الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مسائل شتى جمع شتيت بمعنى متفرقة وهو من دأب المصنفين لتدارك ما لا يذكر فيما كان يحق ذكره فيه . قلت : وقد ألحقت غالبها بمحالها ، ولله الحمد .

( عرق مدمن الخمر خارج نجس ) هذه مقدمة صغرى في تسليمها كلام قد وعدتك به في أوائل نواقض الوضوء ( وكل خارج نجس ينقض الوضوء ) هذه مقدمة كبرى هي مسلمة عندنا ( فينتج ) أن ( عرق مدمن الخمر ينقض الوضوء ) لكنه يحتاج لإثبات الصغرى .

وحاصله ما في الذخائر الإشرافية لابن الشحنة معزيا للمجتبى : عرق الدجاجة الجلالة نجس . قال : وعليه فعرق مدمن الخمر نجس بل أولى . ثم قال : وما أسمج من كان عرقه كعرق الكلب والخنزير . قال ابن العز : فحينئذ ينقض الوضوء ، وهو فرع غريب وتخريج ظاهر . قال المصنف : ولظهوره عولنا عليه . قلت : قال شيخنا الرملي حفظه الله تعالى : كيف يعول عليه وهو مع غرابته لا يشهد له رواية ولا دراية ، أما الأولى فظاهر إذ لم يرو عن أحد ممن يعتمد عليه ، وأما الثانية فلعدم تسليم المقدمة الأولى ويشهد لبطلانها مسألة الجدي إذا غذي بلبن الخنزير فقد عللوا حل أكله [ ص: 732 ] بصيرورته مستهلكا لا يبقى له أثر فكذلك نقول في عرق مدمن الخمر ، ويكفينا في ضعفه غرابته وخروجه عن الجادة فيجب طرحه عن السرج من متن وشرح .

التالي السابق


مسائل شتى ( قوله جمع شتيت إلخ ) فهو فعيل بمعنى فاعل حمل على فعيل بمعنى مفعول كمريض ومرضى ولذا جمع على فعلى قهستاني ( قوله ما لا يذكر ) الأولى ما لم كما عبر غيره ( قوله فينتج ) أي من الشكل الأول بعد تسليم الصغرى ( قوله بل أولى ) لأن تأثير المائع في التصرف فوق تأثير غيره منح فإذا كان عرق الجلالة التي غذيت بالنجاسة الجامدة نجسا فعرق مدمن الخمر المائع أولى ( قوله وما أسمج ) من السماجة وهي القبح كما في القاموس ( قوله قال ابن العز ) بمهملة فمعجمة وهو من شراح الهداية ( قوله فحينئذ ) أي فحين إذ كان عرقه نجسا ينقض لقاعدة كل خارج نجس ينقض الوضوء ط ( قوله وهو مع غرابته ) أي تفرد ابن العز باستنباطه ( قوله لا يشهد له رواية ) أي دليل منقول ولا دراية أي دليل معقول ( قوله ويشهد لبطلانها إلخ ) حاصله استدلال بالقياس على مسألة الجدي [ ص: 732 ] بجامع الاستهلاك ولذا فرع عليه بقوله فكذلك نقول إلخ ، ولا يخفى أن القياس دليل معقول فافهم ( قوله بصيرورته مستهلكا ) يعني بخلاف الجلالة فإن ما تتناوله لكونه جامدا لا يصير مستهلكا بل يحيل لحمها إلى نتن وفساد تأمل ا هـ ح ( قوله ويكفينا في ضعفه غرابته إلخ ) قال الرملي أيضا في حاشية المنح ، وتقدم في كتاب الأشربة عن المحقق ابن وهبان أنه لا تعويل ولا التفات إلى كل ما قاله صاحب القنية مخالف للقواعد ما لم يعضده نقل من غيره ، ولم ينقل عن أحد من علمائنا المتقدمين والمتأخرين أن عرق مدمن الخمر ناقض للضوء سوى ما بحثه ابن العز .

وقد يفرق بأن مدمن الخمر يخلط والجلالة لا تخلط : حتى لو كانت تخلط لا يحكم بنجاسة عرقها كما قالوا في تفسيرها ، وغاية ما فيه أنه يقع الشك في تولد العرق منه أو من غيره ، ولا نقض بالشك . على أنا ما أثبتنا النقض بالخارج المحقق النجاسة من غير السبيلين إلا بعد علاج قوي ومنازعة كلية بيننا وبين الشافعية فكيف يثبت النقض بشيء موهوم . وأيضا نفس عرق الجلالة في نجاسته منازعة ، إذ صرحوا قاطبة بكراهة لحمها إذا تغير وأنتن ، وإنما يستعملون الكراهة لريب في الحرمة والحرمة فرع النجاسة والنقض بها إنما يكون بما لا ريب فيه ، ويلزم مما بحثه ابن العز نقض الوضوء بعرق من أكل أو شرب نجاسة ما في زمن مداومته ولم يقل به أحد ا هـ ملخصا . أقول : ويلزم عليه أيضا النقض بدموعه وريقه لأنهما كالعرق ، وأن يكون حكمه حكم المعذور لخروج ريقه دائما وهذا لم يقل به أحد أيضا ، وقدم الشارح في كتاب الطهارة أن سؤر الإبل والبقر الجلالة مكروه تنزيها . وفي الخانية أن عرق الجلالة طاهر ( قوله وخروجه عن الجادة ) هي معظم الطريق كما في القاموس ، والمراد طريق الفقه ( قوله عن السرح ) بمهملات قال في جامع اللغة : السرح المال ، وشجر عظام طوال ، والمراد بها مسائل الفقه ا هـ ح فهو استعارة مصرحة




الخدمات العلمية