوله : ولباس التقوى قال : هو الحياء ، ألم تر أن الله قال : يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى فاللباس الذي يواري سوآتكم هو لبوسكم ، والرياش المعاش ، ولباس التقوى : الحياء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن زيد في قوله : ولباس التقوى قال : يتقي الله فيواري عورته ذاك لباس التقوى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن عكرمة في قوله : ولباس التقوى قال : ما يلبس المتقون يوم القيامة ، ذلك خير من لباس أهل الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن عطاء في قوله : ولباس التقوى ذلك خير قال : ما يلبس المتقون يوم القيامة خير مما يلبس أهل الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس في قوله : ولباس التقوى قال : السمت الحسن في الوجه .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 354 ] وأخرج أبو الشيخ ، عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبد عمل خيرا أو شرا إلا كسي رداء عمله حتى يعرفوه ، وتصديق ذلك في كتاب الله : ولباس التقوى ذلك خير الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن الحسن قال : رأيت عثمان على المنبر قال : يا أيها الناس ، اتقوا الله في هذه السرائر ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : والذي نفس محمد بيده ما عمل أحد عملا قط سرا ، إلا ألبسه الله رداءه علانية ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر . ثم تلا هذه الآية : ( ورياشا - ولم يقل : وريشا - ولباس التقوى ذلك خير ) قال : السمت الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن السدي في قوله : لباسا يواري سوآتكم قال : هي الثياب ، ( رياشا ) قال : المال ، ولباس التقوى قال : الإيمان ، ذلك خير يقول : ذلك خير من الرياش واللباس يواري سوآتكم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية