الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          هدف

                                                          هدف : الأزهري : روى شمر بإسناد له أن الزبير وعمرو بن العاص اجتمعا في الحجر فقال الزبير : أما والله لقد كنت أهدفت لي يوم بدر ولكني استبقيتك لمثل هذا اليوم ، فقال عمرو : وأنت والله لقد كنت أهدفت لي ، وما يسرني أن لي مثلك بفرتي منك ; قال شمر : قوله : أهدفت لي ، الإهداف الدنو منك والاستقبال لك والانتصاب . يقال : أهدف لي الشيء ، فهو مهدف ، وأهدف لك السحاب والشيء إذا انتصب ; وأنشد :


                                                          ومن بني ضبة كهف مكهف إن سال يوما جمعهم وأهدفوا

                                                          وقال : الإهداف الدنو . أهدف القوم أي قربوا . وقال ابن شميل والفراء : يقال لما أهدفت لي الكوفة نزلت ، ولما أهدفت لهم تقربوا . وكل شيء رأيته قد استقبلك استقبالا ، فهو مهدف ومستهدف . وقد استهدف أي انتصب ، ومن ذلك أخذ الهدف لانتصابه لمن يرميه ; وقال الزفيان السعدي يذكر ناقته :


                                                          ترجو اجتبار عظمها إذ أزحفت     فأمرعت لما إليك أهدفت

                                                          أي قربت ودنت . وفي حديث أبي بكر : قال له ابنه عبد الرحمن : لقد أهدفت لي يوم بدر فضفت عنك ، فقال أبو بكر : لكنك لو أهدفت لي لم أضف عنك ، أي لو لجأت إلي لم أعدل عنك ، وكان عبد الرحمن وعمرو يوم بدر مع المشركين ، وضفت عنك أي عدلت وملت ; قال ابن بري : ومنه قول كعب :


                                                          عظيم رماد البيت يحتل بيته     إلى هدف لم يحتجبه غيوب

                                                          وغيوب : جمع غيب ، وهو المطمئن من الأرض . والهدف : المشرف من الأرض ، وإليه يلجأ ; ويروى :


                                                          عظيم رماد القدر رحب فناؤه

                                                          يقال لكل شيء دنا منك وانتصب لك واستقبلك : قد أهدف لك الشيء واستهدف . وفي النوادر : يقال جاءت هادفة من ناس وداهفة وجاهشة وهاجشة بمعنى واحد . ويقال : هل هدف إليكم هادف أو هبش هابش ؟ يستخبره : هل حدث ببلده أحد سوى من كان به . والهدف : الغرض المنتضل فيه بالسهام . والهدف : كل شيء عظيم مرتفع . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا مر بهدف مائل أو صدف مائل أسرع المشي ; الهدف كل بناء مرتفع مشرف ، والصدف نحو من الهدف ; قال النضر : الهدف ما رفع وبني من الأرض للنضال ، والقرطاس ما وضع في الهدف ليرمى ، والغرض ما ينصب شبه غربال أو حلقة ; وقال في موضع آخر : الغرض الهدف . ويسمى القرطاس هدفا وغرضا على الاستعارة . يقال : أهدف لك الصيد فارمه ، وأكثب وأغرض مثله . والهدف : حيد مرتفع من الرمل ، وقيل هو كل شيء مرتفع كحيود الرمل المشرفة . والجمع أهداف ، لا يكسر على غير ذلك . الجوهري : الهدف كل شيء مرتفع من بناء أو كثيب رمل أو جبل ; ومنه سمي الغرض هدفا ، وبه شبه الرجل العظيم . ابن سيده : والهدف من الرجال الجسيم الطويل العنق العريض الألواح ، على التشبيه بذلك ، وقيل : هو الثقيل النئوم ; قال أبو ذؤيب :


                                                          إذا الهدف المعزاب صوب رأسه     وأعجبه ضفو من الثلة الخطل

                                                          قال أبو سعيد في قوله : الهدف المعزاب ، قال : هذا راعي ضأن فهو لضأنه هدف تأوي إليه ، وهذا ذم للرجل إذا كان راعي الضأن . ويقال : أحمق من راعي الضأن ، قال : ولم يرد بالخطل استرخاء آذانها ، أراد بالخطل الكثيرة تخطل عليه وتتبعه . قال : وقوله : الهدف الرجل العظيم خطأ ، قال ابن بري : الهدف الثقيل الوخم ، ويروى المعزال ، والمعزال : الذي يرعى ماشيته بمعزل عن الناس ، والمعزاب : الذي عزب بإبله . وضفو : اتساع من المال . والخطل : الطويلة الآذان . وأهدف على التل أي أشرف . وامرأة مهدفة أي لحيمة . وركب مستهدف أي عريض مرتفع ; قال :


                                                          وإذا طعنت طعنت في مستهدف     رابي المجسة بالعبير مقرمد

                                                          أي : مرتفع منتصب . وامرأة مهدفة : مرتفعة الجهاز . وأهدف لك الشيء واستهدف : انتصب ; وقول الشاعر :


                                                          وحتى سمعنا خشف بيضاء جعدة     على قدمي مستهدف متقاصر

                                                          يعني بالمستهدف الحالب يتقاصر للحلب ; يقول : سمعنا صوت [ ص: 38 ] الرغوة تتساقط على قدم الحالب . والهدفة : الجماعة من الناس والبيوت ; قال عقبة : رأيت هدفة من الناس أي فرقة . الأصمعي : غدفة وغدف ، وهدفة وهدف ، بمعنى قطعة . ابن الأعرابي : الدافه الغريب ، قال الأزهري : كأنه بمعنى الداهف والهادف ، وقيل : الهدفة الجماعة الكثيرة من الناس يقيمون ويظعنون . وهدف إلى الشيء : أسرع ، وأهدف إليه لجأ .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية