الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          هزم

                                                          هزم : الهزم : غمزك الشيء تهزمه بيدك فينهزم في جوفه كما [ ص: 63 ] تغمز القناة فتنهزم ، وكذلك القربة تنهزم في جوفها ، وهزم الشيء يهزمه هزما فانهزم : غمزه بيده ، فصارت فيه وقرة ، كما يفعل بالقثاء ونحوه ، وكل موضع منهزم منه هزمة ، والجمع هزم وهزوم . وهزوم الجوف : مواضع الطعام والشراب لتطامنها ; قال :


                                                          حتى إذا ما بلت العكوما من قصب الأجواف والهزوما

                                                          والهزمة : ما تطامن من الأرض . الليث : الهزم ما اطمأن من الأرض . وفي الحديث : إذا عرستم فاجتنبوا هزم الأرض ، فإنها مأوى الهوام ، هو ما تهزم منها ، أي تشقق ، قال : ويجوز أن يكون جمع هزمة ، وهو المتطامن من الأرض ، والجمع هزوم ; قال :


                                                          كأنها بالخبت ذي الهزوم     وقد تدلى قائد النجوم
                                                          نواحة تبكي على حميم

                                                          وجاء في الحديث في زمزم : إنها هزمة جبريل - عليه السلام - أي ضرب برجله فانخفض المكان فنبع الماء ، وقيل : معناه أنه هزم الأرض أي كسر وجهها عن عينها حتى فاضت بالماء الرواء . وبئر هزيمة إذا خسفت وكسر جبلها ففاض الماء الرواء ، ومن هذا أخذ هزيمة الفرس ، وهو تصبب عرقه عند شدة جريه ; قال الجعدي :


                                                          فلما جرى الماء الحميم وأدركت     هزيمته الأولى التي كنت أطلب

                                                          وكل نقرة في الجسد هزمة ، والجمع كالجمع . والهزمة : النقرة في الصدر . وفي التفاحة إذا غمزتها بيدك ونحو ذلك . وفي حديث المغيرة : محزون الهزمة ، يعني الوهدة التي في أعلى الصدر ، وتحت العنق ، أي أن الموضع منه حزن خشن ، أو يريد ثقل الصدر من الحزن والكآبة . وهزم البئر : حفرها . والهزيمة : الركية ، وقيل : الركية التي خسفت وقطع حجرها ففاض ماؤها . والهزائم : البئار الكثيرة الماء ، وذلك لتطامنها ; قال الطرماح بن عدي :


                                                          أنا الطرماح وعمي حاتم     وسمي شكي ولساني عارم
                                                          كالبحر حين تنكد الهزائم

                                                          وسمي : من السمة ، وشكي أي موجع ، وتنكد أي يقل ماؤها ، وأراد بالهزائم آبارا كثيرة المياه . وهزوم الليل : صدوعه للصبح ; وأنشد للفرزدق :


                                                          وسوداء من ليل التمام اعتسفتها     إلى أن تجلى عن بياض هزومها

                                                          ابن الأعرابي : هي الخنعبة ، والنونة ، والثومة ، والهزمة ، والوهدة ، والقلدة ، والهرتمة ، والعرتمة ، والحثرمة ; قال الليث : الخنعبة مشق ما بين الشاربين بحيال الوترة . وهزمه هزما : ضربه فدخل ما بين وركيه وخرجت سرته . والهزمة والهزم والاهتزام والتهزم : الصوت . واهتزام الفرس : صوت جريه ; قال امرؤ القيس :


                                                          على الذبل جياش كأن اهتزامه     إذا جاش فيه حميه غلي مرجل

                                                          وهزمت القوس تهزم هزما وتهزمت : صوتت ; عن أبي حنيفة . وهزيم الرعد : صوته تهزم الرعد تهزما . والهزيم والمتهزم : الرعد الذي له صوت شبيه بالتكسر . وتهزمت السحابة بالماء واهتزمت : تشققت مع صوت عنه ; قال :


                                                          كانت إذا حالب الظلماء نبهها     قامت إلى حالب الظلماء

                                                          تهتزم أي تهتزم بالحلب لكثرته ; وأورد الأزهري هذا البيت شاهدا على جاء فلان يهتزم أي يسرع ، وفسره فقال : جاءت حالب الظلماء تهتزم أي جاءت إليه مسرعة . الأصمعي : السحاب تهتذم المتهزم والهزيم ، وهو الذي لرعده صوت ، يقال منه : سمعت هزمة الرعد ، قال الأصمعي : كأنه صوت فيه تشقق . والهزيم من الخيل : الشديد الصوت ; قال النجاشي :


                                                          ونجى ابن حرب سابح ذو علالة     أجش هزيم والرماح دواني

                                                          وقال ابن أم الحكم :


                                                          أجش هزيم جريه ذو علالة     وذلك خير في العناجيج صالح

                                                          وفرس هزم الصوت : يشبه صوته بصوت الرعد . وفرس هزيم : يتشقق بالجري . والهزيم : صوت جري الفرس . وقدر هزمة : شديدة الغليان يسمع لها صوت وقيل لابنة الخس : ما أطيب شيء ؟ قالت : لحم جزور سنمه ، في غداة شبمه ، بشفار خذمه ، في قدور هزمه . وفي حديث ابن عمر : في قدر هزمة من الهزيم ، وهو صوت الرعد ، يريد صوت غليانها . وقوس هزوم : بينة الهزم مرنة ; قال عمرو ذو الكلب :

                                                          وفي اليمن سمحة ذات هزم وتهزمت العصا وانهزمت : تشققت مع صوت ، وكذلك القوس ; قال :


                                                          ارم على قوسك ما لم تنهزم     رمي المضاء وجواد بن عتم

                                                          وقصب متهزم ومهزم أي كسر وشقق . وتهزمت القربة : يبست وتكسرت فصوتت . والهزوم : الكسور في القربة وغيرها ، واحدها هزم وهزمة . والهزيمة في القتال : الكسر والفل ، هزمه يهزمه هزما فانهزم ، وهزم القوم في الحرب ، والاسم الهزيمة والهزيمى ، وهزمت الجيش هزما وهزيمة فانهزموا ; وقول قيس بن عيزارة الهذلي :


                                                          وحبسن في هزم الضريع فكلها     حدباء بادية الضلوع حرود

                                                          إنما عنى بهزمه يبيسه المتكسر ، فإما أن يكون ذلك واحدا ، وإما أن يكون جمعا . وهزم الضريع : ما تكسر منه . والهزم : ما تكسر من الضريع وغيره . والتهزم : التكسر . وتهزم السقاء إذا يبس فتكسر . يقال : سقاء متهزم ومهزم إذا كان بعضه قد ثني على بعض مع جفاف . الأصمعي : الاهتزام من شيئين ، يقال للقربة إذا يبست وتكسرت . تهزمت ، ومنه الهزيمة في القتال ، إنما هو كسر والاهتزام من الصوت ، يقال : سمعت هزيم الرعد . وغيث هزيم : لا يستمسك كأنه منهزم عن سحابة ; قال :

                                                          [ ص: 64 ]

                                                          هزيم كأن البلق مجنوبة به تحامين     أنهارا فهن ضوارح

                                                          والهزم من الغيث : كالهزيم ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          تأوي إلى دفء أرطاة إذا عطفت     ألقت بوانيها عن غيث هزم

                                                          قوله : عن غيث هزم يعني غزارتها وكثرة حلبها . وغيث هزم : متهزم متبعق لا يستمسك كأنه متهزم عن مائه ، وكذلك هزيم السحاب ; وقال يزيد بن مفرغ :


                                                          سقى هزم الأوساط منبجس العرى     منازلها من مسرقان وسرقا

                                                          وهزم له حقه : كهضمه ، وهو من الكسر . وأصابتهم هازمة من هوازم الدهر أي داهية كاسرة . وقال أبو إسحاق في قوله - عز وجل - : فهزموهم بإذن الله ; معناه كسروهم وردوهم . وأصل الهزم كسر الشيء وثني بعضه على بعض . وهزمت عليك : عطفت ; قال أبو بدر السلمي :


                                                          هزمت عليك اليوم يا ابنة مالك     فجودي علينا بالنوال وأنعمي

                                                          قال أبو عمرو : وهو حرف غريب صحيح . والهزائم : العجائف من الدواب ، واحدتها هزيمة . وقال غيره : هي الهزم أيضا ، واحدتها هزمة . ابن السكيت : الهزيم السحاب المتشقق بالمطر ، والهزم سحاب رقيق يعترض وليس فيه ماء . واهتزم الشاة : ذبحها ; قال أباق الدبيري :


                                                          إني لأخشى ويحكم أن تحرموا     فاهتزموا من قبل أن تندموا

                                                          واهتزمت الشاة : ذبحتها . أبو عمرو : من أمثال العرب في انتهاز الفرص . اهتزموا ذبيحتكم ما دام بها طرق ; يقول : اذبحوها ما دامت سمينة قبل هزالها . والاهتزام : المبادرة إلى الأمر والإسراع . وجاء فلان يهتزم أي يسرع كأنه يبادر شيئا . ابن الأعرابي : هزمه أي قتله ، وأنقزه مثله . والهزم : المسان من المعزى ، واحدتها هزمة ; عن الشيباني . والمهزام : عود يجعل في رأسه نار ، تلعب به صبيان الأعراب ، وهو لعبة لهم ; قال جرير يهجو البعيث ويعرض بأمه :


                                                          كانت مجرئة تروز بكفها     كمر العبيد وتلعب المهزاما

                                                          أي تلعب بالمهزام ، فحذف الجار وأوصل الفعل ، وقد يجوز أن تجعل المهزام اسما للعبة ، فيكون المهزام هنا مصدرا لتلعب ، كما حكي من قولهم : قعد القرفصاء . الأزهري : المهزام لعبة لهم يلعبونها ، يغطى رأس أحدهم ثم يلطم ، وفي رواية : ثم تضرب استه ، ويقال له : من لطمك ؟ قال ابن الأثير : وهي العميضا ; وقال ابن الفرج : المهزام عصا قصيرة ، وهي المرزام ; وأنشد :


                                                          فشام فيها مثل مهزام العصا أو الغضى

                                                          ، ويروى : مثل مرزام . وفي الحديث : أول جمعة جمعت في الإسلام بالمدينة في هزم بني بياضة ; قال ابن الأثير : هو موضع بالمدينة . وبنو الهزم : بطن . والهيزم : لغة في الهيصم ، وهو الصلب الشديد . وهيزم ومهزم ومهزم ومهزام وهزام كلها : أسماء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية