الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم مسائل الرد أربعة أقسام ، لأن المردود عليه إما صنف أو أكثر وعلى كل إما أن يكون من لا يرد عليه أو لا يكون .

( ف ) الأول ( إن اتحد جنس المردود عليهم ) كبنتين أو أختين أو جدتين ( قسمت المسألة من عدد رءوسهم ) ابتداء قطعا للتطويل ( و ) الثاني ( إن كان ) المردود عليه ( جنسين ) أو ثلاثة لا أكثر [ ص: 789 ] بالاستقراء ( فمن عدد سهامهم ) فمن اثنين لو سدسان وثلاثة لو ثلث وسدس وأربعة لو نصف وسدس وخمسة كثلثين وسدس تقصيرا للمسافة ( و ) الثالث ( إن كان مع الأول ) أي الجنس الواحد ( من لا يرد عليه ) وهو الزوجان ( أعطى ) من لا يرد عليه ( فرضه من أقل مخارجه وقسم الثاني على ) رءوس ( من يرد عليه كزوج وثلاث بنات ) فهي من أربعة للزوج واحد وبقي ثلاثة وهي تستقيم عليهن فلا حاجة إلى الضرب ( وإن لم يستقم فإن وافق رءوسهم ) أي رءوس من يرد عليهم ( كزوج وست بنات ضرب وفقها ) وهو هنا اثنان ( في مخرج فرض من لا يرد عليه ) وهو هنا أربعة تبلغ ثمانية فللزوج اثنان وللبنات ستة ( وإلا ) يوافق بل باين ( ضرب كل ) عدد رءوسهم ( فيه ) أي المخرج المذكور ( كزوج وخمس بنات ) فالمخرج هنا أربعة للزوج واحد بقي ثلاثة تباين الخمسة فاضرب الأربعة في الخمسة تبلغ عشرين كان للزوج واحد اضربه في المضروب يكن خمسة فهي له والباقي ثلاثة اضربها في المضروب تبلغ خمسة عشر فلكل بنت ثلاثة .

[ ص: 790 ] ( و ) الرابع ( لو كان مع الثاني ) أي الجنين فقط لا أكثر هنا بحكم الاستقراء إذ لا يرد مع أربع طوائف أصلا بالاستقراء ولعل هذا نكتة اقتصاره فيما مر متنا على الجنين وإلا فيراد بالثاني بعضه لا كله فتأمل ( من لا يرد عليه فاقسم الباقي ) من مخرج فرض من لا يرد عليه ( على مسألة من يرد عليه ) إن استقام ( كزوجة وأربع جدات وست أخوات لأم ) فمخرج من لا يرد عليه أربعة للزوجة واحد بقي ثلاثة تستقيم على سهم الجدات وسهمي الأخوات لكنه منكسر على آحاد كل فريق كما سيجيء ( وإن لم يستقم ضرب جميع مسألة من يرد عليه في مخرج من لا يرد عليه ) فالمبلغ الحاصل بهذا الضرب مخرج فروض [ ص: 791 ] الفريقين كأربع زوجات وتسع بنات وست جدات فمخرج من لا يرد عليه ثمانية للزوجات الثمن واحد بقي سبعة لا تستقيم على مسألة من يرد عليه وهي هنا خمسة لأن الفرضين ثلثان وسدس فاضرب الخمسة في الثمانية تبلغ أربعين فهي مخرج فروض الفريقين ( ثم ضربت سهام من لا يرد عليه ) وهو سهم للزوجات ( في ) خمسة ( مسألة من يرد عليه ) يكن خمسة فهي حق الزوجات الأربع من الأربعين .

واضرب سهام كل فريق ممن يرد عليه وهي أربع للبنات وسهم للجدات ( فيما بقي ) أي في السبعة الباقية ( من مخرج فرض من لا يرد عليه ) يكن للبنات ثمانية وعشرون ، وللجدات سبعة فاستقام فرض كل فريق لكنه منكسر على آحاد كل فريق فصححه بالأصول السبعة الآتية في باب المخارج تصح من ألف وأربعمائة وأربعين وتصح الأولى من ثمانية وأربعين ولولا خشية الإطالة لأوسعت الكلام هنا .

التالي السابق


( قوله : أو أكثر ) أي صنفان أو ثلاثة لا أكثر كما سيذكره ( قوله : إما أن يكون ) أي يوجد ( قوله : إن اتحد جنس المردود عليهم ) يشمل ما لو كان ذلك لجنس شخصا واحدا أو أكثر ولذا مثل العلامة قاسم بقوله كأم أو جدة أو جدات أو بنت أو بنات أو بنت ابن أو بنات ابن أو أخوات لأبوين أو أخوات لأب أو واحد من ولد الأم أو أكثر ا هـ ( قوله : من عدد رءوسهم ) أي رءوس ذلك الجنس الواحد فيما إذا كان في المسألة أكثر من شخص واحد ورأس ذلك الشخص الواحد إن كان هو فيها وحينئذ تكون المسألة واحدا ا هـ شرح ابن الحنبلي ( قوله : قطعا للتطويل ) أي يجعل القسمة قسمة واحدة ألا ترى أنك إذا أعطيت كل واحد من الورثة ما استحقه من السهام ، ثم قسمت الباقي من سهامهم بينهم بقدر تلك السهام صارت القسمة مرتين ا هـ سيد ( قوله : جنسين أو ثلاثة ) أي بحسب سبب الإرث كالجدودة والأخوة [ ص: 789 ] والبنتية والأمومة ، وإن كان فرض الجنسين جنسا واحدا كالجدة والأخت لأم اللتين فرض كل منهما السدس أو كان فرض الاثنين من ثلاثة الأجناس جنسا واحدا كالبنت وبنت الابن والأم إذ البنتية سبب وبنتية الابن سبب آخر ، وإن شملهما مطلق البنتية ففي هذه المسألة ثلاثة أجناس لا جنسان فقط ا هـ ابن الحنبلي .

( قوله : بالاستقراء ) أي تتبع جزئيات من يرد عليه وهو متعلق بالفعل المحذوف المقدر بعد النافي أي لا يكون أكثر بالاستقراء ط ( قوله : فمن عدد سهامهم ) وهي أربعة لا غير الاثنان والثلاثة والأربعة والخمسة وقد ذكرها الشارح وكلها مقتطعة من ستة كما سنذكره ( قوله : لو سدسان ) كجدة وأخت لأم فالمسألة من ستة ولهما منها اثنان بالفريضة ، فاجعل الاثنين أصل المسألة واقسم التركة عليهما نصفين فلكل واحدة منهما نصف المال سيد ( قوله : لو ثلث وسدس ) كولدي الأم مع الأم فهي أيضا من ستة لولدي الأم الثلث وللأم السدس ، فاجعلها من ثلاثة عدد سهامهم وطريقه أن تنظر إلى ما في الأكثر من أمثال الأقل وتضمه إليه ففي الثلث سدسان فيضمهما إلى سدس الأم ا هـ قاسم ( قوله : لو نصف وسدس ) كبنت وبنت ابن أو بنت وأم لأن المسألة أيضا من ستة ، ومجموع السهام المأخوذة منها أربعة ثلاثة للبنت وواحد لبنت الابن أو الأم فاجعل المسألة من أربعة واقسم التركة أرباعا ثلاثة أرباعها للبنت وربع منها للأم أو بنت الابن ا هـ سيد ( قوله : كثلثين وسدس ) كبنتين وأم وإنما أتى بالكاف ولم يأت بلو كما في سوابقه لأن للخمسة ثلاث صور ثانيها نصف وسدسان كبنت وبنت ابن وأم ثالثها نصف وثلث كأخت لأبوين مع أم أو أختين لأم فالمسألة في هذه الصور الثلاث أيضا من ستة والسهام التي أخذت منها خمسة فتجعل أصل المسألة وتقسم التركة أخماسا .

[ تنبيه ] القسمة على الوجوه المذكورة إن استقامت على الورثة فذاك ، وإلا كما إذا خلف بنتا وثلاث بنات ابن فللبنت ثلاثة أسهم تستقيم عليها ولبنات الابن سهم واحد ، فلا يستقيم عليهن فاضرب الثلاثة أعني عدد رءوس من انكسر عليه في أصل المسألة وهي الأربعة ، فيصير اثني عشر للبنت منها تسعة ولبنات الابن ثلاثة منقسمة عليهن سيد ( قوله : والثالث ) أي من الأقسام الأربعة ( قوله : وقسم الباقي على رءوس من يرد عليه ) أي تقسم الباقي من ذلك المخرج على عدد رءوس ذلك الجنس الواحد كما كنت تقسم جميع المال على عدد رءوسهم إذا انفردوا عمن لا يرد عليه ( قوله : فهي من أربعة ) وأصلها من اثني عشر لاجتماع الربع والثلثين فيها ومثلها المسألتان الآتيتان ( قوله : وإن لم يستقم ) أي الباقي من ذلك المخرج ( قوله : ضرب وفقها ) أي وفق رءوسهم ( قوله : وهو هنا اثنان ) لأن عدد الرءوس ستة والباقي من المخرج ثلاثة والموافقة بينهما بالثلث ، ولا عبرة بالمداخلة هنا كما عرف في موضعه ( قوله : وإلا يوافق ) أي الباقي عدد رءوسهم .

( قوله : فاضرب الأربعة في الخمسة ) [ ص: 790 ] الموافق لسابقه ولاحقه فاضرب الخمسة في الأربعة ط لأن المضروب هو عدد الرءوس الخمسة والمضروب فيه هو المخرج وهو الأربعة ( قوله : والرابع ) أي من الأقسام الأربعة ( قوله : هنا ) أي في مسائل اجتماع من لا يرد عليه مع من يرد عليه أما عند انفراد من يرد عليه ، فقد يكون من ثلاثة كما صرح به الشارح فيما مر وذلك في صورة اجتماع النصف والسدسين ( قوله : إذ لا يرد مع أربع طوائف أصلا ) أي سواء كان أحدها من لا يرد عليه ، والثلاثة الباقية ممن يرد عليه ، أو كانت الأربعة ممن يرد عليه ( قوله : ولعل هذا ) أي عدم وجود الرد على أكثر من جنسين .

وحاصله : أن المصنف إنما اقتصر في الثاني على الجنسين حيث قال فيما مر ، وإن كان جنسين مع أنه يكون ثلاثة أيضا لأجل أن يصح قوله هنا : ولو كان مع الثاني إلخ إذ لا يصح أن يراد به الثلاثة ، حتى أنه لو لم يقتصر فيما مر على الجنسين بأن ذكر الثلاثة ، كما فعل في المنتقى وجب أن يراد هنا بالثاني بعضه ، وهو الجنسان لا كله ، وهو الثلاثة فاقتصاره فيما مر على الجنسين لا لعدم تأتي الثلاثة هناك ، بل لعدم تأتيها هنا بحكم الاستقراء الذي ذكره الشارح تبعا للسيد وغيره .

أقول : وهذا صحيح لو سلم الاستقراء وهو ممنوع ، لأنه وجد مسألة ردية اجتمع فيها أربع طوائف كزوجة وبنت وبنت ابن وأم أو جدة أصلها من أربعة وعشرين للزوجة الثمن ثلاثة ، وللبنت النصف اثنا عشر ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين أربعة ، وللأم أو الجدة السدس أربعة أيضا بقي واحد يرد على من عدا الزوجة وهم ثلاثة أجناس ، وتصح من أربعين كما ذكرته في الرحيق المختوم ، ثم رأيته هنا في حاشية يعقوب وشرح ابن الحنبلي وقال يعقوب : أنه من الشبه القديمة التي تورد في هذا المقام ا هـ وعليه فكان على المصنف أن يذكر في الثاني الثلاثة ، ويراد به في كلامه هنا كله لا بعضه وهو ما مشى عليه العلامة قاسم والباقاني وغيرهما وإن اعترضهم الشارح في الدر المنتقى ، وحكم عليهم بالسهو فإنه لا سهو في كلامهم بل هو الصواب لما علمت فتنبه لهذا المقام الذي هو مزلة الأقدام ( قوله : إن استقام ) أي على مسألة من يرد عليه أي على سهامهم ، سواء استقام على عدد رءوسهم أيضا أم لا فالثاني ما مثل به المصنف والأول كزوجة وجدة وأختين لأم ، فإن الثلاثة الباقية من مخرج فرض الزوجة تستقيم على سهم الجدة وسهمي الأختين وعلى رءوسهم أيضا ( قوله : لكنه منكسر على آحاد كل فريق ) أي على عدد رءوسهم لأن نصيب الجدات الأربع واحد لا يستقيم عليهن بل بينهما مباينة فحفظنا عدد رءوسهن بأسره .

وكذا نصيب الأخوات الست اثنان ، فلا يستقيمان عليهن ، لكن بين عدد رءوسهن وسهامهن موافقة بالنصف فرددنا عدد رءوس الأخوات إلى نصفها وهو ثلاثة ثم طلبنا التوافق بين أعداد الرءوس والرءوس فلم نجدها فضربنا وفق رءوس الأخوات وهو الثلاثة في عدد رءوس الجدات وهو الأربعة فحصل اثنا عشر ثم ضربناها في الأربعة التي هي مخرج فرض من لا يرد عليه فصار ثمانية وأربعين فمنها تصح المسألة كان للزوجة واحد ضربناه في المضروب الذي هو اثنا عشر فلم يتغير فأعطيناه الزوجة ، وكان للجدات أيضا واحد [ ص: 791 ] ضربناه في ذلك المضروب فكان اثني عشر ، فلكل واحدة منهن ثلاثة وكان للأخوات لأم اثنان فضربناهما فيه بلغ أربعة وعشرين فلكل واحدة منهن أربعة سيد ( قوله : الفريقين ) أي فريق من يرد عليه وفريق من لا يرد عليه ط ( قوله : كأربع زوجات إلخ ) أصل هذه المسألة من أربعة وعشرين ، لاختلاط الثمن بالثلثين والسدس لكنها ردية فرددناها إلى أقل مخارج فرض من لا يرد عليه وهو الثمانية سيد ( قوله : ثلثان وسدس ) فالثلثان فرض البنات بأربعة أسداس والسدس فرض الجدات والمجموع خمسة أسداس هي مسألة الرد .

( قوله : ثم ضربت إلخ ) هذا شروع في معرفة حصة كل فريق من الورثة من هذا المبلغ ط ( قوله : واضرب ) الأولى وضربت بالماضي ليناسب المعطوف عليه ( قوله : فاستقام فرض كل فريق ) أي ممن يرد عليه ومن لا يرد عليه ( قوله : لكنه منكسر إلخ ) أي وإن استقام على سهامهم لكنه منكسر على رءوسهم ولو كانت المسألة زوجة وسبع بنات وسبع جدات لتم العمل ، ولم يحتج إلى التصحيح الآتي ( قوله : فصححه بالأصول السبعة إلخ ) ثلاثة بين سهام كل فريق ورءوسهم وهي الانقسام ، والتوافق والتباين وأربعة بين الرءوس وبعضها مع بعض وهي التماثل والتداخل والتوافق والتباين ا هـ ح ففي مسألتنا للزوجات خمسة وعددهن أربعة لا تصح عليهن ، ولا توافق ، وللجدات سبعة وهن ستة لا تصح عليهن ، ولا توافق ، وللبنات ثمانية وعشرون وعددهن تسعة لا تصح عليهن ، ولا توافق فاجتمع معنا من الرءوس أربعة وستة وتسعة وبين الأربعة والستة موافقة بالنصف ، فتضرب نصف أحدهما في كامل الآخر تبلغ اثني عشر وبين اثني عشر والتسعة موافقة بالثلث ، فتضرب ثلث أحدهما في كامل الآخر يبلغ ستة وثلاثين وهي جزء السهم ، فتضربه في الأربعين يبلغ ألفا وأربعمائة وأربعين منها تصح كل من له شيء من الأربعين أخذه مضروبا في جزء السهم يخرج نصيبه للزوجات خمسة في ستة وثلاثين بمائة وثمانين لكل واحدة خمسة وأربعون وللجدات سبعة في ستة وثلاثين بمائتين واثنين وخمسين لكل واحدة اثنان وأربعون وللبنات ثمانية وعشرون في ستة وثلاثين تبلغ ألفا وثمانية لكل واحدة مائة واثنا عشر ا هـ سكب الأنهر ( قوله : وتصح الأولى من ثمانية وأربعين ) قدمنا تصحيحها منها موضحا والله تعالى أعلم .




الخدمات العلمية