الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5168 [ ص: 376 ] 9 - باب: إذا وجد مع الصيد الكلب آخر

                                                                                                                                                                                                                              5486 - حدثنا آدم، حدثنا شعبة، عن عبد الله بن أبي السفر، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله، إني أرسل كلبي وأسمي فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أرسلت كلبك وسميت فأخذ فقتل فأكل فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه". قلت: إني أرسل كلبي أجد معه كلبا آخر، لا أدري أيهما أخذه. فقال: "لا تأكل، فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره". وسألته عن صيد المعراض، فقال: "إذا أصبت بحده فكل، وإذا أصبت بعرضه فقتل، فإنه- وقيذ فلا تأكل". [انظر: 175 - مسلم: 1929 - فتح:9 \ 612].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث شعبة عن عبد الله بن أبي السفر، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله، إني أرسل كلبي وأسمي فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أرسلت كلبك وسميت فأخذ فقتل فأكل فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه". قلت: إني أرسل كلبي فأجد معه كلبا آخر، فلا أدري أيهما أخذه. فقال: "لا تأكل، فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره". وسألته عن صيد المعراض، فقال: "إذا صدت بحده فكل، وإذا أصبت بعرضه فقتل -فإنه وقيذ- فلا تأكل".

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              جمهور العلماء بالحجاز والعراق متفقون أنه إذا أرسل كلبه على الصيد، ووجد معه كلب آخر ولا يدرى أيهما أخذه، فإنه لا يؤكل ذلك الصيد أخذا بحديث عدي المذكور، وممن قال ذلك عطاء والأربعة وأبو ثور، وقد بين الشارع المعنى في ذلك فقال: "إنما سميت على كلبك عند إرسالك، ولم تسم على غيره" فينبغي أن يكون

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 377 ] الصيد بإرسال ونية لله تعالى عند إرساله، وكان الأوزاعي يقول: إذا أرسل كلبه المعلم فعرض له كلب آخر معلم فقتلاه فهو حلال وإن كان غير معلم لم يؤكل. وعبارة القرطبي: الكلب المخالط (محمول) [على أنه] غير مرسل من صائد آخر وإنه إنما انبعث في حال طلبه الصيد بطبعه ونفسه، ولا يختلف في هذا فأما إذا أرسله صائد آخر على ذلك (الصيد) فاشترك الكلبان فيه: فإنه للصائدين، فلو أنفذ أحد الكلبين مقاتله ثم جاء الآخر بعد، فهو للأول .

                                                                                                                                                                                                                              ونقل ابن بطال عن بعض من لقيه: إن كان الكلب المعلم قد أرسله صاحبه فالمسألة إجماع على جواز أكله، ولو أن كلبا معلما انطلق على صيد وأخذه ولم يرسله أحد عليه أنه لا يجوز له أكله; لعدم الإرسال والنية وهذا إجماع.

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن المنذر: وإذا اجتمع أصحاب كلاب وأطلقوا كلابهم على صيد وسمى كل واحد منهم، ثم وجد الصيد قتيلا ولا يدرى من قتله منهم فكان أبو ثور يقول: إذا مات الصيد بينهم فإنه يؤكل وهذا إجماع، فإن اختلفوا فيه وكانت الكلاب متعلقة به كان بينهم، وإن كان مع واحد منهم كان صاحبه أولى، وإن كان قتيلا والكلاب ناحية أقرع بينهم فمن أصابته القرعة منهم كان له .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 378 ] وفي الحديث تنبيه على أنه لو وجد حيا أو فيه حياة مستقرة فذكاه حل، ولا يضر كونه اشترك في إمساكه كلبه وكلب غيره; لأن الاعتماد حينئذ على الإباحة على تذكية الآدمي، لا على إمساك الكلب وإنما تقع الإباحة بإمساك الكلب إذا قتله، وحينئذ إذا كان معه كلب آخر لم يحل إلا يكون أرسله من هو من أهل الذكاة.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية