الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
" ما يؤثر عنه في قسم الفيء والغنيمة والصدقات "

(أنبأني ) أبو عبد الله الحافظ (إجازة ) : أن [أبا ] العباس حدثهم : أنا الربيع ، قال : قال الشافعي : " [قال الله - عز وجل - ] : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) ، وقال : ( وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ) إلى قوله تعالى : ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) " .

" قال الشافعي : فالفيء والغنيمة يجتمعان : في أن فيهما [معا ] الخمس من جميعهما ، لمن سماه الله له . ومن سماه الله [له ] - في الآيتين معا - [ ص: 154 ] سواء مجتمعين غير مفترقين " .

" ثم يفترق الحكم في الأربعة الأخماس : بما بين الله (تبارك وتعالى ) على لسان نبيه (صلى الله عليه وسلم ) ، وفي فعله " .

" فإنه قسم أربعة أخماس الغنيمة - ، والغنيمة هي : الموجف عليها بالخيل ، والركاب . - : لمن حضر : من غني ، وفقير " .

" والفيء هو : ما لم يوجف عليه بخيل ، ولا ركاب . فكانت سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) - في قرى : " عرينة " التي أفاءها الله عليه . - : أن أربعة أخماسها لرسول الله (صلى الله عليه وسلم ) خاصة - دون المسلمين - : يضعه رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : حيث أراه الله تعالى " .

وذكر الشافعي هاهنا حديث عمر بن الخطاب (رضي الله عنه ) : أنه قال [حيث اختصم إليه العباس ، وعلي (رضي الله عنهما ) في أموال النبي - صلى الله عليه وسلم - ] : " كانت أموال بني النضير : مما أفاء الله على [ ص: 155 ] رسوله : مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ، ولا ركاب . فكانت لرسول الله (صلى الله عليه وسلم ) خالصا ، دون المسلمين . وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : ينفق منها على أهله نفقة سنة ، فما فضل جعله في الكراع ، والسلاح : عدة في سبيل الله " .

قال الشافعي (رحمه الله ) : " هذا : كلام عربي إنما يعني عمر (رضي الله عنه ) - [بقوله ] : " لرسول الله (صلى الله عليه وسلم ) خالصا " . - : ما كان يكون للمسلمين الموجفين ، وذلك : أربعة أخماس " .

[ ص: 156 ] " فاستدللت بخبر عمر : على أن الكل ليس لأهل الخمس : [مما أوجف عليه ] " .

" واستدللت : بقول الله (تبارك وتعالى ) في الحشر : ( فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) على : أن لهم الخمس ، فإن الخمس إذا كان لهم ، فلا يشك : أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) سلمه لهم " .

" واستدللنا - : إذ كان حكم الله في الأنفال : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) فاتفق الحكمان ، في سورة الحشر وسورة الأنفال ، لقوم موصوفين . - : أن ما لهم من ذلك : [ ص: 157 ] الخمس لا غيره " . وبسط الكلام في شرحه .

قال الشافعي : " ووجدت الله (عز وجل ) حكم في الخمس " : بأنه على خمسة ؛ لأن قول الله - عز وجل - : ( لله ) مفتاح كلام : لله كل شيء ، وله الأمر من قبل ، ومن بعد " .

قال الشافعي : " وقد مضى من كان ينفق عليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : [من أزواجه ، وغيرهن لو كان معهن ] " .

" فلم أعلم : أن أحدا - : من أهل العلم . - قال : لورثتهم تلك النفقة : [التي كانت لهم ] ، ولا خالف : في أن تجعل تلك النفقات : حيث كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ، يجعل فضول غلات تلك الأموال - : مما فيه صلاح الإسلام وأهله " . وبسط الكلام فيه .

[ ص: 158 ] قال الشافعي (رحمه الله ) : " ويقسم سهم ذي القربى على بني هاشم ، وبني المطلب " .

واستدل : بحديث جبير بن مطعم - : في قسمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ، سهم ذي القربى ، بين بني هاشم ، وبني المطلب . - ، وقوله : " إنما بنو هاشم ، وبنو المطلب : شيء واحد " . وهو مذكور بشواهده ، في موضعه من كتاب المبسوط ، والمعرفة ، والسنن .

* * *

قال الشافعي : " كل ما حصل - : مما غنم من أهل دار الحرب . - : قسم كله إلا الرجال البالغين : فالإمام فيهم ، بالخيار : بين أن يمن على من رأى منهم أو يقتل ، أو يفادي ، أو يسبي " .

[ ص: 159 ] " وسبيل ما سبى ، وما أخذ مما فادى - : سبيل ما سواه : من الغنيمة " .

واحتج - في القديم - : " بقول الله - عز وجل - : ( فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ) ، وذلك - في بيان اللغة - : قبل انقطاع الحرب " .

قال : " وكذلك فعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) في أسارى بدر : من عليهم ، وفداهم : والحرب بينه وبين قريش قائمة . وعرض على ثمامة [بن ] أثال [الحنفي ] - : وهو (يومئذ ) وقومه : أهل اليمامة حرب لرسول الله (صلى الله عليه وسلم ) . - : أن يمن عليه " . وبسط الكلام فيه .

* * *

[ ص: 160 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية