الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              5223 [ ص: 554 ] 36 - باب: إذا أصاب قوم غنيمة فذبح بعضهم غنما أو إبلا بغير أمر أصحابهم، لم تؤكل; لحديث رافع عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

                                                                                                                                                                                                                              وقال طاوس وعكرمة في ذبيحة السارق: اطرحوه.

                                                                                                                                                                                                                              5543 - حدثنا مسدد، حدثنا أبو الأحوص، حدثنا سعيد بن مسروق، عن عباية بن رفاعة، عن أبيه، عن جده رافع بن خديج قال: قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إننا نلقى العدو غدا، وليس معنا مدى. فقال: "ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكلوا، ما لم يكن سن ولا ظفر، وسأحدثكم عن ذلك، أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة". وتقدم سرعان الناس فأصابوا من الغنائم والنبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر الناس، فنصبوا قدورا، فأمر بها فأكفئت، وقسم بينهم وعدل بعيرا بعشر شياه، ثم ند بعير من أوائل القوم، ولم يكن معهم خيل، فرماه رجل بسهم فحبسه الله. فقال: "إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش، فما فعل منها هذا، فافعلوا مثل هذا". [انظر:

                                                                                                                                                                                                                              2488 - مسلم: 1968 - فتح:9 \ 672]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث رافع بطوله، وفيه: (وتقدم سرعان الناس فأصابوا من الغنائم) وسرعان الناس: أخفاؤهم وهم المستعجلون منهم، كذا رواه المتقنون وهو قول الكسائي وهو الوجه، وضبطه بعضهم بسكون الراء وله وجه، وضبطه الأصيلي وغيره: سرعان والأول أوجه، لكن يكون جمع سريع كقفيز وقفزان.

                                                                                                                                                                                                                              وحكى الخطابي عن بعضهم سرعان قال: وهو: خطأ: وأما قولهم سرعان ما فعلت بالفتح والضم والكسر .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 555 ] وقال ابن التين : ضبط بضم السين، والذي في "الصحاح": سرعان الناس -بالتحريك -أوائلهم; قال: وهنا يلزم الإعراب نونه من كل وجه .

                                                                                                                                                                                                                              قال: وقول طاوس وعكرمة لعله يريد على التنزه وإلا فإذا ضمنه صاحبها أو رضي أخذها فأكلها جائز، وقوله في الترجمة: (فذبح بعضهم إبلا أو غنما بغير أمر أصحابهم) هم سرعان الناس الذين فعلوه دون اتفاق من أصحابهم، وقد سلف في الجهاد أيضا ، وكذا معنى أمره بإكفاء القدور في الذبائح قريبا.

                                                                                                                                                                                                                              وأما ذبيحة السارق فقال ابن بطال : لا أعلم من تابع طاوسا وعكرمة على كراهة أكلها غير إسحاق بن راهويه، وجماعة الفقهاء على إجازتها، وأظن أن البخاري أراد نصر قول طاوس وعكرمة لحديث رافع وجعل أمره بإكفاء القدور حجة لمن كره ذبيحة السارق، ورأى الذين ذبحوا الغنائم بغير أمر أصحابهم في معنى ذبيحة السارق حين ذبحوا ما ليس لهم; لأنهم إنما ذبحوا في بلاد الإسلام بذي الحليفة قرب المدينة، كذا وقع وفيه نظر، وقد خرجوا من أرض العدو فلم يكن لبعضهم أن يستأثر بشيء منها دون أصحابه وليس في ذلك حجة قاطعة; لأنه قد اختلف في معنى أمره بإكفائها، وقيل: إنها كانت نهبة ولا تقطع على وجه من ذلك، واختلف أيضا في قطع من سرق من المغنم .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية