الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى: للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر (226):

ليس في نظم القرآن ما يدل على الجماع، ولا على الحلف على مدة معلومة، وإنما قال: ( للذين يؤلون ... تربص أربعة أشهر ) . [ ص: 148 ] واختلفت تصرفات العلماء في ذلك.

فمنهم من جرى على العموم، ومنهم من خص.

فممن خص ذلك علي وابن عباس، صارا إلى أنه لو حلف لا يقربها لأجل الرضاع، لم يكن مؤليا، وإنما يكون مؤليا إذا كان على وجه الغضب.

ومنهم من لم يفصل بين اليمين المانعة من الجماع، والكلام والاتفاق، ولا بين الرضا والغضب، وهو قول ابن سيرين.

والأكثرون على أنه لا يعتبر قصد المضارة، حتى لو آلى في حالة رضاها، كان به مؤليا.

والأولون يقولون: ما قصد حقها ولا مضارتها.

وفي قوله: غفور رحيم ما يدل على اعتبار قصد الإضرار.

فالأكثرون اعتبروا اليمين على ترك الجماع.

وقال الشافعي: إذا آلى أربعة أشهر ومضت المدة لم يكن مؤليا .

وأبو حنيفة يوقع به الطلاق، وإن لم يبق الإيلاء بعده، لأنه رأى أن قوله تعالى: تربص أربعة أشهر يدل على ما قاله.

ولكن الشافعي يقول: قوله: للذين يؤلون ... تربص يدل على أن مدة الأربعة أشهر حق له خالص، فلا يفوت به حق له، ولا يتوجه عليه مطالبة، أنه أجل مضروب له.

التالي السابق


الخدمات العلمية