الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( باب المسح على الخفين ) ( قال ) رضي الله عنه ولو أن مستحاضة توضأت ولبست الخفين في وقت العصر فلما صلت ركعة من العصر غربت الشمس فهذه المسألة على ثلاثة أوجه : في وجه عليها أن تتوضأ وتغسل قدميها وتستقبل الصلاة ، وفي وجه عليها أن تتوضأ وتمسح على خفيها وتستقبل الصلاة ، وفي وجه عليها أن تتوضأ وتمسح على خفيها وتبني على صلاتها ، أما بيان الوجه الأول فيما إذا توضأت والدم سائل ولبست الخف فإن هذا اللبس حصل على طهارة معتبرة في الوقت غير معتبرة بعد خروج الوقت وتنتقض طهارتها عند خروج الوقت بالحدث المقارن للوضوء وكان ذلك سابقا على الشروع في الصلاة .

والأصل أن طهارة المصلي متى انتقضت في خلال الصلاة بسبب سابق على الشروع في الصلاة يلزمه استقبال الصلاة كالمتيمم إذا أبصر الماء فلهذا يلزمها أن تتوضأ وتغسل قدميها وتستقبل الصلاة .

وبيان الوجه الثاني فيما إذا توضأت والدم منقطع ولبست الخف ثم سال الدم قبل غروب الشمس فهنا اللبس حصل على طهارة كاملة فيكون لها أن تمسح في الوقت وبعد خروج الوقت إلى تمام المدة ولكن انتقضت طهارتها عند خروج الوقت بسيلان كان في الوقت فقد أدت جزءا من الصلاة بعد سبق الحدث وذلك يمنعها من البناء على الصلاة .

وبيان الوجه الثالث فيما إذا توضأت والدم منقطع ولبست الخف ثم لم يسل الدم حتى غربت الشمس ثم سال الدم فههنا طهارتها إنما تنتقض بالحدث لا بخروج الوقت ولم يوجد منها أداء جزء من الصلاة بعد سبق الحدث فيكون لها أن تتوضأ وتبني على صلاتها ويكون لها أن تمسح على الخفين ; لأنها لبست على طهارة كاملة .

ولو لم يسل الدم حتى فرغت من صلاتها ثم سال الدم فصلاتها تامة ; لأنها أدت الصلاة بطهارة كاملة فإن دخل الوقت والدم منقطع ثم توضأت ثم سال الدم فعليها الوضوء ، وإنما أراد بهذا أن الدم كان منقطعا حين توضأت ولم يسل بعد ذلك [ ص: 135 ] حتى دخل وقت آخر فإن طهارتها لم تنتقض بخروج الوقت ، وإنما تنتقض بسيلان الدم فلا ينفعها الوضوء المتقدم لهذا السيلان ، فأما إذا كان الدم سائلا حين توضأت ثم انقطع ثم دخل وقت آخر فتوضأت ثم سال الدم فليس عليها وضوء آخر ; لأنه قد انتقضت طهارتها بخروج الوقت فإنها توضأت والوضوء واجب عليها فلا يلزمها وضوء آخر بسيلان الدم ما بقي الوقت .

التالي السابق


الخدمات العلمية