الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 101 ] القول في تأويل قوله تعالى ( لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء )

قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله : " لله ما في السماوات وما في الأرض " لله ملك كل ما في السماوات وما في الأرض من صغير وكبير ، وإليه تدبير جميعه ، وبيده صرفه وتقليبه ، لا يخفى عليه منه شيء ، لأنه مدبره ومالكه ومصرفه .

وإنما عنى بذلك - جل ثناؤه - كتمان الشهود الشهادة ، يقول : لا تكتموا الشهادة أيها الشهود ، ومن يكتمها يفجر قلبه ، ولن يخفى علي كتمانه ذلك ، لأني بكل شيء عليم ، وبيدي صرف كل شيء في السماوات والأرض وملكه ، أعلم خفي ذلك وجليه ، فاتقوا عقابي إياكم على كتمانكم الشهادة وعيدا من الله بذلك من كتمها ، وتخويفا منه له به . ثم أخبرهم عما هو فاعل بهم في آخرتهم وبمن كان من نظرائهم ممن انطوى كشحا على معصية فأضمرها ، أو أظهر موبقة فأبداها من نفسه - من المحاسبة عليها فقال : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " يقول : وإن تظهروا فيما عندكم من الشهادة على حق رب المال الجحود والإنكار ، أو تخفوا ذلك فتضمروه في أنفسكم ، وغير ذلك من سيئ أعمالكم " يحاسبكم به الله " يعني [ ص: 102 ] بذلك : يحتسب به عليكم من أعمالكم ، فمجاز من شاء منكم من المسيئين بسوء عمله ، وغافر لمن شاء منكم من المسيئين .

ثم اختلف أهل التأويل فيما عنى بقوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " .

فقال بعضهم بما قلنا : من أنه عنى به الشهود في كتمانهم الشهادة ، وأنه لاحق بهم كل من كان من نظرائهم ممن أضمر معصية أو أبداها .

ذكر من قال ذلك :

6449 - حدثني أبو زائدة زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال : حدثنا ابن فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عباس في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " يقول : يعني في الشهادة .

6450 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن مقسم ، عن ابن عباس في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " قال : في الشهادة .

6451 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا عبد الأعلى قال : سئل داود عن قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " فحدثنا عن [ ص: 103 ] عكرمة قال : هي الشهادة إذا كتمتها .

6452 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة عن عمرو وأبي سعيد : أنه سمع عكرمة يقول في هذه الآية : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " قال : في الشهادة .

6453 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان عن السدي عن الشعبي في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " قال : في الشهادة .

6454 - حدثنا يعقوب قال : حدثنا هشيم قال أخبرنا يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " قال : نزلت في كتمان الشهادة وإقامتها .

6455 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا يزيد قال أخبرنا جويبر عن عكرمة في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " يعني كتمان الشهادة وإقامتها على وجهها .

وقال آخرون : " بل نزلت هذه الآية إعلاما من الله تبارك وتعالى عباده أنه مؤاخذهم بما كسبته أيديهم وحدثتهم به أنفسهم مما لم يعملوه " .

ثم اختلف متأولو ذلك كذلك .

فقال بعضهم : " ثم نسخ الله ذلك بقوله : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) [ سورة البقرة : 286 ] "

ذكر من قال ذلك :

6456 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا إسحاق بن سليمان عن مصعب بن [ ص: 104 ] ثابت عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : لما نزلت : " لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " اشتد ذلك على القوم ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا لمؤاخذون بما نحدث به أنفسنا ! هلكنا ! فأنزل الله - عز وجل - : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) الآية إلى قوله : ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) ، قال أبي : قال أبو هريرة : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال الله : نعم ( ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ) إلى آخر الآية قال أبي : قال أبو هريرة : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قال الله - عز وجل - : نعم .

6457 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع وحدثنا سفيان بن وكيع [ ص: 105 ] قال : حدثنا أبي قال : حدثنا سفيان عن آدم بن سليمان مولى خالد بن خالد قال : سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء " دخل قلوبهم منها شيء لم يدخلها من شيء ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " سمعنا وأطعنا وسلمنا . قال : فألقى الله - عز وجل - الإيمان في قلوبهم ، قال : فأنزل الله - عز وجل - : ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه ) قال أبو كريب : فقرأ : ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) قال فقال : قد فعلت ( ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ) قال : قد فعلت ( ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ) قال : قال : قد فعلت ( واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين ) قال : قد فعلت . [ ص: 106 ]

6458 - حدثني أبو الرداد المصري عبد الله بن عبد السلام قال : حدثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد عن حيوة بن شريح قال سمعت يزيد بن أبي حبيب يقول : قال ابن شهاب حدثني سعيد ابن مرجانة قال : جئت عبد الله بن عمر فتلا هذه الآية : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء " . ثم قال ابن عمر : لئن آخذنا بهذه الآية ، لنهلكن ! ثم بكى ابن عمر حتى سالت دموعه . قال ثم جئت عبد الله بن العباس فقلت : يا أبا عباس ، إني جئت ابن عمر فتلا هذه الآية : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " الآية ، ثم قال : لئن واخذنا بهذه الآية لنهلكن ! ثم بكى حتى سالت دموعه ! فقال ابن عباس : يغفر الله لعبد الله بن عمر ! لقد فرق أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها كما فرق ابن عمر منها ، فأنزل الله : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) ، فنسخ الله الوسوسة ، وأثبت القول والفعل .

6459 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن سعيد بن مرجانة يحدث : أنه بينا هو جالس سمع عبد الله بن عمر تلا هذه الآية " لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " الآية ، فقال : والله لئن آخذنا الله بهذا لنهلكن ! ثم بكى ابن عمر حتى سمع نشيجه ، فقال ابن مرجانة : فقمت حتى أتيت ابن عباس [ ص: 107 ] فذكرت له ما تلا ابن عمر ، وما فعل حين تلاها ، فقال عبد الله بن عباس : يغفر الله لأبي عبد الرحمن ! لعمري لقد وجد المسلمون منها حين أنزلت مثل ما وجد عبد الله بن عمر ، فأنزل الله بعدها ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) إلى آخر السورة . قال ابن عباس : فكانت هذه الوسوسة مما لا طاقة للمسلمين بها ، وصار الأمر إلى أن قضى الله - عز وجل - أن للنفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت في القول والفعل .

6460 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر قال سمعت الزهري يقول في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " قال : قرأها ابن عمر فبكى وقال : إنا لمؤاخذون بما نحدث به أنفسنا ! فبكى حتى سمع نشيجه ، فقام رجل من عنده فأتى ابن عباس فذكر ذلك له ، فقال : رحم الله ابن عمر ! لقد وجد المسلمون نحوا مما وجد ، حتى نزلت : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) .

6461 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان عن حميد الأعرج عن مجاهد قال : كنت عند ابن عمر فقال : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " الآية ، فبكى . فدخلت على ابن عباس فذكرت له ذلك ، فضحك ابن عباس فقال : يرحم الله ابن عمر ! [ ص: 108 ] أوما يدري فيم أنزلت ؟ إن هذه الآية حين أنزلت غمت أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غما شديدا وقالوا : يا رسول الله ، هلكنا ! فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : قولوا : " سمعنا وأطعنا " فنسختها : ( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله ) إلى قوله : ( وعليها ما اكتسبت ) فتجوز لهم من حديث النفس ، وأخذوا بالأعمال .

6462 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم : أن أباه قرأ : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " فدمعت عينه ، فبلغ صنيعه ابن عباس ، فقال : يرحم الله أبا عبد الرحمن ! لقد صنع كما صنع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أنزلت ، فنسختها الآية التي بعدها : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) . [ ص: 109 ]

6463 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير قال : نسخت هذه الآية : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " - ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) .

6464 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا أبو أحمد قال : حدثنا سفيان عن آدم بن سليمان عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت هذه الآية : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " قالوا : أنؤاخذ بما حدثنا به أنفسنا ، ولم تعمل به جوارحنا ؟ قال : فنزلت هذه الآية : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) ، قال : ويقول : قد فعلت . قال : فأعطيت هذه الأمة خواتيم " سورة البقرة " لم تعطها الأمم قبلها . [ ص: 110 ]

6465 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا جابر بن نوح قال : حدثنا إسماعيل عن عامر : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء " قال : فنسختها الآية بعدها ، قوله : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) .

6466 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " قال : نسختها الآية التي بعدها : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) وقوله : " وإن تبدوا " قال : يحاسب بما أبدى من سر أو أخفى من سر ، فنسختها التي بعدها .

6467 - حدثني يعقوب قال : حدثنا هشيم قال أخبرنا سيار عن الشعبي قال : لما نزلت هذه الآية : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء " قال : فكان فيها شدة ، حتى نزلت هذه الآية التي بعدها : ( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) ، قال : فنسخت ما كان قبلها .

6468 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية عن ابن عون قال : ذكروا عند الشعبي : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " حتى بلغ ( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) ، قال : فقال الشعبي : إلى هذا صار ، رجعت إلى آخر الآية .

6469 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا يزيد قال أخبرنا جويبر عن الضحاك في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " قال : قال ابن مسعود : كانت المحاسبة قبل أن تنزل : ( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) ، فلما نزلت نسخت الآية التي كانت قبلها .

6470 - حدثت عن الحسين قال سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد [ ص: 111 ] قال سمعت الضحاك يذكر ، عن ابن مسعود نحوه .

6471 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير عن بيان ، عن الشعبي قال : نسخت " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " ( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) .

6472 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب وسفيان عن جابر عن مجاهد وعن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد قالوا : نسخت هذه الآية ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " الآية .

6473 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن إسرائيل عن جابر عن عكرمة وعامر بمثله .

6474 - حدثنا المثنى قال : حدثنا الحجاج قال : حدثنا حماد عن حميد عن الحسن في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه " إلى آخر الآية ، قال : محتها : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) .

6475 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة : أنه قال : نسخت هذه الآية يعني قوله : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) الآية التي كانت قبلها : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " .

6476 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " قال : نسختها قوله : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) .

6477 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال حدثني ابن زيد قال : لما نزلت هذه الآية : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " إلى آخر [ ص: 112 ] الآية ، اشتدت على المسلمين ، وشقت مشقة شديدة ، فقالوا : يا رسول الله ، لو وقع في أنفسنا شيء لم نعمل به وأخذنا الله به ؟ قال : " فلعلكم تقولون كما قال بنو إسرائيل : " سمعنا وعصينا " ! قالوا : بل سمعنا وأطعنا يا رسول الله ! قال : فنزل القرآن يفرجها عنهم : " آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله " إلى قوله : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) ، قال : فصيره إلى الأعمال ، وترك ما يقع في القلوب .

6478 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج قال : حدثنا هشيم عن سيار عن أبي الحكم عن الشعبي عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " قال : نسخت هذه الآية التي بعدها : ( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) .

6479 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط عن السدي قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " قال : يوم نزلت هذه الآية كانوا يؤاخذون بما وسوست به أنفسهم وما عملوا ، فشكوا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : إن عمل أحدنا وإن لم يعمل أخذنا به ؟ والله ما نملك الوسوسة ! ! فنسخها الله بهذه الآية التي بعد بقوله : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) الآية ، فكان حديث النفس مما لم تطيقوا .

6480 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن قتادة أن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : نسختها قوله : ( لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) . [ ص: 113 ]

وقال آخرون ممن قال معنى ذلك : " الإعلام من الله - عز وجل - عباده أنه مؤاخذهم بما كسبته أيديهم وعملته جوارحهم ، وبما حدثتهم به أنفسهم مما لم يعملوه " " هذه الآية محكمة غير منسوخة ، والله - عز وجل - محاسب خلقه على ما عملوا من عمل وعلى ما لم يعملوه مما أسروه في أنفسهم ونووه وأرادوه ، فيغفره للمؤمنين ، ويؤاخذ به أهل الكفر والنفاق " .

ذكر من قال ذلك :

6481 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " فإنها لم تنسخ ، ولكن الله - عز وجل - إذا جمع الخلائق يوم القيامة ، يقول الله - عز وجل - : " إني أخبركم بما أخفيتم في أنفسكم مما لم تطلع عليه ملائكتي " فأما المؤمنون فيخبرهم ويغفر لهم ما حدثوا به أنفسهم ، وهو قوله : " يحاسبكم به الله " يقول : يخبركم . وأما أهل الشك والريب ، فيخبرهم بما أخفوا من التكذيب ، وهو قوله : ( ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ) [ سورة البقرة : 225 ] ، من الشك والنفاق .

6482 - حدثني محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " فذلك سر عملكم وعلانيته ، يحاسبكم به الله ، فليس من عبد [ ص: 114 ] مؤمن يسر في نفسه خيرا ليعمل به ، فإن عمل به كتبت له به عشر حسنات ، وإن هو لم يقدر له أن يعمل به كتبت له به حسنة من أجل أنه مؤمن ، والله يرضى سر المؤمنين وعلانيتهم . وإن كان سوءا حدث به نفسه ، اطلع الله عليه وأخبره به يوم تبلى السرائر ، وإن هو لم يعمل به لم يؤاخذه الله به حتى يعمل به ، فإن هو عمل به تجاوز الله عنه ، كما قال : ( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم ) [ سورة الأحقاف : 16 ] .

6483 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا يزيد قال أخبرنا جويبر عن الضحاك في قوله : ( وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ) ، الآية ، قال : قال ابن عباس : إن الله يقول يوم القيامة : " إن كتابي لم يكتبوا من أعمالكم إلا ما ظهر منها ، فأما ما أسررتم في أنفسكم فأنا أحاسبكم به اليوم ، فأغفر لمن شئت وأعذب من شئت " .

6484 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال أخبرنا علي بن عاصم قال أخبرنا بيان عن بشر عن قيس بن أبي حازم قال : إذا كان يوم القيامة قال الله - عز وجل - يسمع الخلائق : " إنما كان كتابي يكتبون عليكم ما ظهر منكم ، فأما ما أسررتم فلم يكونوا يكتبونه ولا يعلمونه ، أنا الله أعلم بذلك كله منكم ، فأغفر لمن شئت ، وأعذب من شئت " .

6485 - حدثت عن الحسين قال سمعت أبا معاذ قال أخبرنا عبيد قال سمعت الضحاك يقول في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " كان ابن عباس يقول : إذا دعي الناس للحساب أخبرهم الله بما كانوا يسرون في أنفسهم مما لم يعملوه فيقول : " إنه كان لا يعزب عني شيء ، وإني مخبركم بما كنتم تسرون من السوء ، ولم تكن حفظتكم عليكم مطلعين عليه " . فهذه المحاسبة . [ ص: 115 ]

6486 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا أبو تميلة عن عبيد بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس نحوه .

6487 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " قال : هي محكمة ، لم ينسخها شيء يقول : " يحاسبكم به الله " يقول : يعرفه الله يوم القيامة : " إنك أخفيت في صدرك كذا وكذا " ! لا يؤاخذه .

6488 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن عمرو بن عبيد عن الحسن قال : هي محكمة لم تنسخ .

6489 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية قال : حدثنا ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " قال : من الشك واليقين .

6490 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم عن عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله - عز وجل - : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " يقول : في الشك واليقين .

6491 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله .

قال أبو جعفر : فتأويل هذه الآية على قول ابن عباس الذي رواه علي بن أبي طلحة : وإن تبدوا ما في أنفسكم من شيء من الأعمال فتظهروه بأبدانكم وجوارحكم ، أو تخفوه فتسروه في أنفسكم ، فلم يطلع عليه أحد من خلقي ، أحاسبكم به ، فأغفر كل ذلك لأهل الإيمان ، وأعذب أهل الشرك والنفاق في ديني . [ ص: 116 ]

وأما على الرواية التي رواها عنه الضحاك من رواية عبيد بن سليمان عنه ، وعلى ما قاله الربيع بن أنس ، فإن تأويلها : إن تظهروا ما في أنفسكم فتعملوه من المعاصي ، أو تضمروا إرادته في أنفسكم فتخفوه ، يعلمكم به الله يوم القيامة ، فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء .

وأما قول مجاهد ، فشبيه معناه بمعنى قول ابن عباس الذي رواه علي بن أبي طلحة .

وقال آخرون ممن قال : " هذه الآية محكمة ، وهي غير منسوخة " ووافقوا الذين قالوا : " معنى ذلك : أن الله - عز وجل - أعلم عباده ما هو فاعل بهم فيما أبدوا وأخفوا من أعمالهم " معناها : إن الله محاسب جميع خلقه بجميع ما أبدوا من سيئ أعمالهم ، وجميع ما أسروه ، ومعاقبهم عليه . غير أن عقوبته إياهم على ما أخفوه مما لم يعملوه ، ما يحدث لهم في الدنيا من المصائب والأمور التي يحزنون عليها ويألمون منها .

ذكر من قال ذلك :

6492 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا يزيد قال أخبرنا جويبر عن الضحاك في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " الآية ، قال : كانت عائشة رضي الله عنها تقول : من هم بسيئة فلم يعملها ، أرسل الله عليه من الهم والحزن مثل الذي هم به من السيئة فلم يعملها ، فكانت كفارته .

6493 - حدثت عن الحسين قال سمعت أبا معاذ قال أخبرنا عبيد قال [ ص: 117 ] سمعت الضحاك يقول في قوله : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " قال : كانت عائشة تقول : كل عبد يهم بمعصية ، أو يحدث بها نفسه ، حاسبه الله بها في الدنيا ، يخاف ويحزن ويهتم .

6494 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني أبو تميلة عن عبيد عن الضحاك قال : قالت عائشة في ذلك : كل عبد هم بسوء ومعصية ، وحدث نفسه به ، حاسبه الله في الدنيا ، يخاف ويحزن ويشتد همه ، لا يناله من ذلك شيء ، كما هم بالسوء ولم يعمل منه شيئا .

6495 - حدثنا الربيع قال : حدثنا أسد بن موسى قال : حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أمية أنها سألت عائشة عن هذه الآية : " وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله " و ( من يعمل سوءا يجز به ) [ سورة النساء : 123 ] فقالت : ما سألني عنها أحد مذ سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا عائشة ، هذه متابعة الله العبد بما يصيبه من الحمى والنكبة والشوكة ، حتى البضاعة يضعها في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها في ضبنه ، حتى إن المؤمن ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير . [ ص: 118 ]

قال أبو جعفر : وأولى الأقوال التي ذكرناها بتأويل الآية قول من قال : " إنها محكمة ، وليست بمنسوخة " . وذلك أن النسخ لا يكون في حكم إلا بنفيه بآخر ، هو له ناف من كل وجوهه . وليس في قوله جل وعز : " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت " نفي الحكم الذي أعلم عباده بقوله : " أو تخفوه يحاسبكم به الله " . لأن المحاسبة ليست بموجبة عقوبة ، ولا مؤاخذة بما حوسب عليه العبد من ذنوبه .

وقد أخبر الله - عز وجل - عن المجرمين أنهم حين تعرض عليهم كتب أعمالهم يوم القيامة يقولون : ( يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ) [ ص: 119 ] [ سورة الكهف : 49 ] . فأخبر أن كتبهم محصية عليهم صغائر أعمالهم وكبائرها ، فلم تكن الكتب - وإن أحصت صغائر الذنوب وكبائرها - بموجب إحصاؤها على أهل الإيمان بالله ورسوله ، وأهل الطاعة له ، أن يكونوا بكل ما أحصته الكتب من الذنوب معاقبين ؛ لأن الله - عز وجل - وعدهم العفو عن الصغائر باجتنابهم الكبائر فقال في تنزيله : ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ) [ سورة النساء : 31 ] . فذلك محاسبة الله عباده المؤمنين بما هو محاسبهم به من الأمور التي أخفتها أنفسهم ، غير موجب لهم منه عقوبة ، بل محاسبته إياهم - إن شاء الله - عليها ، ليعرفهم تفضله عليهم بعفوه لهم عنها ، كما بلغنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخبر الذي : -

6496 - حدثني به أحمد بن المقدام قال : حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت أبي ، عن قتادة عن صفوان بن محرز عن ابن عمر عن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : يدني الله عبده المؤمن يوم القيامة حتى يضع عليه كنفه ، فيقرره بسيئاته يقول : هل تعرف ؟ فيقول : نعم ! فيقول : سترتها في الدنيا وأغفرها اليوم ! ثم يظهر له حسناته فيقول : ( هاؤم اقرءوا كتابيه ) [ سورة الحاقة : 19 ] أو كما قال وأما الكافر فإنه ينادي به على رءوس الأشهاد .

6497 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا ابن أبي عدي عن سعيد ، وهشام وحدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية قال أخبرنا هشام قالا جميعا في حديثهما عن [ ص: 120 ] قتادة عن صفوان بن محرز قال : بينما نحن نطوف بالبيت مع عبد الله بن عمر وهو يطوف ، إذ عرض له رجل فقال : يا ابن عمر ، أما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في النجوى ؟ فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : يدنو المؤمن من ربه حتى يضع عليه كنفه ، فيقرره بذنوبه فيقول : " هل تعرف كذا " ؟ فيقول : " رب اغفر " - مرتين - حتى إذا بلغ به ما شاء الله أن يبلغ قال : " فإني قد سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم " . قال : فيعطى صحيفة حسناته - أو : كتابه - بيمينه ، وأما الكفار والمنافقون فينادي بهم على رءوس الأشهاد : ( هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين ) . [ سورة هود : 18 ] . [ ص: 121 ]

أن الله يفعل بعبده المؤمن من تعريفه إياه سيئات أعماله ، حتى يعرفه تفضله عليه بعفوه له عنها . فكذلك فعله - تعالى ذكره - في محاسبته إياه بما أبداه من نفسه وبما أخفاه من ذلك ، ثم يغفر له كل ذلك بعد تعريفه تفضله وتكرمه عليه ، فيستره عليه . وذلك هو المغفرة التي وعد الله عباده المؤمنين فقال : " فيغفر لمن يشاء " .

قال أبو جعفر : فإن قال قائل : فإن قوله : " لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت " ينبئ عن أن جميع الخلق غير مؤاخذين إلا بما كسبته أنفسهم من ذنب ، ولا مثابين إلا بما كسبته من خير ؟

قيل : إن ذلك كذلك ، وغير مؤاخذ العبد بشيء من ذلك إلا بفعل ما نهي عن فعله ، أو ترك ما أمر بفعله .

فإن قال : فإذ كان ذلك كذلك ، فما معنى وعيد الله - عز وجل - إيانا على ما أخفته أنفسنا بقوله : " ويعذب من يشاء " إن كان لها ما كسبت وعليها [ ص: 122 ] ما اكتسبت ، وما أضمرته قلوبنا وأخفته أنفسنا - : من هم بذنب ، أو إرادة لمعصية - لم تكتسبه جوارحنا ؟

قيل له : إن الله - جل ثناؤه - قد وعد المؤمنين أن يعفو لهم عما هو أعظم مما هم به أحدهم من المعاصي فلم يفعله ، وهو ما ذكرنا من وعده إياهم العفو عن صغائر ذنوبهم إذا هم اجتنبوا كبائرها ، وإنما الوعيد من الله - عز وجل - بقوله : " ويعذب من يشاء " على ما أخفته نفوس الذين كانت أنفسهم تخفي الشك في الله ، والمرية في وحدانيته ، أو في نبوة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وما جاء به من عند الله ، أو في المعاد والبعث - من المنافقين ، على نحو ما قال ابن عباس ومجاهد ، ومن قال بمثل قولهما إن تأويل قوله : " أو تخفوه يحاسبكم به الله " على الشك واليقين .

غير أنا نقول إن المتوعد بقوله : " ويعذب من يشاء " هو من كان إخفاء نفسه ما تخفيه الشك والمرية في الله ، وفيما يكون الشك فيه بالله كفرا والموعود الغفران بقوله : " فيغفر لمن يشاء " هو الذي إخفاء ما يخفيه الهمة بالتقدم على بعض ما نهاه الله عنه من الأمور التي كان جائزا ابتداء تحليله وإباحته ، فحرمه على خلقه - جل ثناؤه - أو على ترك بعض ما أمر الله بفعله ، مما كان جائزا ابتداء إباحة تركه ، فأوجب فعله على خلقه . فإن الذي يهم بذلك من المؤمنين - إذا هو لم يصحح همه بما يهم به ، ويحقق ما أخفته نفسه من ذلك [ ص: 123 ] بالتقدم عليه - لم يكن مأخوذا به ، كما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :

6498 - " من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب عليه " .

فهذا الذي وصفنا هو الذي يحاسب الله به مؤمني عباده ، ثم لا يعاقبهم عليه . فأما من كان ما أخفته نفسه شكا في الله وارتيابا في نبوة أنبيائه ، فذلك هو الهالك المخلد في النار الذي أوعده - جل ثناؤه - العذاب الأليم بقوله : " ويعذب من يشاء " .

قال أبو جعفر : فتأويل الآية إذا : " وإن تبدوا ما في أنفسكم " أيها الناس ، فتظهروه " أو تخفوه " فتنطوي عليه نفوسكم " يحاسبكم به الله " فيعرف مؤمنكم تفضله بعفوه عنه ومغفرته له فيغفره له ، ويعذب منافقكم على الشك الذي انطوت عليه نفسه في وحدانية خالقه ونبوة أنبيائه .

التالي السابق


الخدمات العلمية