الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وإلى عاد أخاهم هودا الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن المنذر ، من طريق الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قوله : وإلى عاد أخاهم هودا ، قال : ليس بأخيهم في الدين ، ولكنه أخوهم في النسب ؛ لأنه منهم ، فلذلك جعله أخاهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج إسحاق بن بشر ، وابن عساكر ، عن الشرفي بن قطامي قال : هود اسمه عابر بن شالخ بن أرفشخذ بن سام بن نوح .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن ابن جريج قال : يزعمون أن هودا من بني عبد الضخم من حضرموت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج إسحاق بن بشر ، وابن عساكر من طريق عطاء ، عن ابن عباس قال : كان هود أول من تكلم بالعربية ، وولد لهود أربعة ؛ قحطان، [ ص: 446 ] ومقحط وقاحط وفالغ فهو أبو مضر ، وقحطان أبو اليمن ، والباقون ليس لهم نسل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ عن سفيان قال : من الأنبياء من العرب ؛ النبي صلى الله عليه وسلم ، وصالح ، وشعيب ، وهود ، وإسماعيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج إسحاق بن بشر ، وابن عساكر من طريق مقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، ومن طريق ابن إسحاق ، عن رجال سماهم ، ومن طريق الكلبي ، قالوا جميعا : إن عادا كانوا أصحاب أوثان يعبدونها ، اتخذوا أصناما على مثال : ود ، وسواع ، ويغوث ، ونسر ، فاتخذوا صنما يقال له : صمود ، وصنما يقال له : الهتال فبعث الله إليهم هودا ، وكان هود من قبيلة يقال لها الخلود ، وكان من أوسطهم نسبا ، وأفضلهم موضعا ، وأشرفهم نفسا، وأصبحهم وجها ، وكان في مثل أجسادهم ؛ أبيض جعدا بادي العنفقة ، [ ص: 447 ] طويل اللحية ، فدعاهم إلى الله ، وأمرهم أن يوحدوه ، وأن يكفوا عن ظلم الناس ، ولم يأمرهم بغير ذلك ، ولم يدعهم إلى شريعة ولا إلى صلاة ، فأبوا ذلك وكذبوه ، وقالوا : من أشد منا قوة ، [فصلت : 15] ، فذلك قوله تعالى : وإلى عاد أخاهم هودا ، كان من قومهم ، ولم يكن أخاهم في الدين ، قال يا قوم اعبدوا الله ، يعني : وحدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، ما لكم يقول : ليس لكم من إله غيره أفلا تتقون ، يعني : فكيف لا تتقون ؟ واذكروا إذ جعلكم خلفاء يعني : سكانا في الأرض ، من بعد قوم نوح فكيف لا تعتبرون فتؤمنوا ، وقد علمتم ما نزل بقوم نوح من النقمة حين عصوه؟ فاذكروا آلاء الله يعني : هذه النعم، لعلكم تفلحون أي كي تفلحوا ، وكانت منازلهم بالأحقاف ، والأحقاف : الرمل فيما بين عمان إلى حضرموت باليمن ، وكانوا مع ذلك قد أفسدوا في الأرض كلها ، وقهروا أهلها بفضل قوتهم التي آتاهم الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الربيع بن خثيم قال : كانت عاد ما بين اليمن إلى الشام مثل الذر .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 448 ] وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن السدي ، أن عادا كانوا باليمن بالأحقاف ، والأحقاف : هي الرمال ، وفي قوله : واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح قال : ذهب بقوم نوح واستخلفكم بعدهم وزادكم في الخلق بسطة قال : في الطول .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عساكر ، عن وهب قال : كان الرجل من عاد ستين ذراعا بذراعهم ، وكان هامة الرجل مثل القبة العظيمة ، وكان عين الرجل لتفرخ فيها السباع ، وكذلك مناخرهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة : وزادكم في الخلق بسطة قال : ذكر لنا أنهم كانوا اثني عشر ذراعا طولا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن عبد الله بن عمرو قال : كان الرجل ممن كان قبلكم بين منكبيه ميل [ ص: 449 ] وأخرج الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول " ، عن ابن عباس قال : كان الرجل في خلقه ثمانون باعا ، وكانت البرة فيهم ككلية البقر ، والرمانة الواحدة يقعد في قشرها عشرة نفر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس وزادكم في الخلق بسطة قال : شدة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد" ، وابن أبي حاتم ، عن أبي هريرة قال : إن كان الرجل من قوم عاد ليتخذ المصراع من الحجارة لو اجتمع عليه خمسمائة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن يقلوه ، وإن كان أحدهم ليدخل قدمه في الأرض فتدخل فيها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الزبير بن بكار في "الموفقيات " ، عن ثور بن زيد الديلمي قال : قرأت كتابا : أنا شداد بن عاد ، أنا الذي رفعت العماد ، وأنا الذي سددت بذراعي بطن واد ، وأنا الذي كنزت كنزا في البحر على تسع أذرع ، لا يخرجه إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 450 ] وأخرج ابن بكار ، عن ثور بن زيد [168و] قال : جئت اليمن فإذا أنا برجل لم أر أطول منه قط ، فعجبت ، قالوا : تعجب من هذا قلت : والله ما رأيت أطول من ذا قط ، قالوا : فوالله لقد وجدنا ساقا أو ذراعا ، فذرعناها بذراع هذا فوجدناها ست عشرة ذراعا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الزبير بن بكار ، عن زيد بن أسلم قال : كان في الزمن الأول تمضي أربعمائة سنة ولم يسمع فيها بجنازة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن ابن عباس في قوله : آلاء الله قال : نعم الله ، وفي قوله : رجس قال : سخط .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن زيد في قوله : قد وقع عليكم من ربكم رجس قال : جاءهم منه عذاب والرجس : كله عذاب في القرآن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطستي ، عن ابن عباس ، أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : رجس وغضب قال : الرجس : اللعنة والغضب : العذاب قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر وهو يقول :


                                                                                                                                                                                                                                      إذا سنة كانت بنجد محيطة وكان عليهم رجسها وعذابها

                                                                                                                                                                                                                                      .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية