الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال - رحمه الله - : وإذا كان البذر من رب الأرض ، فأخرجت الأرض زرعا كثيرا فقال رب الأرض : شرطت لك الثلث ، وقال المزارع : شرطت لي النصف فالقول قول رب الأرض مع يمينه ; لأن المزارع يستحق عليه الخارج بمقابلة عمله بالشرط ، فهو يدعي زيادة فيما شرط له ، ورب الأرض ينكر تلك الزيادة فالقول قوله مع يمينه ، وعلى المزارع البينة على ما ادعى وتترجح [ ص: 89 ] بينته عند المعارضة ; لما فيها من إثبات الزيادة ، ولا يصار إلى التحالف عند أصحابنا جميعا - رحمهم الله - بعد استيفاء المنفعة لخلوه عن الفائدة ، وقد بينا ذلك في الإجارات وإن اختلفا قبل أن يزرع شيئا تحالفا ، وترد اليمين عليه أيضا ، وهنا أول المزارعة ; لأن المزارعة عقد محتمل للفسخ ، فإذا اختلفا في مقدار البدل فيه حال قيام المعقود عليه تحالفا ، وترادا ، ويبدأ بالمزارع في اليمين ، وهذا قول أبي يوسف الآخر ، وهو قول محمد - رحمه الله - وقد بينا ذلك في البيوع أن البداءة في البيع بيمين المشتري ; لأن أول التسليمين عليه ، فأول التسليمين على المزارع ثم العقد لازم في جانبه حتى لا يتمكن من الفسخ من غير عذر ، وصاحب البذر يتمكن من ذلك ، فكانت اليمين في جانبه ألزم ، وأيهما نكل عن اليمين لزمه دعوى صاحبه ; لأن نكوله كإقراره ، وإن أقاما البينة قبل التحالف أو بعده فالبينة بينة المزارع ; لأنها مثبتة للزيادة ، واليمين الفاجرة أحق أن ترد من البينة العادلة ، ولو اختلفا ، والبذر من العامل ، وقد أخرجت الأرض الزرع فالقول قول العامل ; لأن رب الأرض هو الذي يستحق الخارج عليه بالشرط ، فإذا ادعى زيادة فيما شرط له كان عليه أن يثبت تلك الزيادة بالبينة ، وعلى الآخر اليمين ; لإنكاره وإن اختلفا قبل أن يزرع تحالفا ، ويبدأ بيمين صاحب الأرض ; لأن أول التسليمين عليه ; ولأن لزوم العقد هنا في جانبه

التالي السابق


الخدمات العلمية