الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 401 ] ( فصل )

سن لمسافر : غير عاص به ولاه : أربعة برد ، ولو ببحر [ ص: 402 ] ذهابا قصدت دفعة

[ ص: 401 ]

التالي السابق


[ ص: 401 ] ( فصل ) في أحكام صلاة السفر

( سن ) بضم السين وشد النون سنة مؤكدة هذا هو الراجح . عياض في الإكمال كونه سنة هو المشهور من مذهب مالك ، وأكثر أصحابه ، وأكثر العلماء من السلف والخلف رضي الله تعالى عنهم ا هـ . وقيل فرض . وقيل مستحب . وقيل مباح . وعلى السنية ففي آكديته على الجماعة وعكسه قولا ابن رشد واللخمي ، فإذا لم يجد المسافر إلا مقيما يقتدي به فلا يقتدي به على الأول . ويندب اقتداؤه به على الثاني ( ل ) شخص ( مسافر ) رجل أو امرأة ولو على خلاف العادة بأن كان بطيران أو خطوة في لحظة ( غير عاص به ) أي بسبب السفر فالعاصي به كالآبق والعاق . وقاطع الطريق لا يسن له القصر ، بل يمنع . وقيل يكره ، فإن تاب في أثنائه فإن بقي بعدها أربعة برد قصر ، وإلا فلا . وإن عصى به في أثنائه أتم وجوبا من حينه ، فإن قصر العاصي به فلا يعيد على الصواب ، وأثم أو أساء . واحترز بقوله به عن العاصي فيه كشارب وزان فيسن له القصر اتفاقا .

( و ) غير ( لاه ) به فاللاهي به كالمسافر لمجرد التسلي لا يسن له القصر بل يكره . وقيل يباح فإن قصر فلا يعيد وصلة مسافر قوله ( أربعة برد ) بضم الموحدة والراء جمع بريد ، وهو أربعة فراسخ والفرسخ ثلاثة أميال والميل ألفا ذراع هذا هو المشهور . والصحيح أنه ثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع والذراع من طي المرفق لآخر الوسطى ثمانية وعشرون إصبعا عرضا والأصبع ست شعيرات والشعيرة ست شعرات من شعر البرذون وحدها بالزمن مرحلتان أي سير يومين معتدلين مع ليلتهما ، أو يوم وليلة بسير الإبل المثقلة بالأحمال على العادة من النزول للصلاة والراحة ، وإصلاح المتاع ، وقضاء الحاجة إن كان سفرها ببر .

بل ( ولو ) ، وكان سفرها ( ببحر ) كلها أو بعضها تقدمت مسافة البحر أو تأخرت إن كان [ ص: 402 ] السفر فيه بالمجاذيف أو بها وبالريح أو بالريح فقط وتقدمت مسافة البحر مطلقا أو تأخرت ، وكانت مسافة البر أربعة برد ، وإلا فلا يقصر في مسافة البر ، وتعتبر مسافة البحر وحدها ، فإن كانت أربعة برد قصر ، وإلا فلا . هذا تفصيل ابن المواز ، واقتصر عليه العوفي في شرح قواعد عياض واعتمده عج والعدوي . وقال عبد الملك يضم البحر للبر مطلقا .

وأشار ب ولو إلى القول بأن السفر في البحر إن كان بجانب البر فالعبرة بأربعة البرد ، وإلا فبسفر يومين فليس الخلاف في قصر المسافر في البحر ، بل في تحديد المسافة بأربعة البرد حال كون أربعة البرد ( ذهابا ) أي مذهوبا فيها أو ذات ذهاب أو هي الذهاب مبالغة أي ليست ملفقة من الذهاب والرجوع ( قصدت ) بضم فكسر أي أربعة البرد ، فإن لم تقصد كهائم وطالب رعي فلا يسن القصر ( دفعة ) بفتح الدال أي لم ينو إقامة أربعة أيام في أثنائها ، وإلا فلا يقصر فيها فليس المراد بكونها دفعة أن يسيرها سيرة واحدة ، ولا ينزل في أثناء سفرها أصلا ; لأن في هذا مشقة فادحة ودين الله يسر .




الخدمات العلمية