الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          هرج

                                                          هرج : الهرج : الاختلاط ، هرج الناس يهرجون ، بالكسر ، هرجا من الاختلاط أي اختلطوا . وأصل الهرج : الكثرة في المشي والاتساع . والهرج : الفتنة في آخر الزمان . والهرج : شدة القتل وكثرته ; وفي الحديث : بين يدي الساعة هرج ، أي قتال واختلاط ; وروي عن عبد الله بن قيس الأشعري أنه قال لعبد الله بن مسعود : [ ص: 49 ] أتعلم الأيام التي ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها الهرج ؟ قال : نعم ، تكون بين يدي الساعة ، يرفع العلم وينزل الجهل ، ويكون الهرج ; قال أبو موسى : الهرج بلسان الحبشة القتل . وفي حديث أشراط الساعة : يكون كذا وكذا ويكثر الهرج ، قيل : وما الهرج يا رسول الله ؟ قال : القتل ; وقال ابن قيس الرقيات أيام فتنة ابن الزبير :


                                                          ليت شعري أأول الهرج هذا أم زمان من فتنة غير هرج ؟

                                                          يعني : أأول الهرج المذكور في الحديث هذا ، أم زمان من فتنة سوى ذلك الهرج ؟ الليث : الهرج القتال والاختلاط ، وأصل الهرج الكثرة في الشيء ; ومنه قولهم في الجماع : بات يهرجها ليلته جمعاء . والهرج : كثرة النكاح . وقد هرجها يهرجها ويهرجها هرجا إذا نكحها . وفي حديث صفة أهل الجنة : إنما هم هرجا مرجا ، الهرج : كثرة النكاح . ومنه حديث أبي الدرداء : يتهارجون تهارج البهائم ، أي يتسافدون ; قال ابن الأثير : هكذا خرجه أبو موسى وشرحه وأخرجه الزمخشري عن ابن مسعود ، وقال : أي يتساورون . والتهارج : التناكح والتسافد . والهرج : كثرة الكذب وكثرة النوم . وهرج القوم يهرجون في الحديث إذا أفضوا به فأكثروا . وهرج النوم يهرجه : أكثره ; قال :


                                                          وحوقل سرنا به وناما     فما درى إذ يهرج الأحلاما
                                                          أيمنا سرنا به أم شاما

                                                          والهرج : شيء تراه في النوم وليس بصادق . وهرج يهرج هرجا : لم يوقن بالأمر . وهرج الرجل : أخذه البهر من حر أو مشي . وهرج البعير ، بالكسر ، يهرج هرجا : سدر من شدة الحر وكثرة الطلاء بالقطران ، وثقل الحمل ; قال العجاج يصف الحمار والأتان :


                                                          ورهبا من حنذه أن يهرجا

                                                          وفي حديث ابن عمر : لأكونن فيها مثل الجمل الرداح ، يحمل عليه الحمل الثقيل فيهرج فيبرك ، ولا ينبعث حتى ينحر أي يتحير ويسدر . وقد أهرج بعيره إذا وصل الحر إلى جوفه . ورجل مهرج إذا أصاب إبله الجرب ، فطليت بالقطران ، فوصل الحر إلى جوفها ; وأنشد :


                                                          على نار جن يصطلون كأنها     طلاها . . . . بالغيبة مهرج

                                                          قال الأزهري : رأيت بعيرا أجرب هنئ بالخضخاض فهرج ومات . الأصمعي : يقال هرج بعيره إذا حمل عليه في السير في الهاجرة . وهرج بالسبع : صاح به وزجره ; قال رؤبة :


                                                          هرجت فارتد ارتداد الأكمه     في غائلات الحائر المتهته

                                                          قال شمر : المتهته الذي تهته في الباطل أي تردد فيه . ويقال للفرس : مر يهرج وإنه لمهرج وهراج إذا كان كثير الجري . وفي حديث عمر : فذلك حين استهرج له الرأي ، أي قوي واتسع . وهرج الفرس يهرج هرجا ، وهو مهراج ، وهو مهرج وهراج ، إذا اشتد عدوه ; قال العجاج :


                                                          غمر الأجاري مسحا مهرجا

                                                          وقال الآخر :


                                                          من كل هراج نبيل محزمه

                                                          التهذيب : ابن مقبل يصف فرسا :


                                                          هرج الوليد بخيط مبرم خلق     بين الرواجب في عود من العشر

                                                          قال : شبهه بخذروف الوليد في درور عدوه . وهرجت البعير تهريجا وأهرجته أيضا إذا حملت عليه في السير في الهاجرة حتى سدر . وهرج النبيذ فلانا إذا بلغ منه فانهرج وانهك . وقال خالد بن جنبة : باب مهروج ، وهو الذي لا يسد ، يدخله الخلق ، وقد هرجه الإنسان يهرجه أي تركه مفتوحا . والهرج : الضعيف من كل شيء ; قال أبو وجزة :


                                                          والكبش هرج إذا نب العتود له     زوزى بأليته للذل واعترفا

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية