الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      واختلفوا في دلالة النص عليه : هل هي لفظية أو قياسية ؟ على قولين ، حكاهما الشافعي في " الأم " . وظاهر كلامه ترجيح أنه قياس ، وهو الذي صدر به كلامه في " الرسالة " ، وأوضحه بالأمثلة .

                                                      ثم قال : وقد منع بعض أهل العلم أن يسمى بيانا ، لأنه نقله من النص . ونقل الرافعي في باب القضاء على الأكثرين أنه قياس . وكذا الهندي في " النهاية " . وقال الصيرفي : ذهبت طائفة جلة سيدهم الشافعي ، إلى أن هذا هو القياس الجلي ، وذلك أن المذكور هو المسمى باسمه ، وهو التنبيه على العموم ، وإذا كان به عقل كان هو الأصل ، وكان مما نبه عليه فرعه .

                                                      وقال الشيخ أبو إسحاق في " شرح اللمع " : إنه الصحيح ، وجرى عليه القفال الشاشي فذكره في أنواع القياس . وقال سليم في " التقريب " : الشافعي يومئ إلى أنه قياس جلي ، لا يجوز ورود الشرع بخلافه .

                                                      قال : وأنكر داود المفهوم . قال : وذهب المتكلمون بأسرهم : الأشعرية والمعتزلة إلى أن المنع من التأفيف وسائر أنواع الأذى مستفاد من النطق . انتهى .

                                                      وقال الشيخ أبو حامد الإسفراييني : الصحيح من المذاهب أنه جار مجرى النطق لا مجرى القياس ، وسماه الحنفية دلالة النص . وقال آخرون : ليس بقياس ولا يسمى دلالة النص ، لكن دلالته لفظية ، ثم اختلفوا ، فقيل : إن المنع من التأفيف مثلا منقول بالعرف عن موضوعه اللغوي إلى المنع من أنواع الأذى . [ ص: 129 ] وقيل : إنه فهم بالسياق والقرائن ، وعليه المحققون من أهل هذا القول كالغزالي ، وابن القشيري ، والآمدي ، وابن الحاجب ، والدلالة عندهم مجازية من باب إطلاق الأخص وإرادة الأعم .

                                                      قال المازري : والقائلون بهذا شرطوا كون المسكوت عنه أولى بالحكم من المنطوق به . قال : والجمهور على أن دلالته من جهة اللغة لا من القياس ، وذهب الشافعي إلى أنه من باب القياس ، ورد عليه بأن سامع الخطاب يفهم منه النهي عن الضرب ، وإن لم ينظر في طرق القياس ، ويؤمن بذلك ، وإن لم يؤمن بالتعبد بالقياس .

                                                      وقال عبد العزيز في " كشف الأسرار " : ظن بعض الشافعية أن هذا قياس جلي ، وأصله التأفيف ، وفرعه الضرب ، وعلته دفع الأذى . وليس كما ظنوا ، لأن الأصل في القياس لا يجوز أن يكون ضربا من الفروع بالإجماع . وقد يكون في هذا أصلا بما يجعلوه فرعا ، ولأنه كان ثابتا قبل شرع القياس ، فعلم أنه من الدلالات اللفظية ، وليس بقياس ، ولهذا احتج به نفاة القياس ، ولأن المفهوم نظري ، وهذا ضروري .

                                                      قال : وفائدة الخلاف في هذه المسألة أنه هل يعمل عمل النص ؟ وأنه هل يجري في الحدود والكفارات ؟ .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية