الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وزاد في الترهيب من التواني في السير والزيغ عن سوء القصد بقوله : أولئك أي : العالو الرتبة الذين قدمنا ذكرهم وأخبرنا أنهم لو أشركوا سقطت أعمالهم الذين آتيناهم أي : بعظمتنا الكتاب أي : الجامع لكل خير ، فمن ملك ما فيه من العلوم والمعارف حكم على البواطن ، وذلك لأن الناس يحبونه فينقادون له ببواطنهم والحكم أي : العمل المتقن بالعلم ، ومنه نفوذ الكلمة على الظواهر بالسلطنة وإن كرهت البواطن والنبوة أي : العلم المزين بالحكم وهي وضع كل شيء في أحق مواضعه ، فهي جامعة للمرتبتين الماضيتين ؛ فلذلك كان الأنبياء يحكمون على البواطن بما عندهم [ ص: 182 ] من العلم ، وعلى الظواهر بما يظهر من المعجزات; ثم سبب عن تعظيمها بذلك تعظيمها بأنها لا تبور ، فقال تسلية عن المصيبة بطعن الطاعنين فيها وإعراض الجاهلين عنها ، وترجية عندما يوجب اليأس من نفرة أكثر المدعوين : فإن يكفر بها أي : هذه الأشياء العظيمة هؤلاء أي : أهل مكة الذين أنت بين أظهرهم ، وقد حبوناهم بها على أتم وجه وأكمله وأعلاه وأجمله ، وأنت تدعوهم إلى أن يكونوا سعداء بما اشتملت عليه من الهدى وهم عنه معرضون ، ولعل الإشارة على هذا الوجه لتحقيرهم فقد وكلنا أي : لما لنا من العظمة في الماضي والحال والاستقبال بها قوما أي : ذوي قوة على القيام بالأمور بالإيمان بها والحفظ لحقوقها ليسوا وقدم الجار اهتماما فقال : بها بكافرين أي : بساترين الشيء مما ظهر من شموس أدلتها ، وهم الأنبياء ومن تبعهم ، وقد صدق الله - ومن أصدق من الله حديثا ! فقد جاء في هذه الأمة من العلماء الأخيار والراسخين الأحبار من لا يحصيهم إلا الله .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية