الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ ( 17 ) .

                                                                                                                                                                                                                                      ( يتجرعه ) أي : يتحساه ويشربه ، لا بمرة واحدة ، بل جرعة جرعة ، لمرارته وحرارته ( ولا يكاد يسيغه ) و " يكاد " : صلة ، أي : لا يسيغه ، كقوله تعالى : ( لم يكد يراها ) ( النور - 40 ) أي : لم يرها .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : لا يجيزه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : معناه يكاد لا يسيغه ، ويسيغه فيغلي في جوفه . [ ص: 342 ]

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أخبرنا محمد بن أحمد بن الحارث ، أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أخبرنا عبد الله بن محمود ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن صفوان بن عمرو ، عن عبد الله بن بسر ، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : " ويسقى من ماء صديد يتجرعه " ، قال : يقرب إلى فيه فيتكرهه ، فإذا أدني منه شوى وجهه ، ووقعت فروة رأسه ، فإذا شربه قطع أمعاءه ، حتى يخرج من دبره، يقول الله عز وجل : ( وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ) ( محمد - 15 ) ، ويقول : ( وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه ) ( الكهف - 29 ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله عز وجل : ( ويأتيه الموت من كل مكان ) يعني : يجد هم الموت وألمه من كل مكان من أعضائه .

                                                                                                                                                                                                                                      قال إبراهيم التيمي : حتى من تحت كل شعرة من جسده .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : يأتيه الموت من قدامه ومن خلفه ، ومن فوقه ومن تحته ، وعن يمينه وعن شماله .

                                                                                                                                                                                                                                      ( وما هو بميت ) فيستريح ، قال ابن جريج : تعلق نفسه عند حنجرته فلا تخرج من فيه فيموت ، ولا ترجع إلى مكانها من جوفه فتنفعه الحياة . نظيرها (ثم لا يموت فيها ولا يحيا ) ( الأعلى - 13 ) .

                                                                                                                                                                                                                                      ( ومن ورائه ) أمامه ( عذاب غليظ ) شديد ، وقيل : العذاب الغليظ الخلود في النار .

                                                                                                                                                                                                                                      ) ومن ورائه ( أمامه ، ) عذاب غليظ ( شديد ، وقيل : العذاب الغليظ الخلود في النار .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية