الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          هبط

                                                          هبط : الهبوط : نقيض الصعود ، هبط يهبط ويهبط هبوطا إذا انهبط في هبوط من صعود . وهبط هبوطا : نزل وهبطته ، وأهبطته فانهبط ; قال :


                                                          ما راعني إلا جناح هابطا على البيوت قوطه العلابطا



                                                          أي مهبطا قوطه . قال : وقد يجوز أن يكون أراد هابطا على قوطه ، فحذف وعدى . وفي حديث الطفيل بن عمرو : وأنا أتهبط إليهم من الثنية ، أي أنحدر ; قال ابن الأثير : هكذا جاء في الرواية ، وهو بمعنى أنهبط وأهبط . وهبطه أي أنزله ، يتعدى ولا يتعدى . وأما قوله - عز وجل - : وإن منها لما يهبط من خشية الله ; فأجود القولين فيه أن يكون معناه : وإن منها لما يهبط من نظر إليه من خشية الله ، وذلك أن الإنسان إذا فكر في عظم هذه المخلوقات تضاءل وخشع ، وهبطت نفسه لعظم ما شاهد ، فنسب الفعل إلى تلك الحجارة لما كان الخشوع والسقوط مسببا عنها وحادثا لأجل النظر إليها ، كقول [ ص: 14 ] الله سبحانه : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ; هذا قول ابن جني ، وكذلك أهبطته الركب ; قال عدى بن زيد :


                                                          أهبطته الركب يعديني وألجمه     للنائبات بسير مخذم الأكم



                                                          والهبوط من الأرض : الحدور . قال الأزهري : وفرق ما بين الهبوط والهبوط ، أن الهبوط اسم للحدور ، وهو الموضع الذي يهبطك من أعلى إلى أسفل ، والهبوط المصدر . والهبطة : ما تطامن من الأرض . وهبطنا أرض كذا أي نزلناها . والهبط : أن يقع الرجل في شر . والهبط أيضا : النقصان . ورجل مهبوط : نقصت حاله . وهبط القوم يهبطون إذا كانوا في سفال ونقصوا ; قال لبيد :


                                                          كل بني حرة مصيرهم     قل وإن أكثروا من العدد
                                                          إن يغبطوا يهبطوا وإن أمروا     يوما فهم للفناء والنفد



                                                          وهو نقيض ارتفعوا . والهبط : الذل ; وأنشد الأزهري بيت لبيد هذا : إن يغبطوا يهبطوا . ويقال : هبطه فهبط ، لفظ اللازم والمتعدي واحد . وفي الحديث : اللهم غبطا لا هبطا ، أي نسألك الغبطة ونعوذ بك أن نهبط عن حالنا ، وفي التهذيب : أي نسألك الغبطة ، ونعوذ بك أن تهبطنا إلى حال سفال ، وقيل : معناه نسألك الغبطة ، ونعوذ بك من الذل والانحطاط والنزول ; قال ابن بري : ومنه قول لبيد : إن يغبطوا يهبطوا ; وقول العباس :


                                                          ثم هبطت البلاد لا بشر     أنت ولا مضغة ولا علق

                                                          أراد لما أهبط الله آدم إلى الدنيا كنت في صلبه غير بالغ هذه الأشياء . قال ابن سيده : والعرب تقول : اللهم غبطا لا هبطا ; قال : الهبط ما تقدم من النقص والتسفل ، والغبط أن تغبط بخير تقع فيه . وهبطت إبلي وغنمي تهبط هبوطا : نقصت . وهبطتها هبطا وأهبطتها ، وهبط ثمن السلعة يهبط هبوطا : نقص ، وهبطته أهبطه هبطا وأهبطته . الأزهري : هبط ثمن السلعة وهبطته أنا أيضا ، بغير ألف . والمهبوط : الذي مرض فهبطه المرض إلى أن اضطرب لحمه . وهبط فلان إذا اتضع . وهبط القوم : صاروا في هبوط . ورجل مهبوط وهبيط : هبط المرض لحمه نقصه وأحدره وهزله . وهبط اللحم نفسه : نقص ، وكذلك الشحم . وهبط شحم الناقة إذا اتضع وقل ; قال أسامة الهذلي :


                                                          ومن أينها بعد إبدانها     ومن شحم أثباجها الهابط

                                                          ويقال : هبطته فهبط لازم وواقع أي انهبطت أسنمتها وتواضعت . والهبيط من النوق : الضامر . والهبيط من الأرض : الضامر ، وكله من النقصان . وقال أبو عبيدة : الهبيط الضامر من الإبل ; قال عبيد بن الأبرص :


                                                          وكأن أقتادي تضمن نسعها     من وحش أورال هبيط مفرد

                                                          أراد بالهبيط ثورا ضامرا . قال ابن بري : عنى بالهبيط الثور الوحشي ، شبه به ناقته في سرعتها ونشاطها وجعله منفردا ; لأنه إذا انفرد عن القطيع كان أسرع لعدوه . وهبط الرجل من بلد إلى بلد وهبطته أنا وأهبطته ; قال خالد بن جنبة : يقال : هبط فلان أرض كذا ، وهبط السوق إذا أتاها ; قال أبو النجم يصف إبلا :


                                                          يخبطن ملاحا كذاوي القرمل     فهبطت والشمس لم ترجل

                                                          أي أتته بالغداة قبل ارتفاع الشمس . ويقال : هبطه الزمان إذا كان كثير المال والمعروف ، فذهب ماله ومعروفه . الفراء : يقال هبطه الله وأهبطه . والتهبط : بلد ، وقال كراع : التهبط طائر ليس في الكلام على مثال تفعل غيره ، وروي عن أبي عبيدة : التهبط على لفظ المصدر . وفي حديث ابن عباس في العصف المأكول قال : هو الهبوط ، قال ابن الأثير : هكذا جاء في رواية بالطاء ، قال سفيان : هو الذر الصغير ، قال : وقال الخطابي أراه وهما وإنما هو بالراء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية