الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            كتاب الصيد أفرده لأنه مصدر ( والذبائح ) جمع ذبيحة وجمعها لأنها تكون بالسكين وبالسهم وبالجوارح ، والأصل فيه قوله تعالى { أحل لكم صيد البحر } وقوله { إلا ما ذكيتم } وقوله { وإذا حللتم فاصطادوا } ومن السنة ما سنذكره ، والرافعي ذكر هنا الصيد والذبائح والأطعمة والنذر فتبعه المصنف هنا وفاقا للمزني وأكثر الأصحاب ، وخالفه في الروضة فذكرها في آخر ربع العبادات لأن طلب الحلال فرض عين .

                                                                                                                            وأركان الذبح بالمعنى الحاصل بالمصدر أربعة ذبح وذابح وذبيح وآلة ( ذكاة الحيوان المأكول ) البري المطلوبة شرعا لحل أكله تحصل ( بذبحه في حلق ) وهو أعلى العنق ( أو لبة ) بفتح اللام وهي أسفله ( إن قدر عليه ) بالإجماع ، وروى الدارقطني والبيهقي عن [ ص: 112 ] أبي هريرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بديلا يصيح في فجاج منى : ألا إن الذكاة في الحلق واللبة } فلا يحل شيء من الحيوان المأكول من غير ذكاة ( وإلا ) أي وإن لم يقدر عليه ( فبعقر مزهق حيث كان ) والكلام في الذبح استقلالا ، فلا يرد الجنين لأن ذبحه بذبح أمه تبعا لخبر { ذكاة الجنين ذكاة أمه }

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 111 ] كتاب الصيد والذبائح ( قوله : مصدر ) أي في الأصل ، وإلا فهو هنا بمعنى المصيد فيجمع على صيود ( قوله : وأركان الذبح بالمعنى إلخ ) أي وهو الانذباح الذي هو أثر الفعل الحاصل في المذبوح ، والمراد بكونها أركانا له أنه لا بد لتحققه منها وإلا فليس واحد منها جزءا منه ( قوله : أو لبة ) لو شك بعد وقوع الفعل منه هل هو محلل أو محرم فهل يحل ذلك أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول لأن الأصل وقوعه على الصفة المجزئة ، وفي حاشية شيخنا الزيادي قوله فيه حياة مستقرة إلخ ، وفي اشتراط بقاء الحياة المستقرة إلى تمام الذبح خلاف ، وقد نقل الشيخان عن الإمام وأقره أنها لو كانت فيه عند ابتداء قطع المريء ولما قطعه مع بعض الحلقوم انتهى إلى حركة مذبوح لما ناله بقطع القفا حل ، لأن أقصى ما وقع التقييد به وجودها في الابتداء ، وقد أشار الشارح إلى هذا بقوله أوله ثم قال بعد ذلك يجب أن يسرع الذابح في الذبح ، فلو تأنى بحيث ظهر انتهاء الشاة قبل تمام قطع المذبح إلى حركة مذبوح لم يحل .

                                                                                                                            قال الرافعي : وهذا يخالف ما مر من أن الشرط وجودها في الابتداء ، فيشبه أن يكون المقصود هنا إذا تبين مصيره [ ص: 112 ] إلى حركة مذبوح وهناك إذا لم يتبين .

                                                                                                                            وقال النووي : هذا خلاف ما سبق تصريح الإمام به ، بل الجواب أن هذا مقصر بالتأني بخلاف الأول ا هـ ( قوله : بعث بديلا ) هو بديل بن ورقاء الخزاعي كما في المنتقى لابن تيمية ولفظه عن أبي هريرة قال { بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق يصيح في فجاج منى : ألا وإن الذكاة في الحلق واللبة ، ولا تعجلوا الأنفس أن تذهب ، وأيام منى أيام أكل وشرب وبعال } رواه الدارقطني ا هـ . وقد ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة في القسم الأول من الذين لهم صحبة ، وذكر بعض الحديث المذكور من طرق أخرى ( قوله : في فجاج منى ) أي نواحيها ( قوله : ألا إن الذكاة في الحلق ) أي لما قصر عنقه ، واللبة : أي لما طال عنقه ، والمراد أن هذا هو الأولى ( قوله : فلا يرد الجنين ) ومثل الجنين جنين في بطنه إن تصور ( قوله ذكاة أمه ) هو بالرفع : يعني أن الذكاة التي أحلت أمه أحلته ويجوز نصبه بنزع الخافض وهو الباء لا الكاف كما تقوله الحنفية



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 111 ] كتاب الصيد والذبائح ( قوله : أفرده لأنه مصدر ) أي إما على ظاهره وإما بمعنى اسم المفعول وهو المناسب للذبائح ، فإفراده حينئذ نظرا للفظه ، لكن الظاهر أن مراد الشارح الأول بدليل قوله لأنها تكون بالسكين وبالسهم وبالجوارح فقد استعمل الذبائح فيما يعم المصيدات ، وعليه فكان ينبغي في الترجمة باب الصيد والذبح والذبائح ، أو باب الذبح : أي الشامل للصيد نظير ما صنع الشارح في الذبائح فتأمل ( قوله : لأنها ) أي الذبيحة : أي ذبحها ( قوله : لأن طلب الحلال فرض عين ) هذا كما يحسن مناسبة لذكرها هناك يحسن أيضا مناسبة لذكرها عقب الجهاد ، والذي يظهر أن صاحب الروضة إنما ذكرها هناك لمناسبة الأضحية للهدي لاشتراكهما في أكثر الأحكام ، ومن ثم ذكرها عقبه قبل الصيد والذبائح ( قوله : بالمعنى الحاصل بالمصدر ) أي الانذباح ، وإنما فسره بهذا ليفارق الذبح الآتي الذي هو أحد الأركان لئلا يلزم اتحاد الكل والجزء ( قوله : وروى الدارقطني والبيهقي ) أي بإسناد فيه ضعف كما نبه عليه [ ص: 112 ] الأذرعي ، لكن رواه الشافعي موقوفا على ابن عمر وابن عباس رضي الله تعالى عنهم .

                                                                                                                            قال الأذرعي : ولا نعلم لهما مخالفا من الصحابة ( قوله : والكلام في الذبح استقلالا ) الأصوب والكلام في الزكاة إلخ ( قوله لأن ذبحه بذبح أمه ) عبارة التحفة : لأن الشارع جعل ذبح أمه زكاته




                                                                                                                            الخدمات العلمية