الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          هجن

                                                          هجن : الهجنة من الكلام : ما يعيبك . والهجين : العربي ابن الأمة ; لأنه معيب ، وقيل : هو ابن الأمة الراعية ما لم تحصن ، فإذا حصنت فليس الولد بهجين ، والجمع هجن وهجناء وهجنان ومهاجين ومهاجنة ; قال حسان :


                                                          مهاجنة إذا نسبوا عبيد عضاريط مغالثة الزناد

                                                          أي مؤتشبو الزناد ، وقيل : رخوو الزناد . قال ابن سيده : وإنما قلت في مهاجن ومهاجنة : إنهما جمع هجين مسامحة ، وحقيقته أنه من باب محاسن وملامح ، والأنثى هجينة من نسوة هجن وهجائن وهجان ، وقد هجنا هجنة وهجانة وهجانة وهجونة . أبو العباس أحمد بن يحيى قال : الهجين الذي أبوه خير من أمه ; قال أبو منصور : وهذا هو الصحيح . قال المبرد : قيل لولد العربي من غير العربية هجين لأن الغالب على ألوان العرب الأدمة ، وكانت العرب تسمي العجم الحمراء ، ورقاب المزاود ; لغلبة البياض على ألوانهم ، ويقولون لمن علا لونه البياض أحمر ; ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة : يا حميراء ; لغلبة البياض على لونها - رضي الله عنها - . وقال - صلى الله عليه وسلم - : بعثت إلى الأحمر والأسود ، فأسودهم العرب ، وأحمرهم العجم . وقالت العرب لأولادها من العجميات اللاتي يغلب على ألوانهن البياض : هجن وهجناء ; لغلبة البياض على ألوانهم وإشباههم أمهاتهم . وفرس هجين بين الهجنة إذا لم يكن عتيقا . وبرذونة هجين ، بغير هاء . الأزهري : الهجين من الخيل الذي ولدته برذونة من حصان عربي ، وخيل هجن . والهجان من الإبل : البيض الكرام ; قال عمرو بن كلثوم :


                                                          ذراعي عيطل أدماء بكر     هجان اللون لم تقرأ جنينا

                                                          قال : ويستوي فيه المذكر والمؤنث والجمع . يقال : بعير هجان وناقة هجان ، وربما قالوا هجائن ; قال ابن أحمر :


                                                          كأن على الجمال أوان خفت     هجائن من نعاج أوارعينا

                                                          ابن سيده : والهجان من الإبل البيضاء الخالصة اللون ، والعتق من نوق هجن وهجائن وهجان ، فمنهم من يجعله من باب جنب ورضا ، ومنهم من يجعله تكسيرا ، وهو مذهب سيبويه ، وذلك أن الألف في هجان الواحد بمنزلة ألف ناقة كناز ، ومرأة ضناك ، والألف في هجان في الجمع بمنزلة ألف ظراف وشراف ، وذلك لأن العرب كسرت فعالا على فعال ، كما كسرت فعيلا على فعال ، وعذرها في ذلك أن فعيلا أخت فعال ، ألا ترى أن كل واحد منهما ثلاثي الأصل ، وثالثه حرف لين ؟ وقد اعتقبا أيضا على المعنى الواحد نحو كليب وكلاب ، وعبيد وعباد ، فلما كانا كذلك ، وإنما بينهما اختلاف في حرف اللين لا غير ، قال : ومعلوم مع ذلك قرب الياء من الألف ، وأنها إلى الياء أقرب منها إلى الواو ، كسر أحدهما على ما كسر عليه صاحبه ، فقيل ناقة هجان وأينق هجان ، كما قيل ظريف وظراف ، وشريف وشراف ; فأما قوله :


                                                          هجان المحيا عوهج الخلق سربلت     من الحسن سربالا عتيق البنائق

                                                          فقد تكون النقية ، وقد تكون البيضاء . وأهجن الرجل إذا كثر هجان إبله ، وهي كرامها ; وقال في قول كعب :


                                                          حرف أخوها أبوها من مهجنة     وعمها خالها قوداء شمليل

                                                          قال : أراد بمهجنة أنها ممنوعة من فحول الناس إلا من فحول بلادها لعتقها وكرمها ، وقيل : حمل عليها في صغرها ، وقيل : أراد بالمهجنة أنها من إبل كرام . يقال : امرأة هجان وناقة هجان أي كريمة . وقال الأزهري : هذه ناقة ضربها أبوها ليس أخوها فجاءت بذكر ، ثم ضربها ثانية فجاءت بذكر آخر ، فالولدان ابناها لأنهما ولدا منها ، وهما أخواها أيضا لأبيها لأنهما ولدا أبيها ، ثم ضرب أحد الأخوين الأم فجاءت الأم بهذه الناقة وهي الحرف ، فأبوها أخوها لأمها ، لأنه ولد من أمها ، والأخ الآخر الذي لم يضرب عمها لأنه أخو أبيها ، وهو خالها لأنه أخو أمها لأبيها ، لأنه من أبيها وأبوه نزا على أمه . وقال ثعلب : أنشدني أبو نصر عن الأصمعي بيت كعب وقال في تفسيره : إنها ناقة كريمة مداخلة النسب لشرفها . قال ثعلب : عرضت هذا القول على ابن الأعرابي ، فخطأ الأصمعي وقال : تداخل النسب يضوي الولد ; قال : وقال المفضل هذا جمل نزا على أمه ، ولها ابن آخر هو أخو هذا الجمل ، فوضعت ناقة فهذه الناقة الثانية هي الموصوفة ، فصار أحدهما أباها لأنه وطئ أمها ، وصار هو أخاها لأن أمها وضعته ، وصار الآخر عمها لأنه أخو أبيها ، وصار هو خالها لأنه أخو أمها ; وقال ثعلب : وهذا هو القول . والهجان : الخيار . وامرأة هجان : كريمة من نسوة هجائن ، وهي الكريمة الحسب ، التي لم تعرق فيها الإماء تعريقا . أبو زيد : رجل هجين بين الهجونة من قوم هجناء وهجن ، وامرأة هجان أي كريمة ، وتكون البيضاء من نسوة هجن بينات الهجانة . ورجل هجان : كريم الحسب نقيه . وبعير هجان : كريم . وقال الأصمعي في قول علي - كرم الله وجهه - : هذا جناي وهجانه فيه إذ كل جان يده إلى فيه ، يعني خياره وخالصه . اليزيدي : هو هجان بين الهجانة ، ورجل هجين بين الهجنة ، والهجنة في الناس والخيل إنما تكون من قبل الأم ، فإذا كان الأب عتيقا والأم ليست كذلك كان الولد هجينا ; قال الراجز :


                                                          العبد والهجين والفلنقس     ثلاثة فأيهم تلمس

                                                          والإقراف : من قبل الأب ; الأزهري : روى الرواة أن روح بن زنباع كان تزوج هند بنت النعمان بن بشير فقالت وكانت شاعرة :

                                                          [ ص: 31 ]

                                                          وهل هند إلا مهرة عربية     سليلة أفراس تجللها بغل
                                                          فإن نتجت مهرا كريما فبالحرى     وإن يك إقراف فمن قبل الفحل

                                                          قال : والإقراف مداناة الهجنة من قبل الأب . قال ابن حمزة : الهجين مأخوذ من الهجنة ، وهي الغلظ ، والهجان الكريم مأخوذ من الهجان ، وهو الأبيض . والهجان : البيض ، وهو أحسن البياض وأعتقه في الإبل والرجال والنساء ، ويقال : خيار كل شيء هجانه . قال : وإنما أخذ ذلك من الإبل . وأصل الهجان البيض ، وكل هجان أبيض . والهجان من كل شيء : الخالص ; وأنشد :


                                                          وإذا قيل من هجان قريش     كنت أنت الفتى وأنت الهجان

                                                          والعرب تعد البياض من الألوان هجانا وكرما . وفي المثل : جلت الهاجن عن الولد أي صغرت ; يضرب مثلا للصغير يتزين بزينة الكبير . وجلت الهاجن عن الرفد ، وهو القدح الضخم . وقال ابن الأعرابي : جلت العلبة عن الهاجن أي كبرت ; قال : وهي بنت اللبون يحمل عليها فتلقح ، ثم تنتج وهي حقة ، قال : ولا تصلح أن يفعل بها ذلك . ابن شميل : الهاجن القلوص يضرب بها الجمل ، وهي ابنة لبون ، فتلقح وتنتج ، وهي حقة ، ولا تفعل ذلك إلا في سنة مخصبة فتلك الهاجن ، وقد هجنت تهجن هجانا ، وقد أهجنها الجمل إذا ضربها فألقحها ; وأنشد :


                                                          ابنوا على ذي صهركم وأحسنوا     ألم تروا صغرى اللقاح تهجن ؟

                                                          قاله رجل لأهل امرأته ، واعتلوا عليه بصغرها عن الوطء ; وقال :


                                                          هجنت بأكبرهم ولما تقطب

                                                          يقال : قطبت الجارية أي خفضت . ابن بزرج : غلمة أهيجنة ، وذلك أن أهلهم أهجنوهم أي زوجوهم صغارا ، يزوج الغلام الصغير الجارية الصغيرة ، فيقال أهجنهم أهلهم ، قال : والهاجن على ميسورها ابنة الحقة ، والهاجن على معسورها ابنة اللبون . وناقة مهجنة : وهي المعتسرة . ويقال للقوم الكرام : إنهم لمن سراة الهجان ; وقال الشماخ :


                                                          ومثل سراة قومك لم يجاروا     إلى الربع الهجان ولا الثمين

                                                          . الأزهري : وأخبرت عن أبي الهيثم أنه قال : الرواية الصحيحة في هذا البيت :


                                                          إلى ربع الرهان ولا الثمين

                                                          يقول : لم يجاروا إلى ربع رهانهم ولا ثمنه ، قال : والرهان الغاية التي يستبق إليها ، يقول : مثل سراة قومك لم يجاروا إلى ربع غايتهم التي بلغوها ونالوها من المجد والشرف ولا إلى ثمنها ; وقول الشاعر :


                                                          من سراة الهجان صلبها العض     ض ورعي الحمى وطول الحيال

                                                          قال : الهجان الخيار من كل شيء . والهجان من الإبل : الناقة الأدماء ، وهي الخالصة اللون والعتق من نوق هجان وهجن . والهجانة : البياض ; ومنه قيل إبل هجان أي بيض ، وهي أكرم الإبل ; وقال لبيد :


                                                          كأن هجانها متأبضات     وفي الأقران أصورة الرغام

                                                          متأبضات : معقولات بالإباض ، وهو العقال . وفي الحديث في ذكر الدجال : أزهر هجان ; الهجان : الأبيض . ويقال : هجنه أي جعله هجينا . والمهجنة : الناقة أول ما تحمل ; وأنشد ابن بري لأوس :


                                                          حرف أخوها أبوها من مهجنة     وعمها خالها وجناء مئشير

                                                          وفي حديث الهجرة : مرا بعبد يرعى غنما فاستسقياه من اللبن ، فقال : والله ما لي شاة تحلب غير عناق حملت أول الشتاء فما بها لبن وقد اهتجنت ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ائتنا بها ; اهتجنت أي تبين حملها . والهاجن : التي حملت قبل وقت حملها . والهجنة في الكلام : ما يلزمك منه العيب . تقول : لا تفعل كذا فيكون عليك هجنة . وقالوا : إن للعلم نكدا وآفة وهجنة ; يعنون بالهجنة ههنا الإضاعة ، وقول الأعلم :


                                                          ولعمر محبلك الهجين على     رحب المباءة منتن الجرم

                                                          عنى بالهجين هنا اللئيم . والهاجن : الزند الذي لا يوري بقدحة واحدة . يقال : هجنت زندة فلان ، وإن لها لهجنة شديدة ; وقال بشر :


                                                          لعمرك لو كانت زنادك هجنة     لأوريت إذ خدي لخدك ضارع

                                                          وقال آخر :


                                                          مهاجنة مغالثة الزناد

                                                          وتهجين الأمر : تقبيحه . وأرض هجان : بيضاء لينة الترب مرب ; قال :


                                                          بأرض هجان اللون وسمية الثرى     عذاة نأت عنها المئوجة والبحر

                                                          ويروى الملوحة . والهاجن : العناق التي تحمل قبل أن تبلغ أوان السفاد ، والجمع الهواجن ; قال : ولم أسمع له فعلا ، وعم بعضهم به إناث نوعي الغنم . وقال ثعلب : الهاجن التي حمل عليها قبل أن تبلغ ، فلم يخص بها شيئا من شيء . والهاجنة والمهتجنة من النخل : التي تحمل صغيرة ; قال شمر : وكذلك الهاجن . ويقال للجارية الصغيرة : هاجن ، وقد اهتجنت الجارية إذا افترعت قبل أوانها . واهتجنت الجارية إذا وطئت وهي صغيرة . والمهتجنة : النخلة أول ما تلقح . ابن سيده : الهاجن والمهتجنة الصبية ; وفي المحكم : المرأة التي تتزوج قبل أن تبلغ ، وكذلك الصغيرة من البهائم ; فأما قول العرب : جلت الهاجن عن الولد ، فعلى التفاؤل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية