الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          ( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون )

                          الآيات السابقة كانت تذكيرا بالنعم التاريخية الملية ، وبالتقصير في الشكر وعواقبه ، وذلك كالتفضيل على العالمين الذي يرفع النفس ، والإنجاء من آل فرعون ومن الغرق ، وإيتاء موسى الكتاب والآيات البينات ، وتسهيل المعيشة عليهم في التيه بما ساق الله إليهم من المن والسلوى ، ثم ما كان منهم في أثر كل نعمة وما أعقبه كفر النعم من النقم . ولم يذكر فيما سبق من الأحكام العملية إلا ما جاء على سبيل التبع لهذه الأصول . وفي هذه الآية وما بعدها التذكير بأمهات الأحكام في العبادات والمعاملات وما كان من إهمالها وترك العمل بها . هذا هو المراد أولا وبالذات على أن فيما يأتي إعادة الإشارة إلى بعض ما مضى ، قضى بها ما كان عليه اليهود من سوء الفهم وغلظ القلوب وكثرة المشاغبات والمماراة ، فالخطاب معهم دائما في باب الإطناب .

                          قال الأستاذ الإمام : لاحظ بعض البلغاء والمفسرين أن القرآن يطنب ويبدئ ويعيد في خطاب اليهود خاصة ، وذلك لما كانت شحنت به أذهانهم مما يسمى علما أو فقها ، فأبعدهم عن أن يصل شعاع الحق إلى ما وراء ذلك في نفوسهم ويكتفي بالإيجاز ، بل بالإشارة الدقيقة في خطاب العرب لما كانوا عليه من سرعة الفهم ورقة الإحساس لقربهم من السذاجة الفطرية ، فالإشارة إلى البرهان في ضمن تمثيل يغني عندهم عن الإسهاب والتطويل ؛ ولذلك خاطبهم بمثل قوله في الأصنام : ( وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ) ( 22 : 73 ) .

                          [ ص: 303 ] قوله - تعالى - : ( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل ) أي واذكر أيها الرسول إذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل ، وقد تقدم ذكر أخذ الميثاق عليهم في سياق خطابهم ، ولم يبينه لعلمهم به ، وقوله هنا : ( لا تعبدون إلا الله ) . . . إلخ بيان له - أي للميثاق - لا مقول قول محذوف كما قال المفسر .

                          يقال : أخذت عليك عهدا تفعل كذا ، كما تقول : أن تفعل كذا سواء ، وهو خبر بمعنى النهي للمبالغة والتأكيد ، يلاحظ فيه أن الأمر والنهي قد امتثل فيخبر بوقوعه ، أو إنه - لتوثيقه والتشديد في تأكيده - سيمتثل حتما فيخبر بأنه كائن لا محالة . ( أقول ) وهذا النهي عن عبادة غير الله مستلزم للأمر بعبادته - تعالى - ولم يصرح به ؛ ولأنهم كانوا يعبدون الله ، وإنما يخشى عليهم الشرك به كما وقع منهم في بعض الأجيال ومن غيرهم من الشعوب ، فالأصل الأول لدين الله على ألسنة جميع رسله هو أن يعبد الله وحده ، ولا يشرك به عبادة أحد سواه من ملك ولا بشر ولا ما دونهما بدعاء ولا بغيره من أنواع العبادة ، كما قال : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ) ( 4 : 36 ) فالتوحيد لا يحصل إلا بالجمع بين الأمرين .

                          قال - تعالى - : ( وبالوالدين إحسانا ) أي وتحسنون بالوالدين إحسانا ، والإحسان نهاية البر فيدخل فيه جميع ما يجب من الرعاية والعناية ، وقد أكد الله الأمر بإكرام الوالدين في التوراة حتى إنه يوجد فيها الآن أن من يسب والديه يقتل ، وقد قرن الأمر بالإحسان بالوالدين إلى الأمر بالتوحيد أو النهي عن الشرك ، فهو كقوله - تعالى - : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) ( 17 : 23 ) . وليست هذه العناية بأمر الوالدين في الكتب السماوية لكونهما سبب وجود الولد كما يقول الناس ، فإنه لا منة لهما على الولد بهذه السببية ؛ لأنها لم تكن إكراما له ولا عناية به ، كيف وهو لم يكن معروفا أو موجودا فيكرم ! ، وإنما كانت بباعث الشهوة وإرضاء النفس ، ومنهم من لم يكن يخطر بباله الولد إلا بعد الزواج بزمن طويل ، ومنهم من كان يود ألا يولد له ، أو أن يكون له ولد واحد أو ولدان فقط فيكون له أكثر . فإذا كان وجوب الإحسان بالوالدين معلولا لإرادتهما الولد ، فينبغي أن يخص هذا الإحسان بولد لم يكن لهما من الزوجية حظ سواه بعينه ، وهو ما لا وجود له ، ذلك كلام شعري ، والعلة الصحيحة في وجوب هذا الإحسان على الولد هي العناية الصادقة التي بذلاها في تربيته ، والقيام بشئونه أيام كان ضعيفا عاجزا جاهلا ، لا يملك لنفسه نفعا ، ولا يقدر أن يدفع عنها ضررا ، إذ كانا يحوطانه بالعناية والرعاية ، ويكفلانه حتى يقدر على الاستقلال والقيام بشأن نفسه ، فهذا هو الإحسان الذي يكون منهما عن علم واختيار ، بل مع الشغف الصحيح والحنان العظيم ، وما جزاء الإحسان إلا الإحسان ، وإذا وجب على الإنسان أن يشكر لكل من يساعده على أمر عسير فضله ، ويكافئه بما يليق به على حسب الحال في المساعد ، وما كانت به المساعدة ، فكيف لا يجب أن يكون الشكر للوالدين بعد الشكر لله - تعالى - وهما اللذان كانا يساعدانه على كل شيء أيام كان يتعذر عليه كل شيء ؟ ! .

                          [ ص: 304 ] وكذلك حب الوالدين للولد ليست علته - كما يقول الناس - كونه جزءا منهما وفلذة كبدهما ، هذا كلام شعري لا حقيقي أيضا ، فإن جسم الإنسان مركب من الأغذية النباتية والحيوانية ، فلو كانت العلة صحيحة ، لكان ينبغي أن يحب الحنطة والغنم أكثر مما يحب والديه ، وإنما لحب الوالدين الولد منبعان : ( أحدهما ) : حنان فطري أودعه الله - تعالى - فيهما لإتمام حكمته ( وثانيهما ) : ما جرت به سنة البشر من التفاخر بالأولاد ، ومن الأمل بالاستفادة منهم في المستقبل ، وليست الفائدة محصورة في المال والعون على المعيشة ، وإنما تتناول الشرف والجاه أيضا .


                          وكم أب قد علا بابن له شرفا كما علا برسول الله عدنان

                          ولما كان حب الوالدين للأولاد بمكانة من القوة لا يخشى زوالها ، ترك النص على الإحسان بهم وثنى بالإحسان بمن دونهم في النسب ، فقال : ( وذي القربى ) .

                          الإحسان هو الذي يقوي غرائز الفطرة ، ويوثق الروابط الطبيعية بين الأقربين حتى تبلغ البيوت في وحدة المصلحة درجة الكمال ، والأمة : تتألف من البيوت ( العائلات ) ، فصلاحها صلاحها ، وهاهنا قال الأستاذ كلمة جليلة وهي : ( ومن لم يكن له بيت لا تكون له أمة ) ، وذلك أن عاطفة التراحم وداعية التعاون إنما تكونان على أشدهما وأكملهما في الفطرة بين الوالدين والأولاد ، ثم بين سائر الأقربين ، فمن فسدت فطرته حتى لا خير فيه لأهله ، فأي خير يرجى منه للبعداء والأبعدين ؟ ومن لا خير فيه للناس لا يصلح أن يكون جزءا من بنية أمة ؛ لأنه لم تنفع فيه اللحمة النسبية التي هي أقوى لحمة طبيعية تصل بين الناس ، فأي لحمة بعدها تصله بغير الأهل فتجعله جزءا منهم يسره ما يسرهم ويؤلمه ما يؤلمهم ، ويرى منفعتهم عين منفعته ومضرتهم عين مضرته ، وهو ما يجب على كل شخص لأمته ؟ قضى نظام الفطرة بأن تكون نعرة القرابة أقوى من كل نعرة ، وصلتها أمتن من كل صلة ، فجاء الدين يقدم حقوق الأقربين على سائر الحقوق ، وجعل حقوقهم على حسب قربهم من الشخص .

                          ثم ذكر حقوق أهل الحاجة من سائر الناس فقال : ( واليتامى والمساكين ) ، واليتيم هو من مات أبوه وهو صغير ، وقد قدم الوصية به على الوصية بالمسكين ، ولم يقيدها بفقر ولا مسكنة ، فعلم أنها مقصودة لذاتها .

                          قال الأستاذ الإمام : أكد الله - تعالى - الوصية باليتيم ، وفي القرآن والسنة كثير من هذه الوصايا ، وحسبك أن القرآن نهى عن قهر اليتيم وشدد الوعيد على أكل ماله تشديدا خاصا ، ولو كان السر في ذلك غلبة المسكنة على اليتامى ، لاكتفى هنا بذكر المساكين . كلا إن السر في ذلك هو كون اليتيم لا يجد في الغالب من تبعثه عاطفة الرحمة الفطرية على العناية بتربيته والقيام بحفظ حقوقه ، والعناية بأموره الدينية والدنيوية ، فإن الأم إن وجدت تكون في الأغلب عاجزة ، ولا سيما إذا تزوجت بعد أبيه ، فأراد الله - تعالى - وهو أرحم الراحمين بما أكد من الوصية بالأيتام [ ص: 305 ] أن يكونوا من الناس بمنزلة أبنائهم يربونهم تربية دينية دنيوية ؛ لئلا يفسدوا ويفسد بهم غيرهم ، فينتشر الفساد في الأمة فتنحل انحلالا ، فالعناية بتربية اليتامى هي الذريعة لمنع كونهم قدوة سيئة لسائر الأولاد . والتربية لا تتيسر مع وجود هذه القدوة ، فإهمال اليتامى إهمال لسائر أولاد الأمة .

                          أما المساكين فلا يراد بهم هؤلاء السائلون الشحاذون الملحفون الذين يقدرون على كسب ما يفي بحاجاتهم ، أو يجدون ما ينفقون ولو لم يكتسبوا ، إلا أنهم اتخذوا السؤال حرفة ، يبتغون بها الثروة من حيث لا يعملون عملا ينفع الناس ، ولكن المسكين من يعجز عن كسب يكفيه .

                          وأما قوله - عز وجل : ( وقولوا للناس حسنا ) فهو كلام جديد له شأن مخصوص ، ولذلك تغير فيه الأسلوب ، فلم يرد على النسق الذي قبله مع دخوله في الميثاق ، فإنه بين فيما سبق الحقوق العملية وعبر عنها بالإحسان ، ويستحيل أن يحسن الإنسان بالفعل إلى جميع الناس ؛ لأنه لا يمكن أن يعامل جميع الناس ، فالذين لا بد له من معاملتهم هم أهل بيته وأقاربه الذين ينشأ فيهم ويتربى بينهم ، فجاء النص بوجوب الإحسان في معاملتهم لتصلح بذلك حال البيوت .

                          ثم إن اليتامى والمساكين من قومه هم الذين لا يستغنون عن إحسانه وإحسان أمثاله بالفعل ؛ لأنه لا قيم للأولين ، ولا غناء عند الآخرين ، ففرض عليه أن يجعل لهم حظا منه . ثم بعد بيان ما به إصلاح البيوت من إعانة الأقربين ، وما به صلاح بعض العامة من معونة اليتامى والمساكين على إصلاح بيوتهم ، بقي بيان حقوق سائر الأمة ، وهي النصيحة لهم ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيهم ، فهذا هو معنى قوله - تعالى - : ( وقولوا للناس حسنا ) ، وليس معناه مجرد التلطف بالقول والمجاملة في الخطاب ، فالحسن هو النافع في الدين أو الدنيا ، وهو لا يخرج عما ذكرنا ، فلما كان هذا النوع من الحقوق مستقلا بذاته جاء بأسلوب آخر ، ولا شك أن في القيام بهذه الفرائض إصلاح الأمة كلها .

                          جاء الأمر بالعبادة مجملا ليعلم الإنسان أنه مكلف بكل فرد من أفرادها بحسب الطاقة ، ولكن من العبادة ما لا يهتدي إليه الإنسان إلا بهداية إلهية ، وأكبر ذلك النوع إقامة الصلاة لإصلاح نفوس الأفراد ، وإيتاء الزكاة لإصلاح شئون الاجتماع ؛ لذلك قال - تعالى - - بعد ما تقدم : ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) ، وإنما إقامة الصلاة بالإخلاص لله والصدق في التوجه إليه والخشوع لعظمته وجلاله والاستكانة لعز سلطانه ، ولا تكون بمجرد الإتيان بصورة الصلاة ورسومها الظاهرة ، ولو كان هذا هو المراد لما وصفهم بالتولي والإعراض عنه ؛ فإنهم ما أعرضوا عن صورة الصلاة إلى ذلك اليوم الذي ذكرهم فيه بهذه الآيات وإلى هذا اليوم أيضا . وأما الزكاة فقد كان بعض أحبارهم يزعم أنها تلك المحرقات والقرابين المفروضة لتكفير الخطايا أو شكر الله - تعالى - على إخراجهم من مصر وغير ذلك من النعم . وليس الأمر كذلك ، [ ص: 306 ] فإن لهم زكوات مالية ، منها مال مخصوص يؤدى لآل هارون وهو إلى الآن في ( اللاويين ) ، ومنها مال للمساكين ، ومنها ما يؤخذ من ثمرات الأرض ، ومنها سبت الأرض ، وهو تركها في كل سبع سنين مرة بلا حرث ولا زرع ، وكل ما يخرج منها في تلك السنة ، فهو صدقة .

                          قال - تعالى - : ( ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون ) أي ثم كان من أمركم بعد هذا الميثاق الذي فيه سعادتكم ، أن توليتم عن العمل به ، وأنتم في حالة الإعراض عنه وعدم الاكتراث له ، وقد يتولى الإنسان منصرفا عن شيء وهو عازم على أن يعود إليه ويوفيه حقه ، فليس كل متول عن شيء معرضا عنه ومهملا له على الدوام ؛ لذلك كان ذكر هذا القيد ( وأنتم معرضون ) لازما لا بد منه ، وليس تكرارا كما يتوهم ، وإنما هو متمم للمعنى ، ومؤكد للمبالغة في الترك المستفاد من التولي .

                          قال الأستاذ الإمام : ولا حاجة إلى ما زاده المفسر من قوله : ( ( فقبلتم ذلك ) ليعطف عليه ( ثم توليتم ) ، فالمقام مقام وعيد وزجر وتوبيخ ، وفي كلمة ( ثم ) نفسها ما يفيد أن التولي لم يكن عقب أخذ الميثاق .

                          وقد كان سبب ذلك التولي مع الإعراض أن الله أمرهم أن لا يأخذوا الدين إلا في كتابه ، فاتخذوا أحبارهم أربابا من دون الله يحلون برأيهم ويحرمون ، ويبيحون باجتهادهم ويحظرون ، ويزيدون في الأحكام والشرائع ، ويضعون ما شاءوا من الاحتفالات والشعائر ، فصدق عليهم أنهم اتخذوا من دونه شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ، فإن الله هو الذي يضع الدين وحده ، وإنما العلماء أدلاء يستعان بهم على فهم كتابه وما شرع على ألسنة رسله ، وقد اتبع سنن اليهود في هذا التشريع جميع من بعدهم من أهل الملل ، وحكم الجميع عند الله - تعالى - واحد لا يختلف ، فهو لا يحابي أحدا ( ولا يظلم ربك أحدا ) ( 18 : 49 ) وكذلك كانوا قد قطعوا صلات القرابة ، وبخلوا بالنفقة الواجبة ، وتركوا النهي عن المنكر ، وفقدوا روح الصلاة ومنعوا الزكاة ، ولكنهم الآن عادوا إلى بعض ما تركوا ، ولم يعد الذين تشبهوا بهم أو اتبعوا بغير شعور سنتهم ، والأمر لله العلي الكبير .

                          وأما قوله : ( إلا قليلا منكم ) فهو استثناء لبعض من كانوا في زمن سيدنا موسى - عليه السلام - أو في كل زمن ، فإنه لا تخلو أمة من الأمم من المخلصين الذين يحافظون على الحق بحسب معرفتهم وقدر طاقتهم . والحكمة في ذكر هذا الاستثناء عدم بخس المحسنين حقهم ، وبيان أن وجود قليل من الصالحين في الأمة لا يمنع عنها العقاب الإلهي إذا فشا فيها المنكر ، وقل المعروف .

                          لو تدبر جهالنا هذه الآية ، لعلموا أنهم مغرورون بالاعتماد على الأقطاب والأوتاد والأبدال في تحمل البلاء عنهم ، ومنع العذاب أن ينزل بالأمة ببركتهم ، فلو فرض أن هؤلاء الأقطاب [ ص: 307 ] موجودون حقيقة ، فإن وجودهم لا يغني عن الأمة شيئا ، وقد عصى الله جماهيرها وقضوا ميثاقه الذي واثقهم به ، فقد جرت سنته - تعالى - في خلقه بأن بقاء الأمم عزيزة إنما يكون بمحافظة الجماهير فيها على الأخلاق والأعمال التي تكون بها العزة ويحفظ بها المجد والشرف .

                          ومن لم يعتبر بآيات الله في كتابه ، لا يعتبر بآياته وسننه في خلقه ، فقد فتن المسلمون في دينهم ودنياهم ، وحل بجميع بلادهم ما حل من البلاء وهم لا يعتبرون ، ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) ( 47 : 24 ) ، ( أو لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون ) ( 9 : 126 ) .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية