قال - رحمه الله - : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=6226_6194دفع الرجل أرضا له مزارعة بالنصف سنته هذه على أن البذر من قبل العامل فقال صاحب الأرض : اكربها ثم ازرعها فقال العامل : أزرعها بغير كراب فإنه ينظر في ذلك فإن كانت تزرع بغير كراب ويحصل الريع إلا أن بالكراب أجود فإن شاء العامل كرب ، وإن شاء لم يكرب ، وإن كانت لا تخرج زرعا بغير كراب لم يكن له أن يزرع إلا بكراب ; لأن المقصود بالمزارعة تحصيل الخارج ، فإن العمل الذي لا بد منه لتحصيل الخارج يصير مستحقا عليه بمطلق العقد ، وما يحصل الخارج بدونه لا يصير مستحقا عليه إلا بالشرط ; لأن بمطلق العقد يستحق المعقود عليه بصفة السلامة ولا يستحق صفة الجودة إلا بالشرط ، فإذا كانت تلك الأرض بحيث لا يحصل ريعها إلا بكراب فهذا عمل لا بد منه فيصير مستحقا على العامل بمطلق العقد إلا إن شاء أن يدع الزرع ; لأن البذر من قبله فلا يكون العقد لازما في حقه قبل إلقاء البذر في الأرض ، وإن كان الريع يحصل بغير كراب ، ومع الكراب يكون أجود ، ولكن صفة الجودة لا تستحق بمطلق العقد ، وبدون الكراب صفة السلامة تحصل في الريع فيتخير العامل لذلك ، وإن كانت تخرج بعد الكراب شيئا قليلا نظرت فيه فإن كان مما يقصد الناس ذلك بالزراعة تخير المزارع في الكراب ، وإن كان ذلك شيئا لا يقصده الناس بالعمل يجبر على الكراب ; لأن مطلق العقد يتقيد بالمتعارف ; ولأن ما لا يقصد تحصيله بالزراعة عادة يكون معينا . وقضية عقد المعاوضة صفة السلامة عن العيب فيصير الكراب مستحقا على العامل لتحصيل صفة السلامة لصاحب الأرض في نصيبه من الخارج ، وإذا كان يخرج بغير كراب ما يقصد بالزراعة فأدنى السلامة يحصل بغير كراب ، والأعلى لا يصير مستحقا إلا بالشرط ، وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=6226_6194إن زرع ثم قال : لا أسقي ولكن أدعها حتى تسقيها السماء ، فإن كانت تكتفي بماء السماء إلا أن السقي أجود للزرع لم يجبر على السقي ، وإن كانت مما لا يكفيه سقي السماء أجبر على السقي ، وكذلك لو كان البذر من قبل صاحب الأرض في جميع ذلك للمعنى الذي قلنا . ولو
nindex.php?page=treesubj&link=6226_6194دفع إليه أرضا وبذرا على أن يكربها ويزرعها سنته هذه بالنصف فأراد أن [ ص: 39 ] يزرعها بغير كراب فليس له ذلك ، ويجبر على الكراب سواء كان البذر من قبل المزارع ، أو من قبل رب الأرض ; لأن أصل الريع وإن كان يحصل بغير كراب ، فمع الكراب أجود ، وصفة الجودة تصير مستحقة بالشرط كصفة الجودة في المسلم فيه ، وصفة الكتابة والحبر في العبد تصير مستحقة بالشرط ، وإن كان لا يستحق بمطلق العقد ، وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=25952_22826_6226_6221لو شرط في المسلم فيه أن يوفيه في مصر كذا فله أن يوفيه في أي ناحية من نواحي المصر شاء ، وإن شرط عليه أن يوفيه في منزله في المصر فليس له أن يوفيه في موضع آخر ، إلا أن يكون الريع يحصل بالكراب وغير الكراب على صفة واحدة فحينئذ لا يعتبر هذا شرط ; لأنه غير مفيد ، وكذلك إن كان الكراب بحيث يضر بالزرع ، وقد يكون ذلك عند قوة الأرض فإن الكراب يحرق الأرض والزرع ، وإذا كان بهذه الصفة فليس على المزارع أن يكربها ; لأن اعتبار الشرط للمنفعة لا للضرر ، واشتراط التثنية على المزارع في المزارعة يفسد العقد قال : لأنه يبقي منفعتها في الأرض بعد مضي السنة بخلاف الكراب فإنه لا تبقى منفعته في الأرض بعد مضي السنة ، فاشتراطه لا يفسد المزارعة . وتكلموا في تفسير التثنية فقيل المراد أن يكربها مرتين ، ثم يزرع فعلى هذا اشتراط التثنية في ديارنا لا يفسد المزارعة ; لأنه لا تبقى منفعتها بعد مضي السنة ، وفي الديار التي تبقى منفعتها في الأرض بعد سنة إن كانت المزارعة بينهما سنة واحدة يفسد بهذا العقد ; لأنه لا تبقى منفعتها في الأرض بعد المدة وقيل معنى التثنية : أن يكربها بعد ما يحصد الزرع فيردها مكروبة وهذا الشرط مفسد للعقد ; لأن المزارعة تنتهي بإدراك الزرع فقد شرط عليه عملا بعد انتهاء العقد ، وفيه منفعة لرب الأرض وقيل معنى التثنية : أن يجعلها جداول كما يفعل بالمبطخة فيزرع ناحية منها ويبقي ما بين الجداول مكروبا فينتفع رب الأرض بذلك بعد انتهاء المزارعة وهذا مفسد للعقد ، والحاصل أنه متى شرط على العامل ما تبقى منفعته لرب الأرض بعد مضي المدة فالمزارعة تفسد به ، كما لو شرط عليه أن يكرب أنهارها والمزارعة بينهما سنة واحدة ، فإن كرب الأنهار تبقى منفعتها بعد انقضاء السنة ، وكذلك لو شرط عليه إصلاح مشاربها أو بناء حائط فيها ، أو أن يسرجنها فهذا كله مما تبقى منفعته في الأرض بعد مضي مدة المزارعة ، فتكون مفسدة للمزارعة ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=6226_6205_6207دفع إليه الأرض والبذر على أن يعمل سنته هذه على أنه إن زرع بغير كراب فللمزارع ربع الخارج ، وإن كربها ثم زرعها فللمزارع ثلث الخارج ، وإن كرب وثنى ثم زرع فالخارج بينهما نصفان فهذه مزارعة جائزة على ما اشترطا ; لأنه ذكر أنواعا من
[ ص: 40 ] العمل وأوجب له بمقابلة كل نوع شيئا معلوما من الخارج ، فيصح العقد كما لو
nindex.php?page=treesubj&link=6122_6184_6226دفع ثوبا إلى خياط فقال : إن خطته رومية فلك درهم وإن خطته فارسية فلك نصف درهم وهذا ; لأن أوان لزوم العقد بين الجانبين ، وانعقاد الشركة بينهما في الخارج عند إلقاء البذر في الأرض ، والكراب والتثنية كل ذلك يسبق إلقاء البذر ، فعند لزوم العقد نوع العمل معلوم ، وبدله معلوم فيجوز العقد كما في مسألة الخياطة ، فإن وجوب الأجر عند إقامة العمل وذلك عند العمل معلوم ، والبدل معلوم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16739عيسى - رحمه الله - : هذا الجواب غلط ; لأنه ذكر قبل هذا أن اشتراط التثنية على المزارع يفسد العقد ، وهنا قد شرط عليه التثنية ، وضم إليه نوعين آخرين من العمل فتمكنت الجهالة هنا من العمل ، ومقدار البدل عند العقد مع اشتراط التثنية ، فلأن يكون مفسدا للعقد كان أولى وإن كان لا يفسد العقد إذا كربها أو زرعها بغير كراب فينبغي أن يفسد العقد إذا ثنى ; لأنه تعين ذلك بعمله فكان شرط ذلك في الابتداء بعينه ولكن ما ذكره في الكتاب أصح ، أما إذا جعلنا تفسير التثنية أن يردها مكروبة فلا حاجة إلى الفرق بين هذا وبين ما سبق أن جعلنا تفسير التثنية أن يكربها مرتين ، فهناك تعين عليه التثنية بالشرط وهي مما تبقى منفعتها بعد مضي المدة ، فلا يجوز أن يجبر المزارع على إقامتها ، وهنا لا يتعين عليه التثنية بل يتخير هو في ذلك إن شاء فعل ، وإن شاء لم يفعل ، وهذا غير مفسد للعقد ، كما إذا أطلق العقد يصح ، ويتخير المزارع بين أن يثني الكراب ، وبين أن يكربها ويدع التثنية فإن زرع بعضها بكراب وبعضها بغير كراب وبعضها بكراب وثنيان فهو جائز ، وما زرعها بغير كراب فالخارج بينهما يكون أرباعا وما زرعها بكراب فهو بينهما أثلاثا وما زرع بكراب وثنيان فهو بينهما نصفان اعتبارا للبعض بالكل ، وهذا ; لأنه لا يتعين على صاحب الأرض والبذر شرط عقده بهذا التبعيض ، وهو متعارف بين الناس أن يزرع بعض الأرض بكراب وثنيان ، وبعضها بكراب ، وبعضها بغير كراب ، وهذا بخلاف مسألة الخياطة ; فإن هناك ليس له أن يخيط بعض الثوب رومية وبعضه فارسية ; لأن ذلك يفوت المقصود على صاحب الثوب ، وهذا غير متعارف في الثوب الواحد أن يخاط بعضه رومية ، وبعضه فارسية ، بل يعد ذلك عيبا في الثوب ، وكذلك لو كان البذر من قبل المزارع في جميع ذلك ، وكذلك لو كان الشرط أن ما زرع بكراب وثنيان فهو بينهما نصفان ، فهذا والأول سواء ، وقد طعنوا في هذه المسألة ، فقالوا : ينبغي أن لا يصح العقد هنا ; لأن كلمة " من " للتبعيض فقد شرط عليه أن يزرع البعض بكراب ، والبعض بثنيان ، والبعض
[ ص: 41 ] بغير كراب ، وذلك البعض مجهول ، وهذه الجهالة تفضي إلى تمكن المنازعة ; لأن العقد لازم من جانب العامل أو من جانب رب الأرض ، إذا كان البذر من قبل العامل ، فينبغي أن يفسد العقد ، واستدلوا على هذا بما ذكره في آخر الباب من التخيير بين أجناس البذر بهذا اللفظ ، وأفسدوا العقد به لهذا المعنى إلا أنا نقول : حرف " من " قد يكون للصلة خصوصا في موضع يكون الكلام بدونه مختلا قال الله - تعالى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30فاجتنبوا الرجس من الأوثان } . وإذا كان حرف " من " صلة كان له أن يزرع الكل بأي نوع من الأعمال الثلاثة شاء . فهذه المسألة والأولى سواء ، والفرق بين هذا وبين التخيير في جنس البذر بهذا اللفظ نذكره في آخر الباب
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=6226_6194دَفَعَ الرَّجُلُ أَرْضًا لَهُ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ سَنَتَهُ هَذِهِ عَلَى أَنَّ الْبَذْرَ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ فَقَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ : اكْرِبْهَا ثُمَّ ازْرَعْهَا فَقَالَ الْعَامِلُ : أَزْرَعُهَا بِغَيْرِ كِرَابٍ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ تُزْرَعُ بِغَيْرِ كِرَابٍ وَيَحْصُلُ الرِّيعُ إلَّا أَنَّ بِالْكِرَابِ أَجْوَدَ فَإِنْ شَاءَ الْعَامِلُ كَرَبَ ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَكْرُبْ ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُخْرِجُ زَرْعًا بِغَيْرِ كِرَابٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ إلَّا بِكِرَابٍ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْمُزَارَعَةِ تَحْصِيلُ الْخَارِجِ ، فَإِنَّ الْعَمَلَ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ لِتَحْصِيلِ الْخَارِجِ يَصِيرُ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ ، وَمَا يَحْصُلُ الْخَارِجُ بِدُونِهِ لَا يَصِيرُ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ إلَّا بِالشَّرْطِ ; لِأَنَّ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ يُسْتَحَقُّ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بِصِفَةِ السَّلَامَةِ وَلَا يَسْتَحِقُّ صِفَةَ الْجَوْدَةِ إلَّا بِالشَّرْطِ ، فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الْأَرْضُ بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ رِيعُهَا إلَّا بِكِرَابٍ فَهَذَا عَمَلٌ لَا بُدَّ مِنْهُ فَيَصِيرُ مُسْتَحَقًّا عَلَى الْعَامِلِ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ إلَّا إنْ شَاءَ أَنْ يَدَعَ الزَّرْعَ ; لِأَنَّ الْبَذْرَ مِنْ قِبَلِهِ فَلَا يَكُونُ الْعَقْدُ لَازِمًا فِي حَقِّهِ قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ ، وَإِنْ كَانَ الرِّيعُ يَحْصُلُ بِغَيْرِ كِرَابٍ ، وَمَعَ الْكِرَابِ يَكُونُ أَجْوَدَ ، وَلَكِنَّ صِفَةَ الْجَوْدَةِ لَا تُسْتَحَقُّ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ ، وَبِدُونِ الْكِرَابِ صِفَةُ السَّلَامَةِ تَحْصُلُ فِي الرِّيعِ فَيَتَخَيَّرُ الْعَامِلُ لِذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَتْ تُخْرِجُ بَعْدَ الْكِرَابِ شَيْئًا قَلِيلًا نَظَرْت فِيهِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَقْصِدُ النَّاسُ ذَلِكَ بِالزِّرَاعَةِ تُخَيِّرُ الْمُزَارِعَ فِي الْكِرَابِ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ شَيْئًا لَا يَقْصِدُهُ النَّاسُ بِالْعَمَلِ يُجْبَرُ عَلَى الْكِرَابِ ; لِأَنَّ مُطْلَقَ الْعَقْدِ يَتَقَيَّدُ بِالْمُتَعَارَفِ ; وَلِأَنَّ مَا لَا يُقْصَدُ تَحْصِيلُهُ بِالزِّرَاعَةِ عَادَةً يَكُونُ مُعَيَّنًا . وَقَضِيَّةُ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ صِفَةُ السَّلَامَةِ عَنْ الْعَيْبِ فَيَصِيرُ الْكِرَابُ مُسْتَحَقًّا عَلَى الْعَامِلِ لِتَحْصِيلِ صِفَةِ السَّلَامَةِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فِي نَصِيبِهِ مِنْ الْخَارِجِ ، وَإِذَا كَانَ يَخْرُجُ بِغَيْرِ كِرَابٍ مَا يُقْصَدُ بِالزِّرَاعَةِ فَأَدْنَى السَّلَامَةِ يَحْصُلُ بِغَيْرِ كِرَابٍ ، وَالْأَعْلَى لَا يَصِيرُ مُسْتَحَقًّا إلَّا بِالشَّرْطِ ، وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=6226_6194إنْ زَرَعَ ثُمَّ قَالَ : لَا أَسْقِي وَلَكِنْ أَدَعُهَا حَتَّى تَسْقِيَهَا السَّمَاءُ ، فَإِنْ كَانَتْ تَكْتَفِي بِمَاءِ السَّمَاءِ إلَّا أَنَّ السَّقْيَ أَجْوَدُ لِلزَّرْعِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى السَّقْيِ ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يَكْفِيهِ سَقْيُ السَّمَاءِ أُجْبِرَ عَلَى السَّقْيِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لِلْمَعْنَى الَّذِي قُلْنَا . وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=6226_6194دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا وَبَذْرًا عَلَى أَنْ يَكْرُبَهَا وَيَزْرَعَهَا سَنَتَهُ هَذِهِ بِالنِّصْفِ فَأَرَادَ أَنْ [ ص: 39 ] يَزْرَعَهَا بِغَيْرِ كِرَابٍ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَيُجْبَرُ عَلَى الْكِرَابِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ ، أَوْ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْأَرْضِ ; لِأَنَّ أَصْلَ الرِّيعِ وَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ بِغَيْرِ كِرَابٍ ، فَمَعَ الْكِرَابِ أَجْوَدُ ، وَصِفَةُ الْجَوْدَةِ تَصِيرُ مُسْتَحَقَّةً بِالشَّرْطِ كَصِفَةِ الْجَوْدَةِ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ ، وَصِفَةُ الْكِتَابَةِ وَالْحِبْرِ فِي الْعَبْدِ تَصِيرُ مُسْتَحَقَّةً بِالشَّرْطِ ، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَحِقُّ بِمُطْلَقِ الْعَقْدِ ، وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=25952_22826_6226_6221لَوْ شَرَطَ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ أَنْ يُوَفِّيَهُ فِي مِصْرِ كَذَا فَلَهُ أَنْ يُوَفِّيَهُ فِي أَيِّ نَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِي الْمِصْرِ شَاءَ ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُوَفِّيَهُ فِي مَنْزِلِهِ فِي الْمِصْرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَفِّيَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الرِّيعُ يَحْصُلُ بِالْكِرَابِ وَغَيْرِ الْكِرَابِ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ فَحِينَئِذٍ لَا يُعْتَبَرُ هَذَا شَرْطٌ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْكِرَابُ بِحَيْثُ يَضُرُّ بِالزَّرْعِ ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَ قُوَّةِ الْأَرْضِ فَإِنَّ الْكِرَابَ يُحْرِقُ الْأَرْضَ وَالزَّرْعَ ، وَإِذَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَلَيْسَ عَلَى الْمُزَارِعِ أَنْ يَكْرُبَهَا ; لِأَنَّ اعْتِبَارَ الشَّرْطِ لِلْمَنْفَعَةِ لَا لِلضَّرَرِ ، وَاشْتِرَاطُ التَّثْنِيَةِ عَلَى الْمُزَارِعِ فِي الْمُزَارَعَةِ يُفْسِدُ الْعَقْدَ قَالَ : لِأَنَّهُ يُبْقِي مَنْفَعَتَهَا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَة بِخِلَافِ الْكِرَابِ فَإِنَّهُ لَا تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ ، فَاشْتِرَاطُهُ لَا يُفْسِدُ الْمُزَارَعَةَ . وَتَكَلَّمُوا فِي تَفْسِيرِ التَّثْنِيَةِ فَقِيلَ الْمُرَادُ أَنْ يَكْرُبَهَا مَرَّتَيْنِ ، ثُمَّ يَزْرَعُ فَعَلَى هَذَا اشْتِرَاطُ التَّثْنِيَةِ فِي دِيَارِنَا لَا يُفْسِدُ الْمُزَارَعَةَ ; لِأَنَّهُ لَا تَبْقَى مَنْفَعَتُهَا بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ ، وَفِي الدِّيَارِ الَّتِي تَبْقَى مَنْفَعَتُهَا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ سَنَةٍ إنْ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ بَيْنَهُمَا سَنَةً وَاحِدَةٍ يَفْسُدُ بِهَذَا الْعَقْدُ ; لِأَنَّهُ لَا تَبْقَى مَنْفَعَتُهَا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَقِيلَ مَعْنَى التَّثْنِيَةِ : أَنْ يَكْرُبَهَا بَعْدَ مَا يَحْصُدُ الزَّرْعَ فَيَرُدَّهَا مَكْرُوبَةً وَهَذَا الشَّرْطُ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ ; لِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ تَنْتَهِي بِإِدْرَاكِ الزَّرْعِ فَقَدْ شَرَطَ عَلَيْهِ عَمَلًا بَعْدَ انْتِهَاءِ الْعَقْدِ ، وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَقِيلَ مَعْنَى التَّثْنِيَةِ : أَنْ يَجْعَلَهَا جَدَاوِلَ كَمَا يَفْعَلُ بِالْمَبْطَخَةِ فَيَزْرَعُ نَاحِيَةً مِنْهَا وَيُبْقِي مَا بَيْنَ الْجَدَاوِلِ مَكْرُوبًا فَيَنْتَفِعُ رَبُّ الْأَرْضِ بِذَلِكَ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْمُزَارَعَةِ وَهَذَا مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى شَرَطَ عَلَى الْعَامِلِ مَا تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَالْمُزَارَعَةُ تَفْسُدُ بِهِ ، كَمَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَكْرُبَ أَنْهَارَهَا وَالْمُزَارَعَةُ بَيْنَهُمَا سَنَةً وَاحِدَةً ، فَإِنْ كَرَبَ الْأَنْهَارَ تَبْقَى مَنْفَعَتُهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ إصْلَاحَ مَشَارِبِهَا أَوْ بِنَاءَ حَائِطٍ فِيهَا ، أَوْ أَنْ يُسَرْجِنَهَا فَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ ، فَتَكُونُ مُفْسِدَةً لِلْمُزَارَعَةِ ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=6226_6205_6207دَفَعَ إلَيْهِ الْأَرْضَ وَالْبَذْرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ سَنَتَهُ هَذِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَرَعَ بِغَيْرِ كِرَابٍ فَلِلْمُزَارِعِ رُبُعُ الْخَارِجِ ، وَإِنْ كَرَبَهَا ثُمَّ زَرَعَهَا فَلِلْمُزَارِعِ ثُلُثُ الْخَارِجِ ، وَإِنْ كَرَبَ وَثَنَّى ثُمَّ زَرَعَ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهَذِهِ مُزَارَعَةٌ جَائِزَةٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا ; لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنْوَاعًا مِنْ
[ ص: 40 ] الْعَمَلِ وَأَوْجَبَ لَهُ بِمُقَابَلَةِ كُلِّ نَوْعٍ شَيْئًا مَعْلُومًا مِنْ الْخَارِجِ ، فَيَصِحُّ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=6122_6184_6226دَفَعَ ثَوْبًا إلَى خَيَّاطٍ فَقَالَ : إنْ خِطْته رُومِيَّةً فَلَكَ دِرْهَمٌ وَإِنْ خِطْته فَارِسِيَّةً فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَهَذَا ; لِأَنَّ أَوَانَ لُزُومِ الْعَقْدِ بَيْنَ الْجَانِبَيْنِ ، وَانْعِقَادِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْخَارِجِ عِنْدَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ ، وَالْكِرَابُ وَالتَّثْنِيَةُ كُلُّ ذَلِكَ يَسْبِقُ إلْقَاءَ الْبَذْرِ ، فَعِنْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ نَوْعُ الْعَمَلِ مَعْلُومٌ ، وَبَدَلُهُ مَعْلُومٌ فَيَجُوزُ الْعَقْدُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْخِيَاطَةِ ، فَإِنَّ وُجُوبَ الْأَجْرِ عِنْدَ إقَامَةِ الْعَمَلِ وَذَلِكَ عِنْدَ الْعَمَلِ مَعْلُومٌ ، وَالْبَدَلُ مَعْلُومٌ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16739عِيسَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - : هَذَا الْجَوَابُ غَلَطٌ ; لِأَنَّهُ ذَكَرَ قَبْلَ هَذَا أَنَّ اشْتِرَاطَ التَّثْنِيَةِ عَلَى الْمُزَارِعِ يُفْسِدُ الْعَقْدَ ، وَهُنَا قَدْ شَرَطَ عَلَيْهِ التَّثْنِيَةَ ، وَضَمَّ إلَيْهِ نَوْعَيْنِ آخَرَيْنِ مِنْ الْعَمَلِ فَتَمَكَّنَتْ الْجَهَالَةُ هُنَا مِنْ الْعَمَلِ ، وَمِقْدَارُ الْبَدَلِ عِنْدَ الْعَقْدُ مَعَ اشْتِرَاطِ التَّثْنِيَةِ ، فَلَأَنْ يَكُونَ مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ كَانَ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ إذَا كَرَبَهَا أَوْ زَرَعَهَا بِغَيْرِ كِرَابٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْسُدَ الْعَقْدَ إذَا ثَنَّى ; لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ ذَلِكَ بِعَمَلِهِ فَكَانَ شَرْطُ ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ بِعَيْنِهِ وَلَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ أَصَحُّ ، أَمَّا إذَا جَعَلْنَا تَفْسِيرَ التَّثْنِيَةِ أَنْ يَرُدَّهَا مَكْرُوبَةً فَلَا حَاجَةَ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا سَبَقَ أَنْ جَعَلْنَا تَفْسِيرَ التَّثْنِيَةِ أَنْ يَكْرُبَهَا مَرَّتَيْنِ ، فَهُنَاكَ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ التَّثْنِيَةُ بِالشَّرْطِ وَهِيَ مِمَّا تَبْقَى مَنْفَعَتُهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْبَرَ الْمُزَارِعُ عَلَى إقَامَتِهَا ، وَهُنَا لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ التَّثْنِيَةُ بَلْ يَتَخَيَّرُ هُوَ فِي ذَلِكَ إنْ شَاءَ فَعَلَ ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ ، وَهَذَا غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلْعَقْدِ ، كَمَا إذَا أُطْلِقَ الْعَقْدُ يَصِحُّ ، وَيَتَخَيَّرُ الْمُزَارِعُ بَيْنَ أَنْ يُثَنِّيَ الْكِرَابَ ، وَبَيْنَ أَنْ يَكْرُبَهَا وَيَدَعُ التَّثْنِيَةَ فَإِنْ زَرَعَ بَعْضَهَا بِكِرَابٍ وَبَعْضَهَا بِغَيْرِ كِرَابٍ وَبَعْضَهَا بِكِرَابٍ وَثُنْيَانٍ فَهُوَ جَائِزٌ ، وَمَا زَرَعَهَا بِغَيْرِ كِرَابٍ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا يَكُونُ أَرْبَاعًا وَمَا زَرَعَهَا بِكِرَابٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَمَا زُرِعَ بِكِرَابٍ وَثُنْيَانٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ ، وَهَذَا ; لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ شَرْطُ عَقْدِهِ بِهَذَا التَّبْعِيضِ ، وَهُوَ مُتَعَارَفٌ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ يَزْرَعَ بَعْضَ الْأَرْض بِكِرَابٍ وَثُنْيَانٍ ، وَبَعْضَهَا بِكِرَابٍ ، وَبَعْضَهَا بِغَيْرِ كِرَابٍ ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْخِيَاطَةِ ; فَإِنَّ هُنَاكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخِيطَ بَعْضَ الثَّوْبِ رُومِيَّةً وَبَعْضَهُ فَارِسِيَّةً ; لِأَنَّ ذَلِكَ يُفَوِّتُ الْمَقْصُودَ عَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ ، وَهَذَا غَيْرُ مُتَعَارَفٍ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ أَنْ يُخَاطَ بَعْضُهُ رُومِيَّةً ، وَبَعْضُهُ فَارِسِيَّةً ، بَلْ يُعَدُّ ذَلِكَ عَيْبًا فِي الثَّوْبِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الشَّرْطُ أَنَّ مَا زُرِعَ بِكِرَابٍ وَثُنْيَانٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ ، فَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ ، وَقَدْ طَعَنُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، فَقَالُوا : يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الْعَقْدُ هُنَا ; لِأَنَّ كَلِمَةَ " مِنْ " لِلتَّبْعِيضِ فَقَدْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَزْرَعَ الْبَعْضَ بِكِرَابٍ ، وَالْبَعْضَ بِثُنْيَانٍ ، وَالْبَعْضَ
[ ص: 41 ] بِغَيْرِ كِرَابٍ ، وَذَلِكَ الْبَعْضُ مَجْهُولٌ ، وَهَذِهِ الْجَهَالَةُ تُفْضِي إلَى تَمَكُّنِ الْمُنَازَعَةِ ; لِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ مِنْ جَانِبِ الْعَامِلِ أَوْ مِنْ جَانِبِ رَبِّ الْأَرْضِ ، إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَفْسُدَ الْعَقْدُ ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى هَذَا بِمَا ذَكَرَهُ فِي آخِرِ الْبَابِ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ أَجْنَاسِ الْبَذْرِ بِهَذَا اللَّفْظِ ، وَأَفْسَدُوا الْعَقْدَ بِهِ لِهَذَا الْمَعْنَى إلَّا أَنَّا نَقُولُ : حَرْفُ " مِنْ " قَدْ يَكُونُ لِلصِّلَةِ خُصُوصًا فِي مَوْضِعٍ يَكُونُ الْكَلَامُ بِدُونِهِ مُخْتَلًّا قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الْأَوْثَانِ } . وَإِذَا كَانَ حَرْفُ " مِنْ " صِلَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ الْكُلَّ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ الْأَعْمَالِ الثَّلَاثَةِ شَاءَ . فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَالْأُولَى سَوَاءٌ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ التَّخْيِيرِ فِي جِنْسِ الْبَذْرِ بِهَذَا اللَّفْظِ نَذْكُرُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ