الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في الكرم وحفظ المنطق

                                                                      4974 حدثنا سليمان بن داود أخبرنا ابن وهب قال أخبرني الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يقولن أحدكم الكرم فإن الكرم الرجل المسلم ولكن قولوا حدائق الأعناب

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( الكرم ) بسكون الراء وفتحها مصدر كرم يكرم يوصف به مبالغة على طريق رجل عدل يستوي فيه المذكر والمؤنث والتثنية والجمع ، يقال رجل كرم وامرأة كرم ورجلان كرم وامرأتان كرم ورجال كرم ونسوة كرم ، ويطلق على العنب وشجرة ، كذا قالوا .

                                                                      قلت : ويطلق أيضا على الحائط من العنب يدل عليه ما أخرجه الطبراني والبزار من حديث سمرة رفعه " أن اسم الرجل المؤمن في الكتب الكرم من أجل ما أكرمه الله على الخليفة وأنكم تدعون الحائط من العنب الكرم الحديث ، وهذا هو المناسب لرواية المؤلف ( وحفظ المنطق ) : أي وهذا باب حفظ المنطق وهو بفتح الميم وسكون النون مصدر ، قال في المصباح : نطق نطقا من باب ضرب ومنطقا .

                                                                      والنطق بالضم اسم منه والمعنى أن للرجل أن يحافظ في المنطق ويراعي في الكلام فلا يتكلم ولا ينطق بما تشتهيه نفسه بل لا بد له أن يستعمل في كلامه الألفاظ الواردة في [ ص: 258 ] الكتاب والسنة ويجتنب عن الألفاظ الجاهلية وعن العبارات التي ظاهرها مخالفة للأدب والمروءة .

                                                                      قلت : والأحاديث التي ساقها المؤلف في هذا الباب والأبواب التالية ، أكثرها داخل تحت هذه الترجمة أي حفظ المنطق ، والله أعلم .

                                                                      ( لا يقولن أحدكم الكرم ) : أي للعنب أو لحائطه . وهذا هو مناسب لقوله : " ولكن قولوا حدائق الأعناب " .

                                                                      قال الخطابي في المعالم : إنما نهاهم - عليه السلام - عن تسمية هذه الشجرة كرما لأن هذا الاسم مشتق عندهم من الكرم والعرب تقول رجل كرم بمعنى كريم وقوم كرم أي كرام ، فأشفق صلى الله عليه وسلم أن يدعوهم حسن أسمائها إلى شرب الخمر المتخذة من ثمرها فسلبها هذا الاسم وجعله صفة للمسلم الذي يتوقى شربها ويمنع نفسه الشهوة فيها عزة وتكرما . انتهى .

                                                                      [ ص: 259 ] قال المنذري : وقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تسموا العنب الكرم فإن الكرم الرجل المسلم .

                                                                      وأخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة . وأخرج مسلم من حديث وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تقولوا الكرم ولكن قولوا العنب والحبلة .

                                                                      [ ص: 260 ]



                                                                      الخدمات العلمية