الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة خمس وأربعين

فمن الحوادث فيها [ولاية زياد البصرة ]

إن معاوية ولى الحارث بن عبد الله الأزدي البصرة ، فأقام بالبصرة أربعة أشهر وعزله وولى زيادا ، فقدم زياد إلى الكوفة ينتظر إلى أمر معاوية ، فظن المغيرة أنه قدم واليا عليها فقال لوائل بن حجر الحضرمي : اعلم لي علمه ، فأتاه فلم يقدر منه على شيء ، وقدم رسول معاوية إلى زياد : أن سر إلى البصرة ، فقدمها في آخر شهر ربيع الآخر أو غرة جمادى الأولى من هذه السنة ، واستعمله على خراسان وسجستان ، ثم جمع له الهند والبحرين وعمان .

فلما قدم البصرة وجد الفسق فيها ظاهرا ، فخطب فقال في خطبته : كأنكم لم تسمعوا ما أعد الله من الثواب لأهل طاعته ، والعذاب لأهل معصيته ، أيكونون كمن طرفت عنه الدنيا وسدت مسامعه الشهوات ، واختار الفانية على الباقية .

قال الشعبي : ما سمعت متكلما قط تكلم فأحسن إلا أحببت أن يسكت [خوفا أن يسيء ] إلا زيادا ، فإنه كان كلما أكثر كان أجود كلاما .

وما زال زياد يشدد أمر السلطان ، وتجرد السيف ، فخافه الناس خوفا شديدا حتى [ ص: 213 ] أن الشيء كان يوجد فلا يتجاسر أحد أن يرفعه حتى يأتيه صاحبه ، واستعان زياد بعدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، منهم عمران بن حصين ولاه قضاء البصرة ، والحكم بن عمرو الغفاري ولاه خراسان ، وسمرة بن جندب ، وعبد الرحمن بن سمرة ، وأنس بن مالك .

التالي السابق


الخدمات العلمية