الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      باب الذكاة قال الزجاج الذكاة تمام الشيء ومنه الذكاة في السن وهو تمام السن وسمي الذبح ذكاة لأنه إتمام الزهوق وأصل ذلك قوله تعالى { إلا ما ذكيتم } أي أدركتموه وفيه حياة فأتممتموه ثم استعمل في الذبح سواء كان بعد جرح سابق أو ابتداء يقال : ذكى الشاة ونحوها تذكية أي ذبحها والاسم الذكاة فالمذبوح ذكي فعيل بمعنى مفعول .

                                                                                                                      ( وهي ) أي الذكاة شرعا ( ذبح ) مقدور عليه ( أو نحر مقدور عليه مباح أكله من حيوان يعيش في البر لا جراد ونحوه ) كالجندب والدبا بوزن عصا الجراد يتحرك قبل أن تثبت أجنحته ( بقطع حلقوم ومريء ) ويأتي بيانهما ( أو عقر إذا تعذر ) قطع الحلقوم والمريء ( فلا يباح شيء من الحيوان المقدور عليه من الصيد والأنعام والطير إلا بالذكاة إن كان مما يعيش في البر ) لقوله تعالى { إلا ما ذكيتم } ولأن الله تعالى حرم الميتة وهي ما زهقت نفسه بسبب غير مباح أو ليس بمقصود وما لم يذك فهو ميتة فيحرم لذلك ( إلا الجراد وشبهه ) كالجندب فيحل .

                                                                                                                      ( ولو مات بغير سبب من كبس وتغريق فأما السمك [ ص: 204 ] وشبهه ) من حيوانات البحر ( مما لا يعيش إلا في الماء فيباح بغير ذكاة سواء صاده إنسان أو نبذه البحر أو جزر الماء عنه ) ( أو حبس في الماء بحظيرة حتى يموت أو ذكاه أو عقره في الماء أو خارجه أو طفا عليه ) أي على الماء لعموم حديث ابن عمر مرفوعا قال { أحل لنا ميتتان ودمان فأما الميتتان فالحوت والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال } رواه أحمد وابن ماجه والدارقطني .

                                                                                                                      ( وما كان مأواه البحر وهو يعيش في البر ككلب الماء وطيره وسلحفاة وسرطان ونحو ذلك لم يبح المقدور عليه منه إلا بالتذكية ) لأنه لما كان يعيش في البر ألحق بحيوان البر احتياطا قال أحمد كلب الماء نذبحه ولا أرى بالسلحفاة بأسا إذا ذبح أما السلحفاة البرية فنقل الدميري عن الرافعي أنه رجح التحريم لأنها خبيثة لأنها تأكل الحيات ونقل عن ابن حزم أنه قال : بحلها برية كانت أو بحرية .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية