الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ونودوا أن تلكم الجنة الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 395 ] أخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، والدارمي ، ومسلم ، والترمذي والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن أبي هريرة وأبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون قال : "نودوا أن صحوا فلا تسقموا ، وانعموا فلا تبأسوا ، وشبوا فلا تهرموا واخلدوا فلا تموتوا" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج هناد ، وابن جرير ، وعبد بن حميد ، عن أبي سعيد قال : إذا أدخل أهل الجنة الجنة نادى مناد : يا أهل الجنة ، إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا ، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا ، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا ، وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا ، فذلك قوله : ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وأبو الشيخ ، عن السدي : ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون . قال : ليس من مؤمن ولا كافر إلا وله في الجنة والنار منزل مبين ، فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ودخلوا منازلهم ، رفعت الجنة لأهل النار فنظروا إلى منازلهم فيها ، فقيل : هذه منازلكم لو عملتم بطاعة الله ، ثم يقال : يا أهل الجنة رثوهم بما كنتم تعملون . فيقتسم أهل الجنة منازلهم [ ص: 396 ] وأخرج ابن أبي حاتم ، عن أبي معاذ البصري قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "والذي نفسي بيده ، إنهم إذا خرجوا من قبورهم يستقبلون بنوق بيض لها أجنحة عليها رحال الذهب شرك نعالهم نور يتلألأ كل خطوة منها مد البصر، فينتهون إلى شجرة ينبع من أصلها عينان ، فيشربون من إحداهما فتغسل ما في بطونهم من دنس ، ويغتسلون من الأخرى ، فلا تشعث أبشارهم ، ولا أشعارهم بعدها أبدا ، وتجرى عليهم نضرة النعيم ، فينتهون إلى باب الجنة ، فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب ، فيضربون بالحلقة على الصفحة ، فيسمع لها طنين ، فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل ، فتبعث قيمها فيفتح له ، فإذا رآه خر له ساجدا ، فيقول : ارفع رأسك ، إنما أنا قيمك وكلت بأمرك ، فيتبعه ويقف أثره ، فيستخف الحوراء العجلة ، فتخرج من خيام الدر والياقوت حتى تعتنقه ، ثم تقول : أنت حبي وأنا حبك ، وأنا الخالدة التي لا أموت ، وأنا الناعمة التي لا أبأس ، وأنا الراضية التي لا أسخط ، وأنا المقيمة التي لا أظعن ، فيدخل بيتا من أسه إلى سقفه مائة ألف ذراع ، بناؤه على جندل اللؤلؤ طرائق؛ أصفر ، وأحمر ، وأخضر ، ليس منها طريقة تشاكل صاحبتها ، في البيت سبعون سريرا ، على كل سرير سبعون حشية ، على كل حشية سبعون زوجة ، على كل زوجة سبعون حلة ، يرى مخ ساقها من باطن الحلل يقضي جماعها في مقدار ليلة من لياليكم هذه ، الأنهار من تحتهم تطرد ، أنهار من ماء غير آسن ، فإن شاء أكل قائما ، وإن شاء أكل قاعدا ، وإن شاء أكل متكئا" ، ثم تلا : ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا [الإنسان : 14] ، فيشتهي الطعام، فيأتيه طير أبيض فترفع أجنحتها ، [ ص: 397 ] فيأكل من جنوبها أي الألوان شاء ، ثم تطير فتذهب ، فيدخل الملك فيقول : سلام عليكم : تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية