الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1062 ) مسألة : قال : ( ويكون في حال القيام متربعا ، ويثني رجليه في الركوع والسجود ) وجملته أنه يستحب للمتطوع جالسا أن يكون في حال القيام متربعا ، روي ذلك عن ابن عمر ، وأنس ، وابن سيرين ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، ومالك ، والثوري ، والشافعي ، وإسحاق . وعن أبي حنيفة كقولنا . وعنه يجلس كيف شاء . وروي عن ابن المسيب ، وعروة ، وابن عمر : يجلس كيف شاء ; لأن القيام سقط ، فسقطت هيئته . وروي عن ابن المسيب ، وعروة ، وابن سيرين ، وعمر بن عبد العزيز ، وعطاء الخراساني ، أنهم كانوا يحتبون في التطوع .

                                                                                                                                            واختلف فيه عن عطاء ، والنخعي . ولنا ، أن القيام يخالف القعود فينبغي أن تخالف هيئته في بدله هيئة غيره ، كمخالفة القيام غيره ، وهو مع هذا أبعد من السهو والاشتباه ، وليس إذا سقط القيام لمشقته يلزم سقوط ما لا مشقة فيه ، كمن سقط عنه الركوع والسجود ، لا يلزم سقوط الإيماء بهما . وهذا الذي ذكرنا من صفة الجلوس مستحب غير واجب ، إذ لم يرد بإيجابه دليل . فأما قوله : { ويثني رجليه في الركوع والسجود } . فقد روي عن أنس . قال أحمد : يروى عن أنس ، أنه صلى متربعا ، فلما ركع ثنى رجله . وهذا قول الثوري .

                                                                                                                                            وحكى ابن المنذر ، عن أحمد ، وإسحاق ، أنه لا يثني رجليه إلا في السجود خاصة ، ويكون في الركوع على هيئة القيام . وذكره أبو الخطاب . وهو قول أبي يوسف ومحمد ، وهو أقيس ; لأن هيئة الراكع في رجليه هيئة القائم ، فينبغي أن يكون على هيئته ، وهذا أصح في النظر إلا أن أحمد ذهب إلى فعل أنس ، وأخذ به . ( 1063 ) فصل : وهو مخير في الركوع والسجود ، إن شاء من قيام ، وإن شاء من قعود ; { لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل الأمرين } .

                                                                                                                                            { قالت عائشة : لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل قاعدا قط ، حتى أسن ، فكان يقرأ قاعدا ، حتى إذا أراد أن يركع ، قام فقرأ نحوا من ثلاثين آية ، أو أربعين آية ، ثم ركع } . متفق عليه . وعنها ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ليلا طويلا قائما ، وليلا طويلا قاعدا ، وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم ، وإذا قرأ وهو قاعد ركع وسجد وهو قاعد } . رواه مسلم . قال الترمذي : كلا الحديثين صحيح ، قال : وقال أحمد وإسحاق : والعمل على كلا الحديثين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية