الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وتعجب منهم في ظنهم خوفه من معبوداتهم بقوله منكرا : وكيف أخاف ما أشركتم أي : من دون الله من الأصنام وغيرها مع أنها لا تقدر على شيء [ ص: 166 ] ولا أي : والحال أنكم أنتم لا تخافون أنكم أشركتم بالله أي : المستجمع لصفات العظمة والقدرة على العذاب والنقمة .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان له - سبحانه - أن يفعل ما يشاء قال : ما لم ينـزل به أي : بإشراكه ; ولما كان المقام صعبا لأنه أصل الدين - أثبت الجار والمجرور وقدمه ، فقال : عليكم سلطانا أي : حجة تكون مانعة من إنزاله الغضب بكم ، والحاصل أنه - عليه السلام - أوقع الأمن في موضعه وهم أوقعوه في موضع الخوف ، فعجب منهم لذلك فبان أن هذا وقول شعيب - عليه السلام - في الأعراف وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا الآية ، وقوله تعالى في الكهف : ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله من مشكاة واحدة; ولما كان المحذور المنفي هنا إنما هو خوف الضرر من آلهتهم ، وكان حصول الضرر لمخالفها بواسطة أتباعها أو غيرهم من سنن الله الجارية في عباده - اقتصر الخليل - عليه السلام - على صفة الربوبية المقتضية للرأفة والرحمة والكفاية والحماية ، وقد وقع في قصته الأمران : إمكانهم من أسباب ضرره بإيقاد النار وإلقائهم له فيها ، ورحمته بجعلها عليه بردا وسلاما . ولما كان المحذور في قصة شعيب - عليه السلام - العود في ملتهم - زاد الإتيان بالاسم الأعظم الجامع لجميع الكمالات المنزه عن جميع النقائص المقتضي لاستحضار الجلال والعظمة والتفرد والكبر المانع من دنو ساحات الكفر ، [ ص: 167 ] والله الموفق .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما بان كالشمس بما أقام من الدليل أنه أحق بالأمن منهم ، قال مسببا عما مضى تقريرا لهم : فأي الفريقين أي : حزب الله وحزب ما أشركتم به ، ولم يقل : فأينا ، تعميما للمعنى أحق بالأمن وألزمهم بالجواب حتما بقوله : إن كنتم تعلمون أي : إن كان لكم علم فأخبروني عما سألتكم عنه;

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية