الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ هضم ]

                                                          هضم : هضم الدواء الطعام يهضمه هضما : نهكه . والهضام والهضوم والهاضوم : كل دواء هضم طعاما كالجوارشن ، وهذا طعام سريع الانهضام وبطيء الانهضام . وهضمه يهضمه هضما واهتضمه وتهضمه : ظلمه وغصبه وقهره ، والاسم الهضيمة . ورجل هضيم ومهتضم : مظلوم . وهضمه حقه هضما : نقصه . وهضم له من حقه يهضم هضما : ترك له منه شيئا عن طيبة نفس . يقال : هضمت له من حظي طائفة أي تركته . ويقال : هضم له من حظه إذا كسر له منه . أبو عبيد : المتهضم والهضيم جميعا المظلوم . والهضيمة : أن يتهضمك القوم شيئا أي يظلموك . وهضم الشيء يهضمه هضما ، فهو مهضوم وهضيم : كسره . وهضم له من ماله يهضم هضما : كسر وأعطى . والهضام : المنفق لماله ، وهو الهضوم أيضا ، والجمع هضم ; قال زياد بن منقذ :


                                                          يا حبذا حين تمسي الريح باردة وادي أشي وفتيان به هضم

                                                          ويد هضوم : تجود بما لديها تلقيه فما تبقيه ، والجمع كالجمع ; قال الأعشى :


                                                          فأما إذا قعدوا في الندي     فأحلام عاد وأيد هضم

                                                          ورجل أهضم الكشحين أي منضمهما . والهضم : خمص البطون ولطف الكشح . والهضم في الإنسان : قلة انجفار الجنبين ولطافتهما ، ورجل أهضم بين الهضم ، وامرأة هضماء وهضيم ، وكذلك بطن هضيم ومهضوم وأهضم ; قال طرفة :


                                                          ولا خير فيه غير أن له غنى     وأن له كشحا إذا قام أهضما

                                                          والهضيم : اللطيف . والهضيم : النضيج . والهضم ، بالتحريك : انضمام الجنبين ، وهو في الفرس عيب . يقال : لا يسبق أهضم من غاية بعيدة أبدا . والهضم : استقامة الضلوع ودخول أعاليها ، وهو [ ص: 70 ] من عيوب الخيل التي تكون خلقة ، قال النابغة الجعدي :


                                                          خيط على زفرة فتم     ولم يرجع إلى دقة ولا هضم

                                                          يقول : إن هذا الفرس لسعة جوفه وإجفار محزمه كأنه زفر ، فلما اغترق نفسه بني على ذلك فلزمته تلك الزفرة ، فصيغ عليها لا يفارقها ; ومثله قول الآخر :

                                                          بنيت معاقمها على مطوائها أي كأنها تمطت ، فلما تناءت أطرافها ورحبت شحوتها صيغت على ذلك ، وفرس أهضم ، قال الأصمعي : لم يسبق في الحلبة قط أهضم ، وإنما الفرس بعنقه وبطنه ، والأنثى هضماء . والهضيم من النساء : اللطيفة الكشحين ، وكشح مهضوم ; وأنشد ابن بري لابن أحمر :


                                                          هضم إذا حب الفتار وهم     نصر وإذا ما استبطئ النصر

                                                          ورأيت هنا جزازة ملصقة في الكتاب فيها : هذا وهم من الشيخ ; لأن هضما هنا جمع هضوم الجواد المتلاف لماله ، بدليل قوله نصر جمع نصير ، قال : وكلاهما من أوصاف المذكر ; قال : ومثله قول زياد بن منقذ :


                                                          وحبذا حين تمسي الريح باردة     وادي أشي وفتيان به هضم

                                                          وقد تقدم ، وقوله : حين تمسي الريح باردة مثل قوله : إذا حب الفتار ، يعني أنهم يجودون في وقت الجدب وضيق العيش ، وأضيق ما كان عيشهم في زمن الشتاء ، وهذا بين لا خفاء به ; قال : وأما شاهد الهضيم اللطيفة الكشحين من النساء فقول امرئ القيس :


                                                          إذا قلت هاتي نوليني تمايلت     علي هضيم الكشح ريا المخلخل

                                                          وفي الحديث : أن امرأة رأت سعدا متجردا وهو أمير الكوفة ، فقالت : إن أميركم هذا لأهضم الكشحين أي منضمهما ; الهضم ، بالتحريك : انضمام الجنبين ، وأصل الهضم الكسر . وهضم الطعام : خفته . والهضم : التواضع . وفي حديث الحسن : وذكر أبا بكر فقال : والله ، إنه لخيرهم ، ولكن المؤمن يهضم نفسه ، أي يضع من قدره تواضعا . وقوله - عز وجل - : ونخل طلعها هضيم ; أي منهضم منضم في جوف الجف ، وقال الفراء : هضيم ما دام في كوافيره . والهضيم : اللين . وقال ابن الأعرابي : طلعها هضيم ، قال : مريء ، وقيل : ناعم ، وقيل : هضيم منهضم مدرك ، وقال الزجاج : الهضيم الداخل بعضه في بعض ، وقيل : هو مما قيل : إن رطبه بغير نوى ، وقيل : الهضيم الذي يتهشم تهشما ، ويقال للطلع هضيم ما لم يخرج من كفراه لدخول بعضه في بعض . وقال الأثرم : يقال للطعام الذي يعمل في وفاة الرجل الهضيمة ، والجمع الهضائم . والهاضم : الشادخ لما فيه رخاوة أو لين . قال ابن سيده : الهاضم ما فيه رخاوة أو لين ، صفة غالبة ، وقد هضمه فانهضم كالقصبة المهضومة ، وقصبة مهضومة ومهضمة وهضيم : للتي يزمر بها . ومزمار مهضم ، لأنه فيما يقال ، أكسار يضم بعضها إلى بعض ; قال لبيد يصف نهيق الحمار :


                                                          يرجع في الصوى بمهضمات     يجبن الصدر من قصب العوالي

                                                          شبه مخارج صوت حلقه بمهضمات المزامير ; قال عنترة :


                                                          بركت على ماء الرداع كأنما     بركت على قصب أجش مهضم

                                                          وأنشد ثعلب لمالك بن نويرة :


                                                          كأن هضيما من سرار معينا     تعاوره أجوافها مطلع الفجر

                                                          والهضم والهضم ، بالكسر : المطمئن من الأرض ، وقيل : بطن الوادي ، وقيل : غمض ، وربما أنبت ، والجمع أهضام وهضوم ; قال :


                                                          حتى إذا الوحش في أهضام     موردها تغيبت رابها من خيفة ريب

                                                          ونحو ذلك قال الليث في أهضام من الأرض . أبو عمرو : الهضم ما تطامن من الأرض ، وجمعه أهضام ; ومنه قولهم في التحذير من الأمر المخوف : الليل وأهضام الوادي ; يقول : فاحذر فإنك لا تدري لعل هناك من لا يؤمن اغتياله . وفي الحديث : العدو بأهضام الغيطان ; هي جمع هضم ، بالكسر ، وهو المطمئن من الأرض ، وقيل : هي أسافل الأودية من الهضم الكسر ، لأنها مكاسر . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : صرعى بأثناء هذا النهر وأهضام هذا الغائط . المؤرج : الأهضام الغيوب ، واحدها هضم ، وهو ما غيبها عن الناظر . ابن شميل : مسقط الجبل وهو ما هضم عليه أي دنا من السهل من أصله ، وما هضم عليه أي ما دنا منه . ويقال : هضم فلان على فلان أي هبط عليه ، وما شعروا بنا حتى هضمنا عليهم . وقال ابن السكيت : هو الهضم ، بكسر الهاء ، في غيوب الأرض . وتهضمت للقوم تهضما إذا انقدت لهم وتقاصرت . ورجل أهضم : غليظ الثنايا . وأهضم المهر للإرباع : دنا منه ، وكذلك الفصيل ، وكذلك الناقة والبهمة ، إلا أنه الفصيل والبهمة الإرباع والإسداس جميعا . الجوهري : وأهضمت الإبل للإجذاع وللإسداس جميعا إذا ذهبت رواضعها وطلع غيرها ، قال : وكذلك الغنم . يقال : أهضمت وأدرمت وأفرت . والمهضومة : ضرب من الطيب يخلط بالمسك والبان . والأهضام : الطيب ، وقيل : البخور ، وقيل : هو كل شيء يتبخر به غير العود واللبنى ، واحدها هضم وهضم وهضمة على توهم حذف الزائد ; قال الشاعر :


                                                          كأن ريح خزاماها وحنوتها     بالليل ريح يلنجوج وأهضام

                                                          وقال الأعشى :


                                                          وإذا ما الدخان شبه بالآ     نف يوما بشتوة أهضاما

                                                          يعني من شدة الزمان ; وأنشد في الأهضام البخور للعجاج :


                                                          كأن ريح جوفها المزبور مثواة     عطارين بالعطور أهضامها

                                                          والمسك والقفور القفور : الكافور ، وقيل : نبت . قال أبو منصور : أراه يصف حفرة حفرها الثور الوحشي فكنس فيها ، شبه رائحة بعرها برائحة هذه العطور . وأهضام تبالة : ما اطمأن من الأرض بين جبالها ; قال لبيد :


                                                          فالضيف والجار الجنيب كأنما     هبطا تبالة مخصبا أهضامها

                                                          [ ص: 71 ] وتبالة : بلد مخضب معروف . وأهضام تبالة : قراها . وبنو مهضمة : حي .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية