الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 62 ] وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون

عطف على جملة ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا إلى آخرها ؛ لأن هذا تمثيل لحال هدي القرآن بالصراط المستقيم الذي لا يجهد متبعه ، فهذا ضد لحال التمثيل في قوله : كأنما يصعد في السماء وتمثيل الإسلام بالصراط المستقيم يتضمن تمثيل المسلم بالسالك صراطا مستقيما ، فيفيد توضيحا لقوله : يشرح صدره للإسلام وعطفت هذه الجملة مع أنها بمنزلة بيان الجملة التي قبلها لتكون بالعطف مقصودة بالإخبار ، وهو إقبال على النبي صلى الله عليه وسلم بالخطاب .

والإشارة بـ ( هذا ) إلى حاضر في الذهن وهو دين الإسلام ، والمناسبة قوله : يشرح صدره للإسلام والصراط حقيقته الطريق ، وهو هنا مستعار للعمل الموصل إلى رضى الله تعالى . وإضافته إلى الرب لتعظيم شأن المضاف ، فيعلم أنه خير صراط ، وإضافة الرب إلى ضمير الرسول تشريف للمضاف إليه ، وترضية للرسول صلى الله عليه وسلم بما في هذا السنن من بقاء بعض الناس غير متبعين دينه .

والمستقيم حقيقته السالم من العوج ، وهو مستعار للصواب لسلامته من الخطأ ؛ أي : سنن الله الموافق للحكمة ، والذي لا يتخلف ولا يعطله شيء .

ويجوز أن تكون الإشارة إلى حاضر في الحس وهو القرآن ؛ لأنه مسموع كقوله : وهذا كتاب أنزلناه مبارك فيكون الصراط المستقيم مستعارا لما يبلغ إلى المقصود النافع ، كقوله : وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله و ( مستقيما ) حال من ( صراط ) مؤكدة لمعنى إضافته إلى الله .

[ ص: 63 ] وجملة قد فصلنا الآيات استئناف وفذلكة لما تقدم ، والمراد بالآيات آيات القرآن ، ومن رشاقة لفظ الآيات هنا أن فيه تورية بآيات الطريق التي يهتدي بها السائر .

واللام في : لقوم يذكرون للعلة ؛ أي : فصلنا الآيات لأجلهم ؛ لأنهم الذين ينتفعون بتفصيلها .

والمراد بالقوم المسلمون ؛ لأنهم الذين أفادتهم الآيات وتذكروا بها .

التالي السابق


الخدمات العلمية